شيعت صربيا أمس رئيس حكومتها زوران جينجيتش الذي اغتيل الأربعاء الماضي وسط مراسم دينية ورسمية وبمشاركة نحو 40 ألف شخص، في وقت تصاعد تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية وواصلت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات. واعتبرت جنازة جينجيتش الاكبر التي تشهدها بلغراد منذ دفن جوزيب بروز تيتو مؤسس يوغوسلافيا الشيوعية السابق في أيار مايو عام 1980. ووضع ديبلوماسيون من كافة انحاء العالم ومن بينهم رومانو برودي من المفوضية الاوروبية ووالتر شويمر من مجلس اوروبا ووزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو ممثلاً للرئاسة الحالية للاتحاد الاوروبي، اكاليل الزهور وقدموا التعازي لعائلة جينجيتش وحلفائه السياسيين. كما حضر التشييع ممثلا الاممالمتحدة في البوسنة وكوسوفو بادي اشداون ومايكل شتاينر ورؤساء وزراء النمسا وسلوفاكيا وألبانيا وكرواتيا ومقدونيا ورومانيا وهنغاريا، ووزير الخارجية الاميركي السابق لورنس ايغلبرغر ووزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر. الى ذلك، اعلن تلفزيون بلغراد نقلاً عن مصادر حكومية ان عدد المعتقلين منذ اغتيال جينجيتش بلغ 136 شخصاً، وعرض صوراً لجرافات تهدم منازل من وصفتهم الاجهزة الامنية بزعماء "عصابة زيمونسكي كلان" المتهمة باغتيال رئيس الوزراء. وأشار التلفزيون الى ان الكثيرين من اعضاء العصابة اضافة الى الاشخاص الثلاثة الذين اشتركوا في اغتيال جينجيتش لم يتم اعتقالهم بعد، ويعتقد انهم فروا الى الدول المجاورة خصوصاً البوسنة، وطلبت الحكومة من الشرطة الدولية الانتربول مساعدتها في اعتقال الفارين. ومعلوم ان عصابات المافيا في صربيا ترتبط بتعاون وثيق مع مثيلاتها في منطقة البلقان، وخصوصاً البوسنة وكوسوفو ومقدونيا وبلغاريا ورومانيا، منذ بدأ الحصار الدولي على يوغوسلافيا عام 1992 من خلال مشاركة هذه الشبكات في تهريب النفط والمواد الغذائية والاسلحة وغيرها، ونظراً لما يتوافر لها من امكانات مالية، كونت علاقات مع الاجهزة الأمنية في دول المنطقة. وتردد في بلغراد ان هناك علاقة لأفراد من الشرطة والأمن والحرس الشخصيين لأعضاء الحكومة باغتيال جينجيتش، اذ ان "زيمونسكي كلان" تشكلت من اشخاص عملوا في الاجهزة الأمنية، وساعدت، بعلم الجهات الحكومية، في القضاء على التمرد المسلح الألباني الذي حصل في جنوب صربيا قبل نحو عامين. مصادر المعارضة وأبلغت مصادر المعارضة في بلغراد "الحياة" ان عدد المعتقلين "يزيد على 200 شخص، غالبيتهم من السياسيين المعارضين الذين تحاول اطراف حكومية تصفيتهم لتثبيت مواقعها والاستمرار في السلطة من خلال حسم حساباتها مع الفئات القومية التي اصبحت تحظى بتأييد واسع من الناخبين، يؤهلها للفوز في اي انتخابات نزيهة". وأشارت المصادر نفسها الى ان بين المعتقلين لاعب كرة القدم الشهير دراغيشا بينيتش والمطربة سفيتلانا تسيسا ارملة زعيم الميليشيات الصربية جيلكو راجناتوفيتش اركان الذي اغتيل قبل ثلاث سنوات. ووصفت المصادر استخدام الحكومة الجرافات لهدم البيوت بأنه "درس تعلمته من الممارسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، وهو يهدف بث الذعر بين المواطنين".