اتهم وزير الخارجية الأمريكي كولن باول أمس العراق باخفاء اسلحة محظورة واعتماد الخداع مع المفتشين وذلك في خطاب القاه امام مجلس الامن مدعوما بتسجيلات صوتية والعديد من الصور المأخوذة عبر الاقمار الاصطناعية.وخلال هذا الاجتماع التاريخي لمجلس الامن الذي يمكن ان يكون حاسما لجهة تحديد خيار الحرب ضد العراق، عرض باول في خطابه الذي حمل عنوان فشل نزع السلاح سلسلة من الاتهامات تناولت اخفاء العراق معلومات حول سلاحه المحظور واقامته علاقات مع منظمات ارهابية منذ عقود بينها تنظيم القاعدة.ووصف العراق ادعاءات باول بعدة أوصاف منها: مسرحية، تثير الضحك، افتراءات، استعراض على الطريقة الأمريكية، نتاج لعمليات تجسس رديئة.وقال باول ان حوالي 24 من عناصر تنظيم القاعدة يتمركزون في بغداد. وعرض الوزير الامريكي صورة لمحمد الزرقاوي وهو عضو معروف في تنظيم القاعدة، وادعى باول ان العراق درب في ديسمبر 2000 عنصرين في تنظيمين ارهابيين مرتبطين بالقاعدة على استخدام الاسلحة الكيميائية والجرثومية. وعرض باول تسجيلا لحديث قال انه بين ضابطين عراقيين رفيعي المستوى يتكلمان عن اجلاء معدات. كما عرض على شاشتين ضخمتين صورا مأخوذة بالاقمار الاصطناعية تظهر ان مواقع افرغت من محتوياتها قبل دقائق من وصول مفتشي الاممالمتحدة، واعتبر ان نظام بغداد اختار عدم التعاون وعليه ان يدفع الثمن. وقال احد المسؤولين العراقيين في الشريط المسجل لقد اخلينا كل شيء ولم يبق شيء. وقال باول ان العراق عدل تركيبة خزانات الوقود لمقاتلات عراقية من نوع ميراج لنشر غازات سامة او اسلحة جرثومية، كما اتهمه بتوزيع اسلحة بيولوجية على 18 شاحنة، وبانه هدد علماء بالقتل، وبانه يملك طاقة على انتاج فيروس الجدري واستخدامه كسلاح بيولوجي. وتابع باول ان صدام حسين سمح اخيرا لقادته الميدانيين باستخدام اسلحة كيميائية متسائلا لماذا يفعل ذلك طالما انه لا يملك هذا النوع من الاسلحة؟. واعتبر ان العراق على اعلى المستويات ينتهج سياسة الخداع والتهرب وانه لم يبذل اي جهد لنزع سلاحه ووضع نفسه في وضع يعرضه لأوخم العواقب. واتهم صدام حسين بانه مصمم على امتلاك قنبلة نووية ولن يتراجع امام شيء الى ان يوقفه احد ما وانه لم يغتنم فرصته الاخيرة وان الولاياتالمتحدة لن تسمح للعراق بالاستمرار في حيازة اسلحة دمار شامل لبضعة اشهر اضافية. وقال ان العراق يخفي عناصر اساسية في برنامجه المحظور لانتاج اسلحة كيميائية في مبان تابعة لصناعته البتروكيميائية. واتهم باول العراق بانه يستخدم سجناء محكوم عليهم بالاعدام في اجراء تجارب لاسلحة كيميائية او بيولوجية عليهم. وجلس مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جورج تينيت وراء باول خلال القائه خطابه. وارسلت 12 من الدول ال 15 الاعضاء في مجلس الامن وبينها الدول الدائمة العضوية وزراء خارجية الى الاجتماع. ويمثل الدول الثلاث الاخرى، سوريا وغينيا وانغولا، سفراؤها الدائمون لدى الاممالمتحدة. كما حضر الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الاجتماع اضافة الى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ورئيس لجنة المراقبة والتحقق والتفتيش (انموفيك) هانس بليكس. واستمرت كلمة باول حوالي 80 دقيقة لمهمة لا تتسم بالسهولة خصوصا ان اغلبية اعضاء المجلس يعارضون شن حرب على العراق، ويؤيدون استمرار اعمال التفتيش. من جهته دعا وزير الخارجية الصيني تانغ جياكسوان الى مواصلة عمليات التفتيش في العراق. وقال في مداخلته بعد كلمة وزير الخارجية الأمريكي علينا ان ندعم مواصلة عمل المفتشين الدوليين عن الاسلحة. اما وزير الخارجية البريطاني جاك سترو فراى ان 14 فبراير، الموعد المحدد لتقديم المفتشين الدوليين عن الاسلحة تقريرهم المقبل، سيكون موعدا حاسما للعراق واعتبر ان صدام حسين يتحدانا جميعا ويتحدى كل الامم التي نمثلها. ودعا وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف في كلمته الى مواصلة عمليات التفتيش عن الاسلحة في العراق. وقال ايفانوف ان الانشطة الدولية يجب ان تتمكن من الاستمرار، مضيفا ان المفتشين وحدهم يمكنهم رفع توصية حول الوقت الذي يلزمهم لانجاز مهمتهم. وطلب ايفانوف من بغداد ان ترد على المعلومات التي قدمها باول حول برامج التسلح لديها. كما طلب من كل الدول تقديم كافة المعلومات التي بحوزتها للمفتشين على الارض. واعلن وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان في كلمته ان فرنسا لا تستبعد اللجوء الى القوة كحل اخير ضد العراق. واقترح دو فيلبان تعزيز عمليات التفتيش عن الاسلحة في العراق عارضا تقديم طائرات مراقبة من طراز ميراج-4. ومثل العراق، غير العضو في مجلس الامن حاليا، سفيره الدائم محمد الدوري. ووضعت شاشتان ضخمتان على جدار قاعة مجلس الامن. وشبهت الصحف الأمريكية الاجتماع باجتماع أكتوبر 1962، عندما قدمت الولاياتالمتحدة ادلة على ان الاتحاد السوفياتي ينصب صواريخ في كوبا. ومن المقرر ان يصل البرادعي وبليكس السبت الى بغداد على ان يقدما تقريرا جديدا بحصيلة عمل المفتشين الى مجلس الامن في الرابع عشر من الشهر الجاري. ووجه وزير الخارجية الأمريكي اصابع الاتهام الى الاردني ابو مصعب الزرقاوي الذي يشتبه بكونه مسؤولا في القاعدة لجأ الى العراق. وفاضل نزال الخلايلة المعروف بالزرقاوي (36 عاما) من اصل فلسطيني، مبتور احدى الساقين، وتتحدث اجهزة استخبارات عدة عن علاقته برئيس تنظيم القاعدة اسامة بن لادن. ويؤكد مسؤولو اجهزة الاستخبارات الأمريكية انه احد افضل خبراء القاعدة في ميدان الاسلحة الكيميائية والبيولوجية. واكد باول خلال تقديم ادلته عن وجود اسلحة دمار شامل في العراق وعن علاقة العراق بالارهاب، ان الزرقاوي لجأ الى بغداد مع 24 عنصرا من القاعدة. ودعم باول كلامه باظهار رسوم بيانية مع صور عدة بينها صورة الزرقاوي مع عبارة فوقه جاء فيها الشبكة المرتبطة بالعراق. وشدد باول على ان عملاء للزرقاوي حضروا لعمليات في فرنسا وبريطانيا. وتتهم الولاياتالمتحدة الزرقاوي بالتخطيط لاغتيال الدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي (62 عاما) المسؤول عن الوكالة الدولية للتنمية الذي قتل باطلاق النار عليه في 28 اكتوبر امام منزله في عمان. ويشتبه الأمريكيون بان الزرقاوي قاتل في افغانستان الى جانب منفذي اعتداءات 11 سبتمبر. وقد جرح في افغانستان، ونجح في اجتياز الحدود الايرانية. ثم توجه فيما بعد الى العراق حيث شفي من جروحه. وفتح جهاز الاستخبارات الأمريكية (سي آي ايه) تحقيقا في تورط الزرقاوي في مخطط لتسميم جنود بريطانيين بسم الخروع (ريسين). وقد شوهد الزرقاوي الصيف الماضي في معسكر في جنوبلبنان حيث كان يشارك في اجتماع لناشطين اسلاميين بينهم عناصر في حزب الله. وفر الزرقاوي من الاردن في 1999. وفي اكتوبر 2000، صدر حكم بحقه غيابيا في عمان بالسجن لمدة 15 عاما في اطار محاكمة 28 شخصا مرتبطا بالقاعدة. وقال رئيس الوزراء الاردني علي ابو الراغب في 18 ديسمبر ان الزرقاوي يختبىء في كردستان العراق غير الخاضع لسلطة الرئيس العراقي صدام حسين. واتهم ابو الراغب ايضا الزرقاوي باقامة علاقات مع مجموعة انصار الاسلام المتشددة التي تسيطر على جيب في منطقة كردستان، مشيرا الى ان هذه المجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة. وفي اول رد فعل عراقي وصف المعلق السياسي في قناة التلفزيون العراقية الفضائية بالمسرحية الكلمة التي القاها باول امام مجلس الامن الدولي حول العراق. ووصف المندوب العراقي لدى الاممالمتحدة محمد الدوري في كلمته التي استغرقت 15 دقيقة واشار الى أنها لا تكفي بالكاد للرد على ادعاءات باول امام مجلس الامن ان المزاعم الأمريكية التي وردت على لسان وزير الخارجية كولن باول بشأن العراق تثير الضحك. وكان الدوري آخر المتحدثين في الجلسة التي تحدث فيها باول عن معلومات واشنطن بشأن امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل، واعتبر ان بعض ما قاله باول لا علاقة له بالوضع القائم. واضاف ان باول كان يمكنه ان يوفر على نفسه وعلى مجلس الامن هذا الجهد عبر تقديم ما قدمه لنا اليوم مباشرة الى مفتشي الاممالمتحدة، كما ينص على ذلك قرار الاممالمتحدة. وأكد ان لجنتي الاممالمتحدة للبحث عن السلاح تعرفان ما يجري على الارض في العراق، مشيرا الى ان برامج اسلحة الدمار الشامل ليست حبة اسبيرين لتخفى بسهولة، انما تتطلب وجود منشآت كبيرة .. وهذه امور لا يمكن اخفاؤها، والمفتشون تجولوا في جميع انحاء العراق ولم يؤشروا الى اي منها. أما بالنسبة الى التسجيلات الصوتية، فقال الدوري ان التطور العلمي والفني تقدم بما يسمح بتلفيق مثل هذه التسجيلات لاي شخص في اي مكان في اي وقت ولا يمكن الاعتداد بها. وتابع المندوب العراقي ان الهدف الواضح من هذه الجلسة ومن تقديم كولن باول ادعاءات غير صحيحة، هو تسويق فكرة الحرب والعدوان بدون مبرر قانوني او اخلاقي او سياسي لاقناع الرأي العام الأمريكي والعالمي بشن حرب عدوانية على العراق. وقال في المقابل يعرض العراق الامن والسلام ويؤكد تصميمه على مواصلة التعاون الفعال مع فرق التفتيش لانجاز مهامها واثبات خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل تمهيدا لرفع الحصار وضمان امن العراق .. والامن الاقليمي بنزع اسلحة الدمار الشامل، ومن ضمنها ترسانة الاسلحة في اسرائيل. واكد مسؤول عراقي وهو يقرأ رسالة لوزير الخارجية العراقي ناجي صبري ان العراق سيرسل الى الاممالمتحدة ردا مفصلا وشاملا على كل الاكاذيب التي تلفظ بها وزير الخارجية الأمريكي. وقال مسؤول المكتب الصحافي العراقي عدي الطائي، ان العراق سيرسل الى الامين العام للامم المتحدة والى اعضاء مجلس الامن الدولي ردا مفصلا وشاملا على كل الاكاذيب الواردة في مداخلة باول. وصرح مستشار الرئيس العراقي اللواء عامر السعدي ان خطاب باول استعراض على الطريقة الأمريكية يعتمد التأثيرات الخاصة. وقلل السعدي من اهمية التسجيلات الصوتية التي قدمها باول وقال انها من انتاج شركة تجسس رديئة. باول