دعت روسيا الى توحيد الجهود الدولية لوقف الحرب على العراق. وقال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري بعد لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان "اتفاقاً حصل على مواصلة التشاور للتنسيق في مجمل القضايا ولا سيما العراق وأزمة الشرق الأوسط. وكان الجو إيجابياً وصريحاً". وقال وزير الخارجية ايغور ايفانوف بعد لقاء الحريري: "مهمتنا الرئيسة تتمثل في الانهاء السريع لهذه الحرب التي تأتي بالكثير من المعاناة للمدنيين وبالكثير من الضحايا والتدمير وضرورة تحويل هذا الموضوع الى المجرى السياسي أو استئناف العمل السياسي نحو ايجاد حل لهذه القضية". وأبدى ايفانوف قلقه ازاء الوضع في العراق وفي منطقة الشرق الأوسط وقال: "علينا ان نضم الجهود الدولية ونوحدها لوقف الحرب". وكانت موسكو المحطة الأخيرة للحريري في جولته الخارجية. وأوضح في ختام محادثاته مع ايفانوف حضرها السفير اللبناني في موسكو بطرس عساكر "ان الحرب على العراق ما زالت في بدايتها، وكما ترون هناك الكثير من التدمير وقتل الأبرياء والمدنيين والأطفال، ومهما كانت نتائج الحرب، فإن الأمر الأكيد هو انها ستزيد من عدد اليائسين وتقفل أمامهم أبواب المستقبل كما ستزيد عدد الذين يتجهون نحو التطرف ويبتعدون عن الاعتدال، وهذا حتماً لا يصب في مصلحة الاستقرار داخل منطقة الشرق الأوسط ولا في أوروبا ولا في روسيا ولا في أي مكان في العالم". وكان الحريري ألقى خطاباً في معهد العلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية خلال احتفال منح خلاله شهادة دكتوراه شرف تقديراً لمساعدته وإسهامه في تعزيز العلاقات بين لبنانوروسيا. وقام رئيس المعهد أناتولي تاركانوف بإلباسه الثوب الأكاديمي التقليدي. ورأى الحريري "اننا أمام محاولة إعادة تشكيل العلاقات والنظام العالمي بأسره، ولكن من خلال القوة. فالحرب الدائرة الآن في العراق أدت الى تغيير جذري في العلاقات الدولية كما عرفناها على مستوى أكثر من خمسين سنة، والأممالمتحدة تواجه اليوم أكبر اختبار لدورها وموقعها منذ تأسيسها والتحالفات الدولية تشهد اعادة صوغ وفرز، والشرعية الدولية كانت أولى ضحايا الحرب على العراق". وأعرب الحريري عن خوفه على وحدة العراق وسلامة أراضيه، وخشيته من ان تؤدي الحرب الى التطرف والعنف "ما يدعونا جميعاً الى مقاربة جديدة وجريئة قائمة على المزيد من التنسيق والتعاون والحوار"، مشدداً على أهمية التمسّك بمبادئ العدالة والقانون الدولي لتجنّب الكوارث والحروب. ودعا الى "رفع مستوى اتصالاتنا وتعميق حوارنا في شكل يرقى الى التحديات التي تواجهنا وتقوية المؤسسات الدولية وتنشيطها والعمل المتعدد الأطراف لا سيما الأممالمتحدة ومنظماتها المختلفة وتثبيتها كأحد أبرز دعائم الحفاظ على السلام العالمي والحوار بين شعوب العالم كما يستدعي دعم سياسات الاعتدال في منطقتنا والعالم". واذ نبّه الى محاولات "تدمير المؤسسات التي أسهمت الأسرة الدولية في إنشائها"، وأشار الى ان دول الشرق الأوسط في حاجة الى الديموقراطية التي لا تفرض بالقوّة، شدّد على حاجة العالم العربي الى إعادة النظر في نظامه الحالي "الا ان ذلك لا يتم من خلال تدمير المنطقة وزعزعة استقرارها". ولفت الى ان مسؤولية المنطقة مسؤولية كل من له مصلحة في هذا الاستقرار ولروسيا علاقات تاريخية وثيقة بالعالم العربي ونتطلع الى التعاون مع جميع اصدقائنا". موسكو: الحرب لن تكون سهلة قال مسؤول روسي بارز ان الحرب الاميركية - البريطانية الحقيقية على العراق بدأت الآن على رغم انقضاء اكثر من اسبوع على اندلاعها، متوقعاً ان تستغرق اكثر من ثلاثة اسابيع وتنتهي بضرب القدرة العسكرية للعراق، ما سيحول دون تكليف القوى الامنية الذاتية العراقية بمهمات أمنية في غياب قوى الغزو على الارض. وأكد المسؤول الروسي ل"الحياة" ان الحرب ستطيح النظام العراقي الحالي، "لكن الثمن سيكون باهظاً على واشنطن ولندن في مقابل الثمن الاكبر الذي سيدفعه الشعب العراقي"، لافتاً الى ان "اشعارهما بأن الحرب لن تكون نزهة من شأنه اقناعهما بصعوبة شن حرب مماثلة ضد دول اخرى في المنطقة". ورأى المسؤول الروسي ان موسكو وعدداً من الدول الاوروبية وفي طليعتها فرنسا وألمانيا كانت صائبة في تقديراتها بأن الحرب لن تكون سهلة، خلافاً للتقديرات الاميركية والبريطانية. وأوضح انه لم يعرف الجهة التي زودت الادارة الاميركية معلومات خاطئة تتعلق بالمزاج الشعبي في العراق فور اندلاع الحرب. لكنه لمح الى ان اطرافاً عربية وغربية، رفض تسميتها، ضخت معلومات الى واشنطن بأن الاطاحة بالرئىس العراقي صدام حسين لن تواجه مقاومة في الداخل، بل ستحظى بتأييد من مختلف الشرائح السياسية والطائفية في العراق. وأكد ان خلاف الدول المناوئة للحرب مع واشنطن يكمن في ان الاخيرة تود الحصول على غطاء مجاني "من دون ان تفصح عما لديها من افكار تتعلق بمرحلة ما بعد انتهاء الحرب على رغم اننا وقفنا ضدها ليس لأن لدينا مصالح مباشرة مع بغداد فحسب بل لأن الحرب ستدور في المدن وستؤدي حتماً الى عدم خروج واشنطن منتصرة بالكامل بل سيكون هناك جريح اسمه الدور الاميركي في المنطقة، ومستقبله في مقابل ضحية هي الشعب العراقي الذي لن يسلم بسهولة بالهزيمة". وقال المسؤول الروسي ان خروج واشنطن عن المرجعية الدولية الأممالمتحدة سابقة خطرة. مشيراً الى ان الشيء الوحيد الذي تبلغته الدول المناهضة للحرب ومن دون اي تفاصيل هو ان واشنطن لن تقسم العراق وستقوم في المرحلة الاولى باحداث تقسيمات ادارية موقتة وغير طائفية تتيح لها توفير ادارة انتقالية ريثما تتمكن من تثبيت الاستقرار. لكن المسؤول الروسي اكد ايضاً ان الادارة الاميركية كانت ابلغت اثناء اعدادها للحرب عدداً من الدول الاوروبية بأنها ستعد العدة لعقد ما يشبه موتمراً دولياً، الا انها لم تفصح عن الاهداف من وراء الدعوة وما اذا كانت ستقتصر على اعادة تركيب النظام الجديد في بغداد. ولفت المسؤول الروسي الى ان موسكو ومعظم الدول الاوروبية المنضوية في المعسكر الرافض للحرب، تشاطر رئىس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري مخاوفه من ان الحرب تستهدف المنطقة من خلال ضرب العراق لا سيما ان مسؤولين اميركيين بدأوا شن الحملات السياسية ضد سورية ولبنان وايران. وأضاف: "يجب التنبه الى استهداف منطقة الشرق الاوسط"، مشيراً الى استعداد اوروبي - روسي للتعاون منذ الآن مع سورية ولبنان لمنع اي تداعيات امنية وسياسية للحرب على الوضع في الشرق الاوسط. مؤكداً ان الظروف الراهنة باتت ملحة لاستنهاض القوى المناوئة للحرب، ليس لقطع الطريق على انتقال الحرب الى منطقة جديدة بل لتحقيق التوازن الذي يدفع بالادارة الاميركية الى اعادة النظر في حساباتها لجهة اعتبارها ان توفير الظروف لاعادة تحريك العملية السلمية امر ضروري. وإذ لم يخف المسؤول الروسي قلقه حيال لجوء اسرائىل الى تحريض واشنطن من اجل توسيع رقعة الحرب، قال ان بلاده "تتفق وباريس وعدد من العواصم العربية على ان الحديث عن احياء خريطة الطريق لن يترجم الى خطوات عملية إلا بشرط التزام واشنطن بتعهداتها لئلا يبقى من هذا المشروع الذي اعدته اللجنة الرباعية الخريطة وتضيع الطريق المؤدية الى قيام دولة فلسطينية". وأبدى المسؤول نفسه ارتياحه الى الطريقة التي تعاطي القيادة الفلسطينية مع خريطة الطريق. وهو يلتقي في هذا الخصوص مع ما كان ابلغه الرئىس الفرنسي جاك شيراك الى الحريري بأنه يدعو الفلسطينيين الى القيام بكل ما عليهم من تكليف محمود عباس - ابو مازن - برئاسة الحكومة الى الاسراع في تشكيلها وفي اعداد الدستور الفلسطيني الجديد، لأن استجابة القيادة الفلسطينية متمثلة برئيسها ياسر عرفات لكل الشروط والافكار المقترحة في خريطة الطريق تضع رئيس وزراء اسرائيل آرييل شارون في المأزق من ناحية وتختبر مدى جدية واشنطن في السير بها حتى النهاية من جهة ثانية. وأعرب المسؤول الروسي عن خشيته من هروب واشنطن الى الامام تارة بذريعة التفرغ لمعالجة تداعيات الحرب وتارة اخرى بحجة اقتراب موعد الانتخابات بهدف انقاذ شارون من الورطة في حال عدم قدرته على فرض خريطة طريق جديدة اسرائىلية لا يمكن للقيادة الفلسطينية ولا للدول العربية القبول بها.