"جئنا الى دمشق ليس هرباً من الحرب ولا خوفاً منها، لكننا سئمنا كثرة الحروب". هذا ما يقوله أحد العراقيين النازحين إلى سورية الذين بلغوا الآلاف ما شكّل "قلقاً" للسلطات العراقية فاضطرت إلى إغلاق الحدود مع سورية، كما تقول مصادر العراقيين الآتين. وعلى رغم الازدحام المنقطع النظير لآلاف العراقيين الراغبين في دخول الأراضي السورية، عبر منفذي "التنف" في الجنوب و"اليعربية" في الشمال، فإن عملية النزوح لم تبدأ فقط في اليومين الماضيين. بل ان عدداً من الأسر "الثرية" و"الميسورة" بدأ التوافد الى سورية منذ اسابيع، ما أدى الى ارتفاع أسعار الشقق المعدة للإيجار في دمشق وضواحيها وبلغ إيجار بعضها مستوى خيالياً. واكد العديد من أصحاب المكاتب العقارية ان كل الشقق السكنية المعدة للايجار لديهم نفد، وان هناك عدداً كبيراً من العائلات العراقية لا يزال يبحث عن مساكن. وقال عاطف هيكل، وهو مدير مكتب عقاري في حي المزة ان اسعار المنازل في منطقته ارتفعت اكثر من مئة في المئة بعدما زاد الطلب عليها من العائلات العراقية، ووصلت اسعار بعض الشقق في منطقة المزة احد احياء دمشق الراقية الى اكثر من 150 الف ليرة شهرياً اي ثلاثة آلاف دولار. هذا الوضع دفع أصحاب المكاتب الى إغراء أصحاب الشقق الخالية بتأجيرها للعراقيين بأسعار خيالية بعد ان كانوا يحجمون عن التأجير "لعدم حاجتهم اولاً ولخوفهم من تعرضها للتخريب". في المقابل تشكل مناطق "السيدة زينب" و"المخيم" والأحياء الشعبية الأقل كلفة المكان الأنسب للعائلات الفقيرة نظراً الى انخفاض إيجار الشقق فيها اضافة الى الحياة المعيشية البسيطة. ويروي نازحون التقتهم "الحياة" أحوال العراقيين في العراق الذين "لم يبق الا الفقراء منهم ممن يعتبرون انفسهم من الاموات في كل الاحوال". ويقولون ان أجرة سيارة النقل من بغداد الى الحدود السورية ارتفعت من نحو 50 دولاراً الى بضع مئات من الدولارات. ويشير هؤلاء الى انهم دفعوا امس 800 دولار للسيارة التي نقلتهم الى دمشق. ويشرح المواطن العراقي حسن المالكي ل"الحياة" الوضع داخل العراق، قائلاً انه "سيئ جداً". وبدأت السلطات العراقية حفر "نهر اصطناعي" يحيط ببغداد زود بالنفط لإشعاله اثناء الضربة للتشويش على القوات الاميركية في حال نفّذت عملية إنزال في العاصمة". ويوضح أمير العراقي 32 سنة، وهو من النجف ان السلطات أوعزت للمواطنين بحفر آبار داخل منازلهم لتأمين مياه الشرب خلال الحرب وبدأت بتوزيع "اللالا" فوانيس تحسباً لانقطاع الكهرباء الذي قد يطول، اضافة الى المواد الغذائية الاساسية التي تكفي اسابيع. ويتوقع مراقبون ان يناهز عدد العراقيين الذين سليجأون الى سورية مليون شخص في حال طالت الحرب، سيضافون الى 250 الفاً لجأوا الى سورية بعد حرب الخليج الثانية.