تزايدت وتيرة اعمال العنف في اقليم دارفور في غرب السودان في الايام الماضية بصورة تنذر بنشوب "تمرد مسلح" تقف وراءه جماعات محلية تعتقد بأنها في حالة دفاع عن النفس، في وقت اقترب فيه السودانيون من اطفاء الحرب في الجنوب خلال العام الجاري. واعترفت الحكومة السودانية للمرة الاولى بوجود تمرد مسلح في دارفور المتاخمة لتشاد وليبيا وافريقيا الوسطى ووعدت بمعالجته "عسكرياً وسياسياً وتنموياً"، وحضت المعارضة على معاونتها لاعادة الامن والاستقرار الى المنطقة. الا أن معارضين للحكومة حمّلوها المسؤولية عن تدهور الوضع الامني، واكدوا ل"الحياة" أن الحوادث الاخيرة في المنطقة، ومنها مقتل جنود حكوميين وفي مكمن قتل مسؤول حكومي في حادث آخر "رد فعل على ظلم واعتداءات مستمرة تقع على السكان المحليين الذين يقتل بعضهم ويشرد الباقون من قراهم التي تحرق في عمل منظم لابعادهم من ارض اجدادهم". واعلن حاكم ولاية شمال دارفور الفريق ابراهيم سليمان خلال مؤتمر شارك فيه نحو 400 من قيادات ولايات دارفور في الحكومة والمعارضة انتهى أمس، "أن مجموعة معارضة مسلحة تتخذ من منطقة جبل مرة معقلاً". وقال ان "مجموعة مسلحة يقودها المحامي عبدالواحد محمد احمد استولت على مقر رئاسة محافظة جبل مرة ورفعت علما جديدا، وعينت عبدالله كور محافظا". وقال المسؤول في "آلية بسط الامن في دارفور" عثمان محمد يوسف ان المجموعة "استهدفت قوات نظامية وادت عملياتها الى مصرع عشرات"، واشار الى "عصيان مسلح اخر في منطقة كرنوى في اقصى شمال دارفور". وقال وزير الداخلية اللواء عبدالرحيم محمد حسين ان حكومته "لن تسمح لاحد برفع السلاح في وجهها وتسعى الى معالجة مشاكل دارفور عبر الحوار السياسي والحل العسكري وتنمية المنطقة". ودعا المعارضة الى التعاون لاعادة الامن الى المنطقة. لكن المشاركين في المؤتمر أكدوا ضرورة حل الازمة عبر الحوار والتنمية. وقالت مصادر امنية ان غالبية افراد مجموعة جبل مرة تنتمي الى قبيلة الفور، في حين ينتمى اعضاء مجموعة كرنوى الى قبيلة الزغاوة، وانهما تستفيدان من النزاع القبلي بين المزارعين والرعاة. وحمّل حاكم دارفور في العهد الديموقراطي الاخير الدكتور التيجاني السيسي الحكومة المسؤولية عن تدهور الوضع الامني، وردّه الى "تسليح الحكومة القبائل وتمليك قبائل رعوية نازحة اراضي السكان الاصليين اضافة الى الصراع القديم بين القبائل". وقال ل"الحياة": "لدينا ادلة على احراق مجموعات القرى من دون ان تحرك الحكومة ساكنا". ورأى أن "ما يحدث دفاع مشروع عن النفس"، لكنه اعتبر انه لا توجد تنظيمات وراء الحوادث الاخيرة. وقال حاكم دارفور السابق رئيس تنظيم "التحالف الفيديرالي" المعارض احمد ابراهيم دريج ل"الحياة" أمس، إن "ما يحصل في دارفور هو ظلم يتعرض له السكان يتمثل في عدم حماية المزارعين من القبائل الرعوية المعتدية، وما يحصل الآن رد من المزارعين. الحكومة تريد الترويج لتمرد، واذا ارادت منع تمرد المواطن فيجب ان تكون عادلة. السكان يشعرون بأن للدولة دورا في هذه التطورات ويعتبرون انهم في حالة دفاع عن النفس". وزاد: "أي وسيلة لرد الظلم مشروعة، ولا نستبعد ان تظهر قيادات بين المتضررين".