تستعر على جانبي المحيط الأطلسي حرب لا هوادة فيها، تواكب الحملة العسكرية الأميركية - البريطانية لضرب العراق والمعارضة التي تقودها فرنساوروسيا والمانيا للحرب. ففي الولاياتالمتحدة اندفع المواطنون إلى مقاطعة المطاعم التي تقدم وجبات فرنسية وغيرها من المنتجات المستوردة من فرنسا كالأجبان والنبيذ والعطور والأزياء، فيما تشهد المطاعم الأميركية في فرنسا هي الأخرى ركوداً غير معتاد. وفي موسكو قرر اصحاب المطاعم اعلان رفضهم السياسات الاميركية برفع لافتات على واجهات مطاعمهم تقول "ممنوع دخول الاميركيين والانكليز"! مطعم "ديميدوف"، أحد ابرز المطاعم في منطقة تشليا بينسك الروسية فاجأ زبائنه قبل ايام بأنه لم يعد مرغوباً في وجودهم بعدما عُلّقت على بابه لافتة كبيرة كُتب عليها ان "ديميدوف" قرر عدم تقديم خدماته الى الاميركيين والبريطانيين بسبب "السياسات العدوانية ضد العراق". وبرر صاحب المطعم رافيل ديميدوف قراره بأنه الوسيلة الوحيدة للتعبير عن رأيه في التحضيرات للحرب. وقال انه مصمّم على موقفه على رغم توقعه خسائر مالية كبيرة. ولفت الانظار في احدى زوايا المطعم ملف ضخم ضم مقتطفات من نشرات وكالات الأنباء عن الاوضاع في العراق، وغدا الاطلاع على هذا الملف واحداً من طقوس زبائن المطعم اليومية. وفي مدينة تاغازوغ علّق صاحب احد المقاهي لافتتين، واحدة تنصح الاميركيين والبريطانيين بعدم الدخول الى مقهاه، والاخرى حددت "محور الشر" كما يراه صاحب المحل، وكتب عليها ان كلاً من: جورج بوش الابن وكولن باول وكوندوليزا رايس وتوني بلير "ممنوعون من دخول المقهى". وقال الكسندر بونومارييف صاحب المقهى ان اتحاد اصحاب المهن الحرة في المدينة يؤيد موقفه. وذكر ان الاتحاد سيتخذ قراراً ثانياً بتعليق لوحات مناهضة للحرب في كل مخزن تجاري او مطعم في المدينة. وفي مدينة نيبني نوفغورد نصح صاحب احد المطاعم الاميركيين والانكليز، بتناول طعامهم في مطاعم الوجبات السريعة الاميركية. ولكن حتى هذه المطاعم لم تسلم من نشاطات معارضي الحرب. ففي موسكو اقدمت مجموعة تطلق على نفسها اسم "طلائع الشباب الاحمر" بتلطيخ واجهات مطعم "ماكدونالدز" باللون الاحمر وكتبت على جدرانه "السلام للعراق والحرب على… ماكدونالدز". وهذا المطعم الذي يقع في ساحة بوشكين على بعد مئات الامتار من الكرملين هو أكبر مطاعم السلسلة الاميركية الشهيرة واقدمها، وكان افتتح في موسكو قبيل انهيار الاتحاد السوفياتي، وغدا رمزاً للثقافة الاميركية التي غزت روسيا خلال حكم "الاصلاحيين". ولاحظ مراسل صحيفة "الصاندي تلغراف" اللندنية أن المطاعم الفرنسية الفاخرة في نيويورك التي يحتاج المرء عادة إلى الحجز المسبق لتناول وجبة فيها أصبحت فجأة تستقبل الزبائن من دون حجز ومعظم مقاعدها خالية. ونقلت الصحيفة عن غوليوم برونو، وهو صاحب مطعم فرنسي شهير في نيويورك يواجه مقاطعة شديدة، اتهامه الحكومة ووسائل الإعلام الأميركية بشن حملة المقاطعة. وأشار إلى تقرير في إحدى الصحف متهما إياها بمحاولة إثارة الرأي العام وتحريضه على كل ما هو فرنسي. وهاجم برونو الإدارة الأميركية وتساءل ما معنى أن تعلن أنها تتفهم إقدام المواطنين على مقاطعة الأجبان الفرنسية، معتبرا أن من شأن مثل هذه البيانات أن يغذي الحملة المعادية لفرنسا والفرنسيين. في الجانب الآخر يرد المواطنون الفرنسيون بحملة مقاطعة للمطاعم الأميركية. وفوجئ مراسل صحيفة "الصاندي تلغراف" لدى زيارته الليلة قبل الماضية مطعم "بلانت هوليوود" المعروف بازدحامه الشديد في باريس بأن طاولاته خالية بخلاف المعتاد. ونفى العاملون فيه أن يكون عدم الازدحام ناتجاً من مقاطعة الفرنسيين، وعزوا السبب إلى انخفاض عدد السياح الأميركيين نتيجة لأزمة العراق. وأوضحوا أن معظم زبائنهم عادة ليسوا من الفرنسيين الذين يزدرئون علناً وجبات الهامبرغر الأميركية. لكن مراسل الصحيفة اللندنية لاحظ أن العداء للأميركيين في الشارع الفرنسي موجود حتى في "بلانت هوليوود" عندما أنصت لأحد العاملين وهو يروي نكتة طريفة لزميل له مفادها "أن أميركياً كان يقود سيارته في نيويورك فسأله أحد المارة هل بمقدوره التبرع، فسأل السائق عن هدف التبرع فأجابه السائل أن الإرهابيين خطفوا الرئيس بوش وينوون حرقه. فصعق السائق وسأل عن استجابة الناس وما هو المطلوب منه، فأجابه بضع ليترات من الوقود!