أكد وزير الخارجية الأميركي كولن باول، مثلما كان متوقعاً، أمام مجلس الأمن أمس ان لتنظيم "القاعدة" ارتباطات ببغداد، حاسماً جدلاً يدور منذ فترة بين أجهزة الاستخبارات الأميركية خصوصاً استخبارات وزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية "سي اي اي" في هذا الشأن. وكان محور هذه "العلاقة" الوجود المزعوم ل"أبو مصعب الزرقاوي"، القيادي "الكيماوي" في "القاعدة"، في العاصمة العراقية لمدة تزيد على 8 أشهر العام الماضي. وقدّر باول، للمرة الأولى، عدد أفراد "القاعدة" في بغداد، قائلاً انهم في حدود 24. وكشف ان "العراق درب في كانون الاول ديسمبر 2000 عنصرين في تنظيمين ارهابيين مرتبطين بالقاعدة على استخدام الاسلحة الكيماوية والجرثومية"، في إشارة الى جماعة "أنصار الإسلام" في كردستان. وقال ان الرئيس صدام حسين ارسل "عناصر في منتصف التسعينات الى معسكرات تدريب ارهابية في افغانستان لاعطاء دروس في تزوير الوثائق". ويبدو ان كثيراً من المعلومات عن الزرقاوي، واسمه الحقيقي فضيل نزال الخلايلة أردني من أصل فلسطيني، مصدرها الاستخبارات الأردنية التي كشفت دوره في مخطط لتفجير مراكز سياحية يرتادها غربيون نهاية 1999. وكان للأردنيين عميل مرتبط بمخططي الهجمات، مما أدى الى إحباطها واعتقال 28 من المتورطين فيها. لكن "أبو مصعب" كان خارج الأردن، فنال حكماً غيابياً بالسجن 15 عاماً. ومنذ ذلك الوقت والاستخبارات الغربية تُحاول رصد مكانه، خصوصاً بعد كشف السلطات الأميركية "مؤامرة الألفية" واعتقالها الجزائري أحمد رسام الذي كان ينوي تفجير مطار لوس انجليس. وكشف رسام للأميركيين انه تدرّب مع "القاعدة" في أفغانستان وحضر دورات نُفّذت فيها اختبارات على الأسلحة الكيماوية جُرّب بعضها على كلاب. وكان الزرقاوي، على ما يبدو، أحد المشرفين على تلك الاختبارات الكيماوية التي صُوّر بعضها بالفيديو. لكن اخبار الزرقاوي اختفت لفترة، ثم ظهرت خلال الضربات الأميركية لأفغانستان في نهاية 2001 وبداية 2002. إذ وردت تقارير عن إصابته في ساقه، وفراره الى إيران ومنها الى العراق حيث خضع لعملية جراحية بُترت فيها ساقه بين أيار/مايو وحزيران/يونيو 2002. وعلم الأمن الأردني بوجوده هناك، لكن السلطات العراقية لم تسلّمه. واختفت أخباره مجدداً حتى تشرين الأول اكتوبر الماضي عندما تبيّن للأردنيين انه أمر بقتل الديبلوماسي الاميركي لورنس فولي في عمان في 28 من ذلك الشهر. لكنه كان في تلك الفترة على الأرجح في كردستان، خارج السلطة المركزية. وعززت إمكان وجود الزرقاوي في كردستان شُبهات لدى بعض الأجهزة الأميركية بأنه يحتمي لدى جماعة "أنصار الإسلام" بقيادة الملا كريكار، وان هذه الجماعة هي صلة وصل بين الحكم العراقي و"القاعدة". وكانت لدى الاستخبارات الأميركية معلومات في هذا الإطار منذ سنوات، وهي حققت فيها لكنها لم تصل الى نتيجة. وركّز أحد خيوط تلك التحقيقات على طبيعة العلاقة بين كريكار وشيخ سلفي عراقي يدعى "أبو وائل" واسمه الحقيقي سعدون محمود عبداللطيف العاني الذي اشتبه الأميركيون بأنه يمكن ان يكون على علاقة بأجهزة عراقية. لكن كريكار أوضح لمسؤولين أميركيين قابلوه ان "أبو وائل" شيخ سلفي متقدم بالسن لا علاقة له بالرئيس العراقي. لكن ذلك النفي لم يُقنع بعض المسؤولين الأميركيين في وزارة الدفاع من القريبين الى الوزير دونالد رامسفيلد، خصوصاً انهم كانوا حصلوا على شهادات أخرى من أشخاص معتقلين لدى المعارضة العراقية أكدوا وجود علاقة بين العراق و"القاعدة". وقال أحد هؤلاء انه كان مرافقاً للدكتور أيمن الظواهري، الرجل الثاني في "القاعدة"، خلال زيارة قام بها لبغداد. في حين زعم شخص آخر انه كان ينشط في تهريب أسلحة صواريخ من العراق لحركة "طالبان" في أفغانستان، وان إحدى هذه الشحنات كانت "مواد كيماوية" أُخفيت في داخل أجهزة تبريد شُحنت بحراً الى باكستان ومنها الى أفغانستان. وأكد باول، في هذا الإطار، ان الزرقاوي مرتبط ب"أنصار الإسلام" التي تقيم معسكراً تُجرى فيه اختبارات على سم "الرايسين". لكنه قال ان لبغداد عميلاً كبيراً في "أنصار الإسلام" هو الذي عرض على"القاعدة" المجيء الى العراق. وقال ان شخصين يملكان خبرة في الاسلحة الكيماوية اعتُقلا خلال عبورهما من العراق الى السعودية.