قال "بنك الكويت الوطني" ان الاوضاع الحالية في الاسواق كافة استثنائية ويشوبها الكثير من عدم الرؤيا وعدم الاستقرار. وأضاف في تقريره الاسبوعي الذي صدر أمس ان معظم المحللين يجمع أنه في حال اندلاع حرب في العراق خلال الأيام المقبلة فإن الأسواق المالية ستتجه مرة أخرى إلى العملات الأكثر أمناً كاليورو، وأن مدى الضغط على العملة الأميركية سيكون مربوطاً إلى حد كبير بطول فترة الحرب. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: استمرت حال عدم الاستقرار في الأسواق المالية وأصبحت الأسواق تتقلب صعوداً وهبوطاً لأدق التفاصيل اليومية السياسية، بينما تراجعت أهمية الأمور الاقتصادية في هذا الوضع الاستثنائي. والملفت في هذا المجال محاولات رئيس وزراء بريطانيا طوني بلير القيام بمجهود ديبلوماسي في آخر لحظة للمسألة العراقية، بينما يواجه تمرداً ضمن حزبه الحاكم ونقصاناً في شعبيته نتيجة طريقة تعامله مع الأزمة العراقية. وبدأ أسبوع التعامل الاخير بالأخبار عن قرب القبض على أسامة بن لادن، والتي أفادت الأسواق إلى حد ما، إلا أن الدولار الأميركي لم يستطع الحفاظ على مستواه، اذ ارتفعت حال عدم الاستقرار نتيجة الانقسام الحاصل في مجلس الأمن وفهم الأسواق أن حصول الولاياتالمتحدة للأصوات التسعة غير مضمون واحتمال تأخير موعد الحرب. وتبين للأسواق في نهاية الاسبوع أن فرنسا رفضت مبادرة طوني بلير قبل أن يعلق عليها العراق نفسه. وكانت الولاياتالمتحدة حاولت التخفيف من إعلان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد عن استعداد الولاياتالمتحدة لخوض الحرب من دون مشاركة بريطانيا العسكرية. غير أنه تبين لاحقاً أن الولاياتالمتحدة على استعداد لإعطاء بريطانيا أياماً عدة أخرى لدفع مبادرتها السلمية وأن موعد 17 آذار مارس ربما تأجل أياماً عدة. عند هذه النقطة قررت الأسواق أن تجني أرباحها من مراكزها القصيرة في العملة الأميركية والتي قامت ببنائها خلال الأيام الماضية، ونتيجة لذلك انخفض اليورو إلى 1.07 دولار يوم الجمعة الماضي بعد أن تم تداوله خلال الأسبوع عند مستوى 1.1.85 دولار. غير أن معظم المحللين السياسيين يرون أن الحرب ما زالت الاحتمال الأكبر ويرى البعض أن الولاياتالمتحدة وأسواقها المالية وعملتها قد تستفيد من هذه الفسحة الصغيرة وتخفف من الضغط المتواصل عليها والذي شهدناه خلال الأسابيع القليلة الماضية. ويجمع معظم المحللين أنه في حال قيام الحرب خلال الأيام المقبلة فأن الأسواق المالية وأسواق العملات ستتجه مرة أخرى إلى العملات الأكثر أمناً كالعملة الأوروبية، وأن مدى الضغط على العملة الأميركية سيكون مربوطاً إلى حد كبير بطول فترة الحرب. أما تقنياً فعلى اليورو أن يتعدى مستوى 1.11 قبل أن يستمر في ارتفاعه، وفي هذا الإطار يرى كثيرون أنه مع غياب أي مفاجأة لتغيير موقف العراق وبالتالي تجنب الحرب المحتملة فإن حركة تصحيح الدولار الحالية قد تؤسس لفرص بيع الدولار بانتظار جولة أخرى من ضعف الدولار في الأيام المقبلة. وكما هو واضح فإن أهمية الأرقام والأوضاع الاقتصادية قد تراجعت مقابل أهمية الأوضاع السياسية المحمومة، ومع هذا فإن الأرقام الاقتصادية الأميركية تبقى غير مشجعة بشكل عام. فقد تدنت مبيعات التجزئة لشهر شباط فبراير مقارنة بالشهر السابق بمستوى 1.6 في المئة وارتفع مستوى أسعار سلع الإنتاج بنسبة واحد في المئة للفترة نفسها متأثرة بارتفاع أسعار الطاقة. وعند نهاية الأسبوع أعلنت جامعة ميشيغان عن انخفاض نسبة الثقة لدى المستهلك الأميركي إلى 75 في المئة من شهر آذار مارس وهي أدنى نسبة منذ تشرين الاول أكتوبر عام 1992. وما زال بعض المحللين يتوقع أن يقدم مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي على خفض أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة عندما يجتمع غداً، اذ يرون أن عدم تخفيضها سيؤثر سلباً في الأسواق لان النتائج الاقتصادية المترتبة على الحرب وتمويلها قد تؤدي إلى انكماش اقتصادي ثان. ويتوقع آخرون بأن يتأنى مجلس الاحتياط الفيديرالي في اتخاذ قرار خفض الفائدة في هذه الفترة الحرجة لكي لا يفسر بأنه تأكيد على ضعف الاقتصاد الاميركي. وبشكل عام فإن الأوضاع الحالية تبقى استثنائية ويشوبها الكثير من عدم الرؤيا وعدم الاستقرار في الاسواق كافة. أوروبا ارتفع اليورو مقابل الدولار خلال بداية اسبوع التعامل الاخير إلى أقل بقليل من المعدل التقني المتوقع وهو مستوى 1.11 دولار لليورو. وكانت أسباب هذا الارتفاع هي قرع طبول الحرب وبناء القوات المتزايد في منطقة الخليج وبالتالي شكل اليورو الملاذ الآمن ولو بشكل مؤقت. غير أن اليورو تعرض عند نهاية الأسبوع لعمليات جني أرباح كبيرة ما جعله يهبط بشكل حاد. وكانت أرقام الإنتاج الصناعي في ألمانيا ارتفعت بنسبة 1.6 في المئة على أساس شهري وجاءت أعلى من توقعات الاسواق التي تكهنت ارتفاعاً بنسبة واحد في المئة. وبينما ما زالت الأوضاع الاقتصادية في أوروبا ملبدة بالغيوم الكثيفة، فإن ارتفاع الانتاج الصناعي الألماني أراح المسؤولين الأوروبيين الذين بدأوا يقلقون من ارتفاع اليورو فوق مستوى 1.10 مقابل الدولار وتأثير ذلك في النمو الاقتصادي. غير أن كثيراً من مراقبي الأسواق يعتقدون أن حال عدم الاستقرار الحالية قد تفيد اليورو في الأسابيع المقبلة، إلا إذا حصلت مفاجأة ما لحل المسألة العراقية سلماً. استقر سعر صرف الجنيه خلال الأسبوع الفائت بعد محاولات رئيس الوزراء البريطاني الكثيفة لكسب الرأي العام في بريطانيا حول موقفه من العراق. وتبين أنه على رغم أن رئيس الوزراء تعرض للنقد العلني اللاذع من قبل وزيرة في حكومته وتهديدها بتقديم استقالتها في حال قرر بلير خوض الحرب بدون موافقة الأممالمتحدة، فإن رئيس الوزراء أبدى هدوءاً شديداً وركز اهتمامه لكسب المزيد من التأييد لسياسته بما فيه داخل الحزب المعارض. وكانت الأرقام الاقتصادية أقل أهمية للأسواق خلال الأسبوع، إلا أن مؤشرات القطاع الصناعي ارتفعت بنسبة 0.3 في المئة في شهر كانون الثاني يناير، وكانت أرقام الإنتاج الصناعي جاءت كما هو متوقع بنسبة 0.2 في المئة غير أن العجز في الميزان التجاري كان أسوأ من المتوقع عند 3.31 بليون جنيه إسترليني. وبشكل عام يرى كثير من المعلقين السياسيين أن الأيام القليلة المقبلة ستكون مصيرية بالنسبة لمستقبل طوني بلير السياسي كما أنها ستكون مصيرية أيضا بالنسبة للوضع العراقي. اليابان انخفض سعر الدولار مقابل العملة اليابانية تحت مستوى 117 يناً عند بداية اسبوع التعامل الماضي ولم يكن هذا مفاجئاً، اذ أن الشعور العام كان ضاغطاً على العملة الأميركية. إلا أن تدخل السلطات اليابانية بشكل سري في الأسواق وانخفاض مؤشر "نيكاي" لبورصة طوكيو إلى أقل مستوى له منذ عشرين عاماً تحت معدل 8000 نقطة أوقفا ارتفاع الين. وما زالت الأوضاع في كوريا الشمالية متوترة هي الأخرى خصوصاً بعد التجربة الثانية لإطلاق صواريخ طويلة المدى، ما ركز أنظار الأسواق على هذا التطور. وكانت رؤية الأسواق حول الدولار الأميركي تحسنت عند نهاية الأسبوع بعدما تبين أن الحرب قد تؤجل لعدة أيام خصوصاً أن مراكز الأسواق كانت بائعة للدولار بشكل كبير قبل ذلك، ما جعل الدولار يرتفع إلى ما يقارب 119 يناً. ويرى كثير من المحللين أن الدولار سيبقى مدعوماً فوق مستوياته الدنيا الأخيرة. ومن المنتظر أن يجتمع محافظ البنك المركزي الياباني بأعضاء البرلمان الياباني الأسبوع المقبل وستركز الأسواق على ما سيقوله خلال الاجتماع حيث من المنتظر أن تؤثر تصريحاته على الين الياباني بشكل كبير.