الأميركيون يتهيأون للحرب، وقوات الكوماندوس التي أرسلوها قبل فترة تتحرك داخل العراق، وفي جعبتها أوامر كثيرة لتخريب البنى التحتية للقوات العراقية. أحد أهدافها الرئيسة تعطيل شبكات الاتصالات والانترنت في البلاد، والتسلل منها الى مفاتيح التحكم في منشآت كثيرة إما لتعطيلها، وإما لمنع تخريبها إذا اندلعت الحرب. الناطقة باسم البنتاغون دايان بيري، قالت ل"الحياة": "لا أعتقد بأننا أعلنا رسمياً وجود قوات أميركية داخل العراق"، لكنها لم تستبعد "احتمال شن حرب الكترونية" على شبكات الانترنت داخل العراق. وأضافت: "هناك احتمالات كثيرة لا بد من أخذها في الاعتبار". الأساطيل والحشود الأميركية في الخليج تكفي الولاياتالمتحدة، لتستغني عن أي جيوش حليفة تقاتل بجانبها "ولن تفعل أكثر من أن تبطىء سرعة حركتها". هذه القوات تستخدم أحدث نظم التوجيه الرقمي، ومزودة أسلحة ذكية من الجيل الخامس. الحرب على العراق ستكون ساحة للحرب الالكترونية أيضاً. ما شاع عن الخطط يشير إلى أن الأميركيين يريدون في المراحل الأولى للحرب اقتطاع 75 في المئة من أراضي العراق، والانتقال بعدها لمحاصرة منطقة عرضها 80 كلم وطولها 240 كلم، تمتد من بغداد وحتى تكريت شمالاً، ويحدها من الغرب الفرات ومن الشرق دجلة. سرعة الحرب عامل حاسم، وشل مراكز السيطرة والقيادة العراقية مهم لتحقيق تقدم سريع. الكوماندر غايت، الناطق باسم القيادة المركزية "سنتكوم"، قال ل"الحياة": "لا أريد التعليق على إمكان استخدام القنبلة الالكترونية. هي فقط جزء من الخطة العملياتية" الخاصة بالحرب. ورفض أيضاً الخوض في احتمال شن حرب الكترونية لتعطيل شبكات الانترنت العراقية، أو السيطرة عليها للتحكم بالمرافق الأساسية، ووقف الاتصالات بين القيادة العراقية وقواتها. الإدارة الأميركية سخّرت إمكانات تقنية المعلومات لخدمة حملتها على الارهاب، و"المركز المتكامل للمخاطر الارهابية" الجديد الذي سيعمل فيه ابتداء من الأول من أيار مايو المقبل 300 خبير في مكافحة الارهاب، سيُحكم وِثَاق الحرب الالكترونية حول العالم. الحرب الرقمية هي في الواقع مشروع سري وقعه الرئيس جورج بوش، في تموز يوليو الماضي، وكشفته في السابع من الجاري صحيفة "واشنطن بوست". وهو يعطي الولاياتالمتحدة الحق في استخدام الحرب الالكترونية ضد الشبكات الالكترونية التابعة لأعدائها. والأسلحة قنابل إلكترونية وفيروسات تستطيع أن تشل الشبكات التي يعتمد عليها "العدو" من أجل إدارة حياته اليومية وتنسيق الاتصالات بين قطعاته العسكرية وإدارة خططه الدفاعية، أو اقتصاده. وعقدت الادارة الأميركية، الشهر الماضي، اجتماعاً ضم 50 من الأكاديميين والمسؤولين والعسكريين والصناعيين في "معهد التكنولوجيا في ماساشوسيتس" للبحث في أسلوب شن الحرب الالكترونية، وأظهرت الخطوة عزم واشنطن على نقل الفكرة إلى مستوى أعلى من التطبيق والتطوير. ورفضت الناطقة باسم البنتاغون التعليق على ما يقال عن تسلل قوات أميركية إلى العراق تعمل على اختراق شبكات الانترنت في هذا البلد. ويتوقع الخبراء أن يحقق الأميركيون الكثير إذا نجحوا في اختراق شبكات التحكم في منظومات الانتاج النفطي، وفي منع السلطات العراقية من تفجيرها، لمنع استغلال حقول النفط لاحقاً، ولتعطيل الرؤية فوق سماء البلاد وإعاقة الهجمات الجوية.. ولا شك في أن استهداف عقد الاتصال والسيطرة في سلسلة القيادة العسكرية في الجيش العراقي هدف استراتيجي، لأنه يمكن أن يعيق قدرة القوات العراقية على تنسيق خططها في مواجهة عدو متفوق عليها تكنولوجياً، ويسهل تطويقها والاستفراد بها. وأعلن الرئيس بوش، السبت الماضي، ملامح الاستراتيجية الأميركية لمحاربة الارهاب معتبراً أنها حرب القرن الحادي والعشرين، مشدداً على أن الهدف هو استخدام التكنولوجيا لخفض قدرة الارهابيين على الاتصال، وعزلهم، وتخريب خططهم قبل شن هجماتهم. وتركز هذه الاستراتيجية على الحرب الالكترونية، وعلى أن "حماية النظم الحيوية مسؤولية مشتركة للقطاعين الخاص والعام،"، وتدعو إلى ضمان "سلامة البنى التحتية الحساسة التي تتيح حشد الأمن الوطني والتصدي الشامل". وهي أهداف لا يمكن أن تترك الولايات التحدة خصومها يتمتعون بها، بما في ذلك العراق.