أعلن قائد القيادة الأميركية في أوروبا الجنرال جيمس جونز أن واشنطن تدرس خططاً بديلة من نشر قوات في الأراضي التركية، تمهيداً لحرب محتملة على العراق، معرباً عن أمله بإمكان عبور القوات الأميركية من تركيا إلى شمال العراق. ورفض رئيس الوزراء التركي عبدالله غل أمس تأكيد أو نفي احتمال عرض مذكرة لحكومته على البرلمان مجدداً، بعدما رفضها في التصويت الأول، السبت الماضي، وهي تجيز نشر 62 ألف جندي أميركي في الأراضي التركية. وانعكس قرار البرلمان على أسواق الأسهم والعملة في تركيا، فهبطت الليرة خمسة في المئة في مقابل الدولار، فيما انخفضت الأسهم نحو 11 في المئة. وشدد غل على ثقته بأن ذلك القرار لن يؤثر في دعم الصندوق الدولي بلاده، في حين أكد المصرف المركزي استعداده لضخ أموال في الأسواق. وأشار وزير المال كمال اوناكتيلن إلى أن حكومة غل أخذت في الاعتبار آثار الحرب، لدى وضع مشروع الموازنة. ويعتقد أن قرار البرلمان سيرغم البنتاغون على مراجعة خططه. وقال أحد مسؤوليه ليل الأحد إن "أي قرار بديل" لم يتخذ، لكن الصحف الأميركية ومسؤولين آخرين أكدوا وجود "خطة بديلة" من الانتشار العسكري عبر الأراضي التركية. وكان انتشار 62 ألف عنصر من سلاح المشاة سيسمح للبنتاغون في حال تقررت الحرب، بشن هجوم على شمال العراق، في حين تتقدم القوات التي حشدت في منطقة الخليج عبر الجنوب. وكان يفترض دخول 20 ألفاً من العناصر المنتشرين في تركيا إلى العراق، لفتح جبهة شمالية، تستهدف خصوصاً حقول النفط في كردستان، ومنطقة تكريت، مسقط رأس الرئيس صدام حسين. وقال المسؤول الثاني في البنتاغون بول وولفوفيتز الأسبوع الماضي: "ما نأمله من تركيا هو منحنا القدرة على تشكيل تهديد عسكري كبير جداً لصدام، من كل الاتجاهات". وأوضح بعد أيام قليلة في مقابلة مع محطة "سكاي نيوز" التلفزيونية البريطانية ان الانتشار الأميركي في تركيا "قد ينقذ الكثير من الأرواح، لأنه كلما كانت الحرب أقصر كان الأمر أفضل". ومارست واشنطن ضغوطاً كبيرة جداً على أنقرة، للحصول على إذن بنشر حوالى 62 ألف عسكري، وذهبت إلى حد اقتراح مساعدة بستة بلايين دولار. ولمح الأميركيون الجمعة إلى أن صبرهم على وشك أن ينفد، وحذر مسؤول من أنه في حال جاء تصويت البرلمان التركي "متأخراً"، فإن واشنطن قد تدرس خيارات أخرى لنشر قواتها. وشكك السيناتور الديموقراطي جوزف بيدن، الذي زار تركيا وكردستان العراق في كانون الأول ديسمبر، في إمكان تراجع البرلمانيين الأتراك عن رفضهم، لكنه شدد على أن ذلك "لن يؤثر في شكل جوهري في قدرتنا على التغلب عسكرياً". وزاد في مقابلة مع محطة "فوكس" التلفزيونية الأميركية، ان الجيش الأميركي قادر على نقل فرقة إلى شمال العراق جواً. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أول من أمس أن خبراء الاستراتيجيا الأميركيين كانوا ينتظرون نتائج اجتماع حكومي تركي مقرر الأحد، قبل البدء بتنفيذ "الخطة البديلة". وأوضحت أن هذه الخطة "أكثر كلفة وأصعب من الناحية العسكرية، وتبدأ بإقامة جسر جوي، وقد يتخللها في نهاية المطاف نشر قوات أميركية ومصفحات على طول مئات الكيلومترات في الصحراء من الكويت حتى شمال العراق في حال بدء اجتياح". وقال الجنرال جوزف رالستون الذي كان قائد قوات الحلف الأطلسي في أوروبا: "في حال قرر الرئيس عملية عسكرية في العراق، يمكننا تنفيذها مع خيار الشمال أو من دونه". وأوضح في مقابلة مع شبكة "سي بي اس" أن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال تومي فرانكس "ليس من الذين يكتفون بوضع خطة وحيدة". واتفق وبيدن على القلق من انعكاسات القرار الأميركي على الاستقرار في العراق، في مرحلة ما بعد الحرب. واعتبر بيدن أن ذلك سيحد من قدرة واشنطن على أن تكون "الوسيط بين الأكراد والأتراك". وشدد زعيم "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا رجب طيب اردوغان على أن "العلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية بين تركيا والولايات المتحدة، لا يمكن أن تفسد، لأنها لم تتوطد خلال يوم". وفي بغداد، كتبت صحيفة "الثورة" الناطقة باسم حزب "البعث" الحاكم في العراق، ان إعادة عرض مذكرة الحكومة التركية على البرلمان تعني "إصراراً على تمريرها"، متسائلة عن المبرر بعد التصويت الأول. وتابعت: "العراق لم يبادر إلى أي عمل يمكن أن يوصف بأنه عدواني ازاء تركيا، بل كان حريصاً على توثيق علاقاته معها، فما مسوّغ تقديم التسهيلات" للقوات الأميركية؟ مسيرة أربيل وفي أربيل خرج أمس عشرات الآلاف من الأكراد العراقيين إلى الشوارع، للاحتجاج على خطط تركيا للتدخل عسكرياً في المناطق الخاضعة للإدارة الكردية في شمال العراق. وتراوحت تقديرات الأكراد للمشاركين في المسيرة بين مئة ألف ونصف مليون، رفعوا لافتات بالكردية والعربية والانكليزية كتب عليها "كردستان مقبرة الجيش التركي"، و"أميركا ملتزمة حماية الأكراد". وكان تردد أن أنقرة سترسل حوالى أربعين ألف جندي إلى شمال العراق ل"ضبط الوضع" لدى اندلاع الحرب، والحؤول دون قيام "دولة انفصالية" كردية. ويتضمن الشق العسكري من الاتفاق التركي - الأميركي حضوراً تركياً لدى تسليح الأكراد العراقيين مع بدء الحرب، وكذلك لدى تجريدهم من السلاح بعد انتهائها.