تتعرض بلغراد لضغوط اوروبية لتسليم المطلوبين من محكمة جرائم الحرب في لاهاي، على رغم المخاوف التي ابداها رئىس الحكومة الصربية زوران جينجيتش اول من امس من "اندلاع حرب اهلية بين الصرب" في حال تنفيذ هذه المطالب. وأجرى منسق عملية السلام البوسنية ولفغانغ بيتريتش محادثات في بلغراد مع الرئىس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا ورئىس الحكومة جينجيتش، لكنه لم يحصل على رد ايجابي على رغم تأكيده على "وجوب تقديم المتهمين بجرائم حرب الى المحاكمة". وأعلن رئىس البرلمان الاوروبي بيتر شيدير اعتراضه على تصريحات جينجيتش. وقال في بيان صحافي: "على سلطات بلغراد ان تتعاون مع محكمة لاهاي من دون اي ذريعة للتهرب من تسليم المطلوبين". ووجه تحذيراً شديداً الى جينجيتش وكل المسؤولين الصرب، بأن التعاون مع محكمة لاهاي "شرط اساس لقبول يوغوسلافيا في المؤسسات الاوروبية". لكن جينجيتش، الذي اشرف بنفسه على تسليم الرئىس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش واثنين من صرب البوسنة، اصر على موقفه الرافض تسليم اي متهم. وقال في تصريح لصحيفة "بوليتيكا" شبه الرسمية الصادرة في بلغراد امس: "اذا اخفق 50 ألف عسكري من قوات سفور التي يقودها الحلف الاطلسي في البوسنة على مدى ستة اعوام في اعتقال رادوفان كاراجيتش وراتكو ملاديتش وغيرهما، فلماذا التملص من هذا الفشل بافتعال ضجة ضد سلطات بلغراد وتحميلها مسؤولية ذلك؟". ووجه جينجيتش كلامه الى مسؤولي الحلف الاطلسي قائلاً: "اذا كنتم خشيتم المجازفة بحياة جنودكم في اعتقال كاراجيتش وملاديتش، فلماذا تسترخصون دماء آلاف الصرب التي يمكن ان تسيل اذا وقعت حرب اهلية في يوغوسلافيا بسبب ارغامكم سلطات بلغراد على تنفيذ ما هو في صدارة مهماتكم". وأكد رئىس الحكومة الصربية، المعروف بتعاونه مع الدول الغربية، انه "لن يقدم ابداً على تنفيذ مطالب محكمة لاهاي، لأنه ليس مستعداً لتحمل مسؤولية تاريخية تخص التضحية بسلامة شعبه من اجل تنفيذ مطالب جهات اجنبية لمحاكمة اشخاص معدودين، وان اقصى ما يمكن ان يفعله هو السعي لمنع اقامة المطلوبين من محكمة لاهاي في اراضي صربيا". ويسود الاعتقاد في بلغراد ان تصلب جينجيتش يعود الى خشيته من حركة عسكرية جديدة مناهضة له تقوم بها "وحدات الشرطة الصربية الخاصة" التي تتمتع بمقدرات تسليحية ثقيلة تضاهي ما لدى الجيش اليوغوسلافي، والتي كان الرئىس السابق ميلوشيفيتش استخدمها في المهمات الصعبة في كوسوفو. وكانت هذه الوحدات نفذت حركة تمرد في بلغراد ومدن اخرى قريبة منها في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، احتجاجاً على تسليم الحكومة الصربية ميلوشيفيتش واثنين آخرين الى محكمة لاهاي. وأوقفت تمردها بعدما تفاوض جينجيتش مع قادتها، ووعدهم بعدم تسليم اي مطلوب الى محكمة لاهاي، الا بعد صدور قانون من البرلمان يحدد وسائل التعاون مع المحكمة، علماً ان هذا القانون لم يصدر حتى الآن. اما السبب الآخر لموقف رئىس الحكومة الصربية، فيعود الى ما انتجته محاكمة ميلوشيفيتش من خفض كبير في التأييد الشعبي لحكومة جينجيتش في مقابل الارتفاع المتواصل للرصيد الشعبي لميلوشيفيتش، وهو ما لم يكن يتوقع جينجيتش عندما سلم الرئىس السابق.