في إطار عمله مع الشباب في مجال التنمية، يواصل "اتحاد غوث الأولاد الأميركي" SAVE THE CHILDREN تنفيذ برامجه المقرّرة في الدول العربية التي ينشط فيها كمنظمة غير حكومية، من بينها مشروع حول القيادات الشبابية الصاعدة تشاركه فيه مؤسسة "فورد" Ford Fondation و"جامعة هوبكينز" Hopkens University. ويقوم المشروع الجديد على مبدأ تهيئة المناخ الخصب للتحاور مع الشباب والجمعيات والبلديات والحكومات حول مفهوم القيادة والأدوار المنوطة بها، بهدف تعريف الشباب أولاً بخصائص القيادة وميزاتها لتمكينهم من لعب دورٍ فاعل في تغيير "المفهوم التقليدي للقائد" العالق في الذهنية العربية، وثانياً لتحقيق مشاركة أوسع وأفضل للشباب والنساء في تحديد مشكلاتهم ومشكلات مجتمعهم وحلّها لتحسين ظروف حياتهم. ولتحقيق هذا الهدف، يعتمد البرنامج على إشراك أوسع شريحة شبابية في منافسة إيجابية، ينتخب فيها في المرحلة الأخيرة على صعيد كل دولة معنية بالمشروع خمسة أشخاص شبان ونساء ومؤسستان تعملان في إطار التنمية الشبابية، ليشكّلوا معاً النموذج الأصلح للقيادة الشبابية، وليكوّنوا مادةً للدليل الحواريّ، الذي سيتمّ اعتماده كأساسٍ في عمليات النقاش المنتظرة مع مؤسسات المجتمع المدني ومع المراكز الحكومية المعنية بالشباب. ويشمل المشروع أربع دولٍ عربية هي: لبنان، الأردن، مصر وفلسطين، يتمّ العمل بدايةً في كلٍّ منها في شكلٍ مستقلٍّ، ليصبح في مرحلة أخرى موحّداً حين تختار لجنة إقليمية مؤلّفة من شركاء البرنامج في الدول الأربع أشخاصاً خمسة ومؤسستين عن كل دولة. ويشرح كمال شيّا، منسّق المشروع في اتحاد غوث الأولاد - مكتب لبنان، الدوافع التي جعلت من المشروع "ضرورةً لا غنى عنها" في مسار التنمية الشبابية، فيعتبر أنها في مجملها "أسباب اجتماعية وترسّبات سياسية قديمة ترسّخت في البنية الاجتماعية العربية. فالسلطة الأبوية وذكورية المجتمع والعلاقة العامودية بين الأجيال وغياب الديموقراطية وضعف النظام التربوي وسوء القيادة الحالية والمشاركة المنقوصة في الحياة المدنية... وغيرها، كلّها أسباب سلبية تعوق بروز قيادات شبابية صاعدة تساعد على تنمية المجتمع وتطوّره". ولأن له في لبنان تجارب ناجحةً في العمل مع مؤسسات المجتمع المدني اللبنانية والفلسطينية في عددٍ من البرامج، اعتمد الاتحاد على تلك المؤسسات في تنفيذ مراحل المشروع من خلال الاتصال بشبابها والعمل معهم وتوسيع الرقعة الجغرافية لتشمل كل المحافظاتاللبنانية من دون استثناء. وتميّز العمل في بيروت باعتماد منهجية العمل مع المؤسسات مباشرةً، خلافاً لما جرى في العواصم العربية الأخرى، حيث اعتمدت منهجية الاستعانة بالدراسات الاجتماعية لتنظيم مجموعات نقاش يتم منها اختيار الشباب المشاركين في المشروع. وعن هوية تلك الجمعيات والمؤسسات التي يتعاون معها الاتحاد، يؤكّد شيّا أن التنسيق يتمّ على أساس المعيار الوطني، "فنحن في الاتحاد نملك رؤية وسياسة في مجال العمل التنموي، ونعمل على تجاوز المشكلة الطائفية من خلال تجاوزنا الجمعيات الطائفية المحصورة أعمالها في الإطار المذهبي أو الفئوي ونحاول جاهدين أن نفتح ثغرةً في جدار التخلّف لمصلحة التطوّر والنهوض". وفي الإجابة عن التساؤلات أو الظنون التي قد تعتبر أن "غوث الأولاد" يهدف من وراء المشروع إلى ترويج أفكار جديدة لا تتناسب وطبيعة المجتمعات العربية، وأنه يسعى من وراء "الحوار" مع الشباب إلى إدخال مفاهيم غربية في النسيج الاجتماعي العربي في مرحلة سياسية حسّاسة تمرّ فيها المنطقة العربية، يدافع شيّا عن المعايير المنتقاة للمشروع وعن المفاهيم التنموية المعمول بها، ويشرح "أنها أوّلاً مقاييس عالمية وهي ثانياً خلاصة العمل الميداني والجهود التي بذلت على مدى سنين عدّة في إطار العمل التنموي في الدول العربية، أي أنها إبنة هذا المجتمع العربي وليست دخيلة عليه". ويتابع شيّا "أن الهدف من إنتاج الدليل الحواري هو في المحصلة تجميع النماذج العربية المنتخبة من الدول الأربع في وثائق نصيّة وعلى شرائط فيديو لتشكّل مجتمعة موضوعات للحوار السلبي أو الإيجابي وليس لتكون نموذجاً منزّلاً غير قابلٍ للتعديل". ثمّ يقدّم شيّا شرحه لمفهوم القيادة من وجهة نظر اتحاد غوث الأولاد فيختصرها بمجموعة عناوين، من العمل الجماعي إلى المبادرة الفردية إلى الاستفادة من خبرات الآخرين واستثمار طاقات المجموعة إلى تشجيع الشباب على التعاون من أجل التكامل... إلخ. ولا يخفي طموح المشروع للتواصل الجدّي مع المؤسسات الرسمية، والسعي الى تنفيذ موقع على شبكة الإنترنت للتحاور مع الشباب العالمي، "ونحن نتمنى التعاون مع أية وسيلة إعلامية مرئية للإعلان عن برنامجنا الموجّه الى كل الشباب العربي".