تمكن تدخل أميركي وأوروبي من انقاذ المفاوضات بين الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" في شأن ثلاث مناطق في شمال السودان المناطق المهمشة من الانهيار أمس. وتم التوصل إلى اتفاق لحل الخلافات ارجأت التفاوض 6 أيام، وتتعلق بجدول أعمال المفاوضات واجراءاتها. واتهم الناطق باسم الحركة ياسر عرمان الحكومة بأنها "أثارت قضايا اجرائية لعرقلة المفاوضات، ما يبرز أن النظام لا يتعامل بنيات حسنة". أبلغ الناطق باسم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" ياسر عرمان ومسؤولون حكوميون "الحياة" ان المفاوضات في شأن قضية مناطق جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وأبيي المناطق المهمشة انطلقت أمس، بعد تجاوز خلافات على جدول عملها. وقال عرمان إن "المفاوضات كادت تنهار لولا تدخل مجموعة المراقبين الأميركيين والأوروبيين"، وان الجولة بدأت عملياً بمحاضرة قدمها الخبراء في شأن تجارب دول أخرى في مسألة التفاوض وفض النزاعات وطرق التوصل إلى حلول. وأكد أن وفد حركته شارك في الجلسة برئاسة نيال دينغ. وكانت مسألة رئاسة دينغ لوفد الحركة إحدى نقاط الخلاف، لأن الحكومة طالبت بتمثيل أبناء المناطق في الحركة وتوليهم رئاسة ثلاثة وفود تناقش قضايا مناطقهم. وينطلق منطق الحكومة من كون هذه المناطق ليست جزءاً من الجنوب باعتراف الوسطاء، وان قضيتها ليست قضية الجنوب. واقترحت الحكومة ان تتولى قيادات في "الحركة الشعبية" من أبناء هذه المنطقة رئاسة الوفود الثلاثة، وهم عبدالعزيز الحلو جبال النوبة ودينغ أمور أبيي ومالك حقار النيل الأزرق. كما دعت الحكومة إلى فصل هذه المفاوضات عن "بروتوكول مشاكوس" للسلام الموقع بين الحكومة و"الحركة الشعبية". واعتبر عرمان أمس أن هذه المطالب "تمثل محاولة من الحكومة لتقسيم الحركة الشعبية وشق صفها". وأكد أن التسوية التي تم التوصل إليها وسمحت باستئناف المفاوضات تعطي نيال دينغ رئاسة وفد الحركة إلى المفاوضات. وأكد أن الاتفاق الجديد يقضي بأن المفاوضات تتم بين الحكومة و"الحركة الشعبية"، وأنه لن تكون هناك ثلاثة اتفاقات منفصلة، وان يمثل ما يتم التوصل إليه أحد عناصر اتفاق السلام الشامل. وبدا أن الوسطاء استجابوا طلب الحكومة عدم مناقشة قضيتي تقرير المصير وفصل الدين عن الدولة، بحجة أن القضيتين تتعلقان بقضية الجنوب. وتم الاتفاق على مناقشة جذور مشاكل المناطق الثلاث وأسبابها، الأمر الذي جعل "الحركة الشعبية" ترى أنه "سيتيح لها إثارة المسألتين خلال المناقشات". ورفضت الحكومة أيضاً مشاركة ممثلين لأثيوبيا واوغندا واريتريا في المفاوضات بحجة أن هذه المفاوضات تتم خارج إطار وساطة "الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا" ايغاد وبرعاية كينيا. وعلم ان ممثلي الدول الثلاث لم يحضروا جلسات يوم أمس. ورد عرمان على هذه النقطة مستغرباً "قبول حكومة مراقبين أميركيين وأوروبيين ورفضها دول الجوار. حركتنا ترى أن رفض مشاركة دول الجوار يتنافى مع علاقات حسن الجوار، خصوصاً أن هذه البلدان متضررة من الحرب ولها مصلحة في السلام". ورأى ان المفاوضات "عطّلت اسبوعاً نتيجة لقضايا اجرائية غير مفيدة ولا تمسّ جوهر القضايا التي اثارها الطرف الحكومي". وتوقع تمديد المحادثات التي كان مقرراً ان تنتهي في 17 الشهر الجاري لتبدأ بعدها الجولة الرابعة من مفاوضات السلام السودانية. وفي الخرطوم قال الامين العام لمستشارية السلام التابعة للرئاسة علي احمد حامد مساء الثلثاء ان الوسيط الكيني الجنرال لازاراس سيمبويو طرح على الطرفين اقتراحات تضمنت ابعاد موضوعي تقرير المصير وعلاقة الدين بالدولة من جدول الاعمال. وعلم ان الحزب درس اقتراحات الوسيط الكيني في اجتماع ترأسه الامين العام للحزب الدكتور ابراهيم احمد عمر وابلغ الوفد الحكومي المفاوض موافقته عليها. وعقد الوسطاء لقاء جمع الطرفين ليل الثلثاء الاربعاء نقل الوفد الحكومي خلاله موافقته لكن وفد الحركة رفض اقتراحاً بتشكيل ثلاثة وفود من ابناء المناطق الثلاثة وتمسك برئاسة القيادي نيال دينغ للوفد وان يكون الوفد المفاوض واحداً وليس ثلاثة وفود. الى ذلك، بدأ وفد من وزارة الخارجية الاميركية اجراء لقاءات مع المسؤولين في طرفي النزاع السوداني ووسطاء "ايغاد" لاعداد تقرير يقدم الى الرئيس جورج بوش، الذي سيقدمه بدوره الى الكونغرس وفقاً لما يقضي به "قانون سلام السودان" الذي اصدره الكونغرس. ويلزم القانون بوش بتقديم تقرير الشهر المقبل في شأن مسار العملية السلمية في السودان، ويدعو الى فرض عقوبات على الطرف الذي يعرقلها. والتقى مساعد وزير الخارجية للشؤون الافريقية تشارلز شنايندر ومسؤولة في وزارة الخارجية عن متابعة جرائم الحرب قادة "الحركة الشعبية" في نيروبي وسيعقدان لقاءات مماثلة مع وسطاء "ايغاد" قبل ان ينتقلوا الى الخرطوم للقاء المسؤولين السودانيين.