على رغم ارتياح اثاره انتخاب "المجلس الفرنسي للديانة المسلمة" الذي يعد اول هيئة تمثيلية للمسلمين في فرنسا تتابع قضاياهم لدى السلطات، فإن الانتخاب ترافق ايضاً مع نقد وتشكيك في جدوى هذا المجلس، في اوساط الجالية المسلمة وخارجها. وهناك من يأخذ على المجلس المكون من 41 عضواً ان التمثيل في اطاره اقتصر على المنظمات والهيئات الكبرى وخلا من تمثيل مختلف الحساسيات. ويذكر ان مقاعد المجلس توزعت بين "الفيديرالية العامة لمسلمي فرنسا" التي فازت ب16 مقعداً، و"اتحاد المنظمات الاسلامية الفرنسية" التي فازت ب12 مقعداً، ومسجد باريس الذي فاز بستة مقاعد، فيما توزعت ستة مقاعد اخرى بين لائحتين مستقلتين وأخرى تمثل اقليم سان - دونيه دو لا ريونيون. ومن جهة اخرى، اخذ البعض على المجلس ضعف تمثيله للاسلام الاكثر اعتدالاً من خلال مسجد باريس الذي فاز بعدد محدود من المقاعد، علماً ان رئاسة المجلس ستعود لمدة سنتين لإمامه دليل بو بكر. وترافق هذا النوع من الانتقادات التي ترددت في اوساط الجالية المسلمة، مع تشكيك في جدوى المجلس في بعض الاوساط الفرنسية التي تأخذ على وزير الداخلية نيكولا ساركوزي تدخله بقوة لدى منظمات وهيئات الجالية المسلمة لحملها على انجاز نهج الاستشارة الذي كان بدأه سلفه جان - بيار شوفنمان وأدى الى انتخابات المجلس التي اجريت على مرحلتين يومي أحد في 6 و13 الشهر الجاري. ورأى البعض ان ساركوزي اقدم على انتهاك مبدأ الفصل بين الدولة والدين القائم في فرنسا منذ سنة 1905 من خلال تدخله الشخصي لتذليل العقبات التي كانت حالت على مدى السنوات العشر الماضية دون تمكين مسلمي فرنسا من انشاء هيئة تمثيلية خاصة بهم على غرار الديانات الاخرى. فبركة واعتبر البعض الآخر ان المجلس انبثق عن ارادة رسمية "بفبركة اسلام على الطريقة الفرنسية"، وان مثل هذا المجلس عاجز عن تمثيل الحساسيات المختلفة القائمة في صفوف المسلمين الفرنسيين وفقاً لبلدانهم الاصلية ومذاهبهم المتعددة. وسأل اصحاب هذا الرأي كيف سيتولى المجلس تعميم مواقفه على الجالية المسلمة التي يقدر عدد افرادها بنحو خمسة ملايين مسلم، اذا كان لا يعبر من حيث تكوينه عن حساسياتها وآرائها المختلفة. وهناك اخيراً على غرار الكاردينال جان - ماري لوستيجيه، من اخذ على المجلس طابعه التمثيلي الديني وعدم تعبيره عن الهوية الثقافية للمسلمين من خلال خلوه لممثلين عن افراد الجالية غير المنتمين الى منظمات او هيئات دينية. وعكست تلك الانتقادات جوانب مختلفة من واقع المسلمين الفرنسيين الذي بات ساركوزي يعرفه جيداً، والذي حمله على الاسراع في استكمال نهج الاستشارة وصولاً الى انتخاب المجلس. وعندما تولى ساركوزي وزارة الداخلية قرر اعطاء الملفات العالقة لديها منذ سنوات ومن ضمنها ملف تنظيم الاسلام في فرنسا الاولوية، خصوصاً ان الوقت حان في رأيه لاضفاء وجه واضح ومعروف على هذا الاسلام بما يتيح تبديد الريبة التي يثيرها في بعض الاوساط الفرنسية. واعتبر ان مثل هذا العمل ينطوي على ضرورة ملحة لطمأنة المسلمين وحملهم على الثقة بأن مكانتهم محفوظة لدى الجمهورية وتبديد الخلط الذي برز منذ مدة بين الاسلام والتطرف.