فيما أوشك موعد الحرب الأميركية - البريطانية - الاسبانية على العراق، بقي الموقف الفرنسي على حاله، على رغم الملاحظات الشديدة اللهجة التي وجهها الرئيس جورج بوش من أرخبيل اثوريس حيث انتقد فرنسا التي "كشفت عن أوراقها وقالت إنها ستستخدم حق النقض في كل الأحوال" لإسقاط أي قرار في مجلس الأمن يجيز الحرب. فالرئيس جاك شيراك تمسك بموقفه في حديث تلفزيوني موجه إلى الجمهور الأميركي، وسعى إلى توضيح الموقف الفرنسي، المبني على اقتناع تشاركه فيها غالبية في مجلس الأون. وهو أوضح أن فرنسا ترفض الحرب لأنها مقتنعة أن طريق التفتيش الدولي تؤدي إلى الهدف المنشود، أي نزع التسلح العراقي. وقال إن الغالبية في مجلس الأمن لا تؤيد الحرب، بالتالي "ليست هناك مشكلة فيتو". واستغرب وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان في حديث إلى اذاعة "أوروبا" تجاهل المؤتمر الصحافي الذي تبع القمة الأميركية - البريطانية - الاسبانية، عمليات التفتيش في العراق "في حين أنها جوهر القرار 1441"، والمفتشون "عيون الأسرة الدولية وأيديها، فهم الذين يشرفون على نزع التسلح". وبعدما اعتبر بوش أن "العالم على موعد مع اختبار الحقيقة"، قال دوفيلبان إن فرنسا أعطت ردها منذ فترة، بقولها إنها لن توافق على المشروع الأميركي - البريطاني - الاسباني الذي يجيز الحرب على العراق. وأراد شيراك توجيه رسالة إلى بوش. قال خلال المقابلة التلفزيونية: "لا أشاركه رؤيته للأمور، ولا أوافق على مبادرته وتحركه"، مشيراً إلى أنه يتمنى "أن تتم الأمور بأفضل شكل ممكن"، وان أفضل هذه الأشكال هو "نزع تسلح العراق سلماً". وأبدت فرنسا أيضاً اعتراضها على القراءة الأميركية للقرار 1441 التي تعتبر أنه يخول إلى الأسرة الدولية استخدام القوة ضد العراق. وذكّر دوفيلبان بأن شيراك كان من الذين أوحوا بهذا القرار الذي يقول إن هناك مرحلة أولى ينبغي أن تكرس للتفتيش، وفي حال واجه المفتشون عراقيل عراقية، يمكن عندها الانتقال إلى المرحلة الثانية، بحيث تتحمل الأسرة الدولية مسؤولياتها، علماً أنه "ليست هناك الآن أي عرقلة والمفتشون اشاروا إلى ذلك". وواضح ان فرنسا أصبحت في مرحلة التفكير في ما سيكون دورها، فيما الحرب التي رفضتها تقترب بسرعة. ومما قاله شيراك إنه في حال اندلعت الحرب، يتمنى "النصر السريع جداً مع أقل أضرار ممكنة، على الصعيدين الإنساني والمادي". وعما ستقدمه فرنسا للولايات المتحدة في حال اندلعت الحرب، قال شيراك إنه "لا يعرف ما الذي سيطلبه الأميركيون والبريطانيون، وان هذه المطالب اقتصرت حتى الآن على إذن بالتحليق في الأجواء الفرنسية، واستجيب الطلب لأننا حلفاء وأصدقاء على رغم معارضتي العميقة للحرب". ورجح دوفيلبان اقتراب الخيار العسكري قائلاً: "نتقدم نحو الحرب"، ولافتاً إلى أن الأجندة الأميركية تتحرك بهذا الاتجاه منذ مطلع كانون الثاني يناير الماضي حين "تحول منطق الضغط إلى منطق الحرب". وزاد ان فرنسا في حال بدأت الحرب، ستتشاور مع أعضاء مجلس الأمن. ولاحظ أن من السهل "كسب الحرب، ولكن لا يمكن لدولة بمفردها أن تبني السلام"، ودور الأممالمتحدة في هذا المجال لا يمكن تجاوزه. وتبدي فرنسا اقتناعاً بدور ستمارسه عبر مجلس الأمن لإعادة إعمار العراق والمساعدة في تخفيف معاناة شعبه، وهي غير قلقة على مصالحها الاقتصادية كونها معتادة على منافسة الشركات الأميركية لها.