رغم أجواء الارتياح التي اثارها قبول بغداد قرار مجلس الأمن الرقم 1441، ومع التحضيرات النهائية التي تجريها لجنة التفتيش انموفيك لارسال أول فريق الى العراق، حذرت بريطانياوفرنسا من أن احتمال اللجوء الى القوة ما زال وارداً، إذا لم يتعاون الرئيس صدام حسين في شكل كامل. لكنهما اتفقتا على أن اطاحة صدام ليست الهدف بل ازالة أسلحة الدمار الشامل. وأعلن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد ان العراق "يملك بالتأكيد مثل هذه الأسلحة". وفيما أجمعت العواصم العربية على ضرورة تفادي المفتشين "الاستفزاز" والتزامهم الحياد، أشادت موسكو ب"بعد نظر القيادة العراقية"، ولوّحت باريس ب"معاقبة من لا يحترمون القانون" راجع ص 2 و3. وفي ما اعتبره رسالة موجهة الى العراقيين و"ليسمع الرئيس صدام حسين"، قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير انه يمكن تفادي الحرب اذا وافق صدام على نزع كل الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو النووية، وتعاون في شكل كامل مع المفتشين، محذراً من أن عدم امتثاله سيؤدي الى نزع أسلحته بالقوة. وتابع في مقابلة بثتها اذاعة "مونتي كارلو" ان "نزع الأسلحة هو هدفنا وليس تغيير النظام"، معبراً عن اقتناعه بأن "نظام صدام وحشي وقمعي يلحق اذى هائلاً بالشعب العراقي، ولكن ليس لنا أن نفرض على الشعب في العراق أو مكان آخر كيف يكون نظام حكمه، وعلينا أن نتأكد من أن ارادة الأممالمتحدة تطبق كما ينبغي". وأعرب عن اقتناعه بأن "مستوى العيش والرفاه في العراق سيكون أفضل بما لا يقاس لو لم يكن صدام موجوداً". كما اعتبر ان محور النزاع مع صدام هو نزع الأسلحة وليس "مسألة نفط"، نافياً أي نية لدى بريطانيا لنقل "حكومة ما من المنفى الى العراق". وأثار قبول القيادة العراقية قرار مجلس الأمن ارتياحاً في العواصم العربية التي شددت كذلك على ضرورة تفادي المفتشين وبغداد "الاستفزاز". ودعت القاهرة الى تسوية سلمية للأزمة، فيما رحب وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز بقبول العراق القرار 1441 وقال ان "هذا هو المطلوب، وأن ينتهي بذلك كل شيء من خلال تنفيذ قرارات مجلس الأمن ليعيش الشعب العراقي بسلام، ويزول الهاجس الذي كان يخيّم على المنطقة وشعوبها". وزاد: "آن للشعب العراقي أن يأخذ مكانه"، معرباً عن الأمل بأن "يعود العراق كما عهدناه، يشارك اخوانه العرب في البناء والتقدم، وأن يكون ما حدث غمامة صيف وانتهت". دوفيلبان:نزع سلاح لا تغيير نظام وعشية وصول رئيس لجنة التفتيش انموفيك هانس بليكس الى باريس غداً، في طريقه الى بغداد، أكد وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان ان الهدف النهائي لقرار مجلس الأمن الرقم 1441 هو "نزع أسلحة العراق وليس تغيير نظامه". وقال في مؤتمر صحافي في تونس أمس ان موقف باريس متطابق مع الموقف الأميركي، خصوصاً مع تصريحات أدلى بها نظيره كولن باول واعتبر فيها ان "النظام العراقي من دون اسلحة دمار شامل لن يكون مثل النظام الحالي". وسئل هل تقبل فرنسا بوجود نظام صدام بعد تنفيذ القرار، فرد بالايجاب، وقال: "كنا على أبواب حرب مبرمجة في أيلول سبتمبر الماضي، واليوم بات الأمر متوقفاً على ارادة المجموعة الدولية وارادة صدام، فإذا تعاون سيتغير مصير العراق، ولن تكون الحرب حتمية". لكنه استدرك محذراً: "من لا يحترمون القانون الدولي سيعاقبون، وننتظر من صدام أن يتعاون" مع المفتشين، منبهاً الى أن "احتمال اللجوء الى القوة وارد إذا لم يقبل التعاون". ورأى ان هذه "رسالة إجماع من أوروبا والعرب وأعضاء مجلس الأمن، فجميعنا يتحمل مسؤولية تنفيذ القرار" 1441. وزاد ان العالم العربي "لعب دوراً مهماً في الخروج من الأزمة العراقية بقرار اجماعي"، مشيداً بالمبادرة السعودية وقرارات قمتي بيروت وشرم الشيخ وقمة الفرانكفونية التي "أظهرت أن هناك وحدة في المواقف". واعتبر أن "العالم العربي بأكمله تجند ليحض العراق وصدام على الامتثال للشرعية الدولية"، لافتاً الى أن ذلك "نصر للحل السياسي للأزمة، ولتفادي اللجوء الى استخدام القوة". في باريس، قالت الناطقة باسم الرئاسة الفرنسية كاترين كولونا ان الأسرة الدولية اقتربت من ايجاد اجابات عن التساؤلات والشكوك المتعلقة بالتسلح العراقي، مع اقتراب موعد مغادرة المفتشين الى بغداد. وتابعت ان التعاون العراقي سيكون حاسماً في سياق ابعاد احتمالات الحرب أو تقريبها، مذكّرة بأن القرار 1441 "شديد الوضوح". وأكدت ان مقدمته تشير الى امكان رفع الحظر عن العراق في حال تعاونه مع المفتشين في شكل كامل. وذكرت مصادر مطلعة انه على رغم اعتبار الرسالة العراقية الموجهة الى الأمين العام للأمم المتحدة موافقة رسمية على القرار 1441، الا انها تضمنت "بعض التعقيدات والمواقف غير المناسبة، اذ تطرح اسئلة عما اذا كان العراق ينوي التعاون في شكل كامل، علماً ان هذه فرصته الوحيدة".