استجاب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أمس للنصائح التي وردت اليه من عدة جهات عربية وأجنبية بعدم تفويت الفرصة للتجاوب مع مطالب رئيس الوزراء المكلف محمود عباس (ابو مازن) بشأن تشكيل الحكومة، ما فتح الباب امام نشر "خريطة الطريق" الأميركية التي تقترح خطة على مراحل لتسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. وأصبح الآن على ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش أن تفي بوعدها لنشر خريطتها الى السلام رغم ما تواجهها من عقبات وضعها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون. وقبل ساعات من انتهاء مهلة ال 45 يوما لتشكيل الحكومة وافق عرفات نهار أمس على ان يتولى ابو مازن (68 عاما) وزارة الداخلية ويعين العقيد محمد دحلان وزير دولة لشؤون الامن الداخلي. واشار مسؤولون فلسطينيون اشاروا الى اعلان التشكيلة لن يتم قبل الاحد ليجتمع المجلس التشريعي الفلسطيني ليصوت على منح الثقة بالحكومة التي ضغطت الاسرة الدولية لتشكيلها بهدف ادخال اصلاحات اساسية الى مؤسسات السلطة الفلسطينية ووقف العمليات المسلحة، واستئناف مفاوضات السلام. وقد دعا مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل ابو ردينة الاسرة الدولية الى المبادرة فورا بنشر خارطة الطريق التي اعدها الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة وروسيا والامم المتحدة. وبعد الاعلان عن الاتفاق، وصل محمود عباس برفقة اللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية، الذي قام بوساطة حثيثة اتاحت التوصل الى الاتفاق، الى مكتب عرفات، وبعد ذلك خرج أبو عمار وأبو مازن باسمين وتصافحا امام الصحافيين. وكان دحلان انضم اليهم في مكتب الرئيس الفلسطيني. وبذل اللواء عمر سليمان جهودا حثيثة بين الجانبين بتكليف من الرئيس حسني مبارك بعد ان اعلن ابو مازن عن وقف المفاوضات مع عرفات يوم الاثنين. وأكد الامين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم ان دحلان سيشغل منصب وزير الدولة لشؤون الامن وابو مازن سيتولى بنفسه وزارة الداخلية، ما يشكل فوزا لأبي مازن واخفاقا لعرفات الذي عارض بشدة تعيين دحلان في الحكومة. وكان العقيد دحلان استقال العام الماضي من منصبه كرئيس للامن الوقائي في قطاع غزة اثر خلاف مع عرفات. واثر اعلان الاتفاق على تشيكل الحكومة، حذرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ابو مازن من محاربة المجاهدين. وقال عبد العزيز الرنتيسي، احد قادة حماس في غزة لوكالة فرانس برس ان حركة حماس ترحب بهذه الحكومة اذا ارادت محاربة ارهاب الكيان الصهيوني .. لكنها اذا ارادت محاربة المجاهدين فشعبنا لن يرحب بها. كما عبرت حركة الجهاد الاسلامي عن تخوفها من تعرض الحكومة الفلسطينية الجديدة لضغوط اسرائيلية تهدف الى وقف الانتفاضة. وقال محمد الهندي القيادي البارز في حركة الجهاد الاسلامي لوكالة فرانس برس ان المرحلة الاولى من خارطة الطريق تدعو الى محاربة ما يسموه بالارهاب .. وهناك تخوف حقيقي من ان تمارس ضغوط كبيرة على هذه الحكومة تنعكس على المقاومة والانتفاضة. ويحظى محمود عباس بترحيب في واشنطن وعواصم أخرى مهمة لكن شعبيته ليست كبيرة بين الفلسطينيين، ويوصف بأنه "برغماتي" أي عملي وهو يدعو الى ازالة الطابع العسكري عن الانتفاضة، ويسعى الى اعادة اطلاق عملية السلام مع اسرائيل. وتعتبره الولاياتالمتحدة ودولة الاحتلال العبرية بأنه قادر على تهميش نفوذ عرفات في السلطة الفلسطينية وضرب المقاومة، حيث تفترض واشنطن أن اعلان الحكومة الفلسطينية الجديدة ينبغي أن يعزز الجهود الدولية للتوصل الى حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي. وكان الرئيس الاميركي جورج بوش تعهد بنشر خارطة الطريق التي تقترح اقامة دولة فلسطينية على مراحل بحلول 2005، بعد تشكيل الحكومة. وخلال الايام الاخيرة تلقى عرفات العديد من الاتصالات لحثه على ابداء المرونة ولا سيما من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس المصري حسني مبارك والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى. ورحب خافير سولانا الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي بتشكيل الحكومة داعيا الى نشر خارطة الطريق باسرع وقت، واتصل على الفور بعرفات.