دعت فرنسا والمانيا وروسياالعراق الى تدمير صواريخ "الصمود 2" والتعاون الكامل مع المفتشين الدوليين. وفيما أعلنت موسكو ان مشروع القرار الاميركي "توقيع على بياض" لشن الحرب، جددت باريس رفضها صدور أي قرار جديد عن مجلس الأمن، لكن يبدو ان الجبهة المناهضة للولايات المتحدة أصيبت بنكسة أمس فقد برزت مؤشرات قوية الى ان المكسيك غيرت موقفها وتتجه الى التصويت مع مشروع القرار الاميركي. وأعلن رئيس هيئة التفتيش الدولية أمس ان العراق لم يتخذ قراراً بعد بنزع أسلحته ولم يصل الى مستوى التعاون الكامل. لكنه قال ان المفتشين في حاجة الى شهور عدة لتنفيذ مهماتهم حتى في ظل هذا التعاون. وصفت روسيا مشروع القرار المرفوع الى مجلس الامن بأنه "توقيع على بياض" لإطلاق شرارة الحرب. وعلمت "الحياة" ان الولاياتالمتحدة رفضت اي "مناقشة جوهرية" للنص المقترح فيما لاحظ نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان "تقدماً" في الموقف الروسي، ولمح الى احتمال الرد على الدول "المتواطئة" مع الحملة الاميركية. وشدد نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف على ان المشروع الاميركي البريطاني الاسباني "معزول عن واقع الحال ميدانياً"، ولا يأخذ في الاعتبار عمل لجان التفتيش التي قال انها تؤدي وظيفتها "في ظل تعاون عراقي". الا انه طلب من بغداد "تنشيط" التعاون، محذراً من ان الوضع "جدي للغاية" وتابع ان المشروع الثلاثي انما هو طلب توقيع على بياض يتيح استخدام القوة على رغم ان عمليات التفتيش اظهرت فاعليتها وضرورة استمرارها. ودعا بغداد الى اتلاف صواريخ "الصمود 2" محذراً من ان رفض هذا الطلب "سيخلق وضعاً بالغ الصعوبة". وكان نائب وزير الخارجية الاميركي جون بولتون اجرى محادثات في موسكو لاقناعها بقبول المشروع المقترح، وقال ان واشنطن ترغب في ان تمتنع موسكو عن استخدام حق النقض الفيتو بل وتريد ان تؤيد القرار. لكنه اضاف انه "لم يلاحظ تغيراً في الموقف الرسمي"، مشيراً الى انه "ليس نهائياً". وقال ديبلوماسي رفيع المستوى ل"الحياة" ان الاميركيين رفضوا حتى مناقشة الفقرات التي تتحدث عن "فشل" العراق في تنفيذ القرار 1441. واضاف ان الولاياتالمتحدة تطلب من الدول الاخرى ان "تأخذ المشروع كما هو او تتركه" من دون ان تدع فرصة للنقاش والحلول الوسط. واوضح ان "الحل الأمثل" كان يمكن ان يتمثل في ايجاد صيغة تجمع بين المشروع الثلاثي والمذكرة الفرنسية الالمانية الروسية بغية الحفاظ على وحدة مجلس الامن. من جانبه قال طه ياسين رمضان في حديث الى صحيفة "فريميه نوفوستي" ان ثمة "تقدماً" في الموقف الروسي واضاف ان موسكو لا تجيد "تسويق" ديبلوماسيتها كما يفعل الفرنسيون. وسئل عما اذا كان العراق سيضرب تركيا والكويت في حال انطلاق العمليات العسكرية فقال ان "الحرب هي الحرب" وشدد على ان العراق "اذا تعرض لعدوان من حقه ان يدافع عن نفسه … وكل من يساعد الاميركيين سيعتبر متواطئاً معهم". ورفض بشدة عقد قمة اسلامية في قطر مؤكداً ان الاخيرة وضعت قواعدها تحت تصرف الولاياتالمتحدة، وان القمة اذا انعقدت هناك فإن العراق لن يكون ممثلاً فيها. فرنسا ترفض اي قرار جديد جدد الرئيس الفرنسي جاك شيراك تأكيده رفض فرنسا اي قرار جديد حول العراق في مجلس الامن، فيما اعتبر رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه ماريا اثنار ان القرار الجديد مناسب. جاء ذلك عقب غداء عمل عقده شيراك مع اثنار في قصر الاليزيه، بناء على طلب الاخير عقب محادثاته مع الرئيس الاميركي جورج بوش في الولاياتالمتحدة، وأقرّ كل من شيراك واثنار باختلاف آرائهما حول الموضوع العراقي. وكان شيراك اكد اول من امس ان على العراق التجاوب مع مطلب رئيس المفتشين هانس بليكس من دون تأخير والعمل على تدمير صواريخ "الصمود 2". وقالت الناطقة باسم الرئاسة الفرنسية كاترين كولونا ل"الحياة" انه ان لم يدمّر العراق هذه الصواريخ فإن تقرير بليكس الى مجلس الامن سيكون مختلفاً عما سيكون عليه في حال تدميرها، وعندئذ سيعود للمجلس امر تقرير نتائج عدم التعاون هذا. الى ذلك قال رئيس الحكومة الفرنسية في كلمة القاها خلال جلسة خاصة عقدها البرلمان الفرنسي لمناقشة الازمة العراقية ان "ازمة اليوم قد تكون حرب الغد" وان الحرب المرتقبة "ستقسم الاسرة الدولية وتُضعف التحالف ضد الارهاب الذي نشأ بعد 11 ايلول سبتمبر". ودعا العراق الى التعاون بشكل كامل مع المفتشين من دون اي تأخير، وقال ان الاختلاف في الرأي مع الولاياتالمتحدة حول العراق "لا يمكن ان يؤدي الى اعادة النظر في العلاقة القوية" التي تربط البلدين. واكد انه في ظل الظروف الحالية، "ليس هناك اي مبرر لتبني قرار جديد حول العراق" في مجلس الامن. وحذّر النائب ورئيس حزب "الاتحاد من اجل الغالبية الرئاسية" آلان جوبيه في مداخلته، من النتائج التي قد تترتب على الحرب، على صعيد الاممالمتحدة والشرق الاوسط والعلاقات الفرنسية الاوروبية وبناء اوروبا. وعبّر عن تشاؤمه من إمكان تفادي الحرب لأن "ضجيج التعبئة بدأ يطغى على الاصوات التي ما زالت تدعو الى التعقّل". واكد ان بين فرنساوالولاياتالمتحدة اختلافاً كبيراً حول معالم مرحلة ما بعد الحرب، فأبدى شكه في ان تتبع هذه الحرب تسوية للنزاع العربي الاسرائيلي وايضاً في انها ستؤدي الى صدمة تسمح بتعميم الديموقراطية في المنطقة. ودعا وزير الخارجية دومينيك دوفيلبان ونظيره الايطالي فرانكو فراتيني صدام الى تدمير صواريخ "الصمود 2" والتجاوب مع المساعي المبذولة لتسوية الازمة العراقية بالطرق السلمية. وقال دوفيلبان في تصريح ادلى به عقب لقاء فراتيني في باريس وهو الاول منذ توقيع ايطاليا رسالة الدول الاوروبية المؤيدة للولايات المتحدة ان المهم ان تتمكن الدول الاوروبية من تبادل الرأي وتوضيح وجهات نظرها. واضاف ان فرنساوايطاليا تشتركان في قناعة مفادها انه ينبغي "السماح للامم المتحدة بلعب دورها كاملاً بحيث يتم نزع السلاح العراقي بطريقة سلمية". وان هذا ما اقره الاتحاد الاوروبي بكامل اعضائه في 17 شباط فبراير في بروكسيل. وتابع انه بانتظار جلسة مجلس الامن المرتقبة في 7 آذار مارس المقبل للاستماع الى تقرير جديد للمفتشين الدوليين "ينبغي مواصلة الجهود لتعزيز التفتيش" و"ندعو السلطات العراقية للتعاون مع المفتشين وان تدلي برد ايجابي على طلبهم في ما يتعلق بصواريخ الصمود". واشار دوفيلبان الى ضرورة توحيد الجهود الاوروبية من اجل التوصل الى حل سلمي للازمة العراقية "التي ستستحوذ بكل نشاطنا خلال الشهور المقبلة". وعن احتمال استخدام فرنسا "الفيتو" في مجلس الامن قال ان "موقفنا معروف، وهو دعم تطبيق القرار 1441 الذي يطرح الامور بوضوح" وانه اذا واجهت المفتشين عراقيل، فإن اعادة النظر في الموضوع "يعود الى مجلس الامن". واضاف نحن اليوم امام مشروع قرار لا يزال في طوره الاول وهو حتى الآن غير مطروح على التصويت، مسألة استخدام "الفيتو" تعني ضمنياً ان مشروع القرار المقترح يحظى بتأييد 9 من اعضاء مجلس الامن ليتم اقراره ، واعتقد اننا لسنا في مثل هذا الوضع الآن ولا داعي بالتالي لإثارة هذا الاحتمال". وفي تصريح عكس رغبة في التوفيق بين الموقفين الفرنسي والاميركي، اكد فراتيني ضرورة تسوية الازمة العراقية سلماً وقال انه ودوفيلبان على قناعة بأن الموقف الصادر عن الاتحاد الاوروبي في 17 شباط "متوازن اذ انه يعتبر اللجوء الى القوة بمثابة الخيار الاخير ويغلب الحل السلمي في اطار مجلس الامن". واعتبر ان التشاور ضروري مع الاوروبيين ومع الاميركيين "لتعزيز المساعي المبذولة للوصول الى الهدف النهائي وهو نزع التسلح العراقي". بليكس: لا احد يمارس ضغوطاً علينا وأقر رئيس المفتشين بليكس بأن المفتشين يحتاجون الى شهور لانهاء مهمتهم نافياً ان تكون الولاياتالمتحدة تمارس ضغطاً عليه او على زميله رئيس الوكالة الدولية للطاقة محمد البرادعي لنشر معلومات عن العراق تناسبها او تتضمن لهجة حادة، لكنه لم يشأ التأكيد في مقابلة اجرتها معه مجلة "دي تسايت" الالمانية وتنشرها في عددها اليوم اذا كان سيضمّن تقريره المقبل اقتراحاً بتمديد مهمة المفتشين. وعن اتهام وزارة الخارجية الروسية الولاياتالمتحدة بالضغط على المفتشين الدوليين قال: "اوكد لكم ان هذا الامر لم يحدث. ويمكن ان اكون بسيطاً وغبياً، او ان يكون جلدي سميكاً لكنني لا اشعر بوجود كثير من الضغط". وبعدما اشار الى تأييده استمرار اعمال التفتيش شهوراً قال انه "على قناعة كبيرة بأن واشنطن لا تريد حرباً" مضيفاً ان "هذا هو موقف بوش وكل محيطيه".