لا يمكن الحديث عن الشركات الفلسطينية العاملة في مجال صناعة التكنولوجيا المعلوماتية قبل العام 1994، اي قبل قيام السلطة الفلسطينية. فقبل ذلك التاريخ كانت خجولة جداً ومتواضعة لافتقارها الى الإمكانات الضرورية التي تعتمد عليها مثل شبكات الاتصالات وأنظمتها، وعدم توافر الكفايات البشرية التي كانت تقيم غالبيتها في الخارج، عدا عن الشروط الإسرائيلية القاسية. وبعد عام 1994، تمكن قطاع المعلوماتية نسبياً من شق طريقه الصعبة تحيطه اشواك الظروف المتنوعة التي يعانيها المجتمع الفلسطيني وبناه التحتية. يأتي الحديث اليوم عن قطاع تكنولوجيا المعلومات الفلسطينية بسبب القدرة التي اثبتها هذا القطاع على الاستمرارية على رغم الموانع. وتظهر السوق الفلسطينية احتياجاً كبيراً الى المعلوماتية وخدماتها ما يشرح العدد الكبير من شركات الكومبيوتر والإنترنت فيها. وفي العام 1997 انشئت "شركة الاتصالات الفلسطينية" كشركة خاصة ساهمت الى حد كبير في تسريع نمو هذا القطاع الذي اصبح مخصخصاً بنسبة 100 في المئة. ومنذ ذلك الحين بلغت نسبة النمو 30 في المئة سنوياً الأمر الذي جعل شركات المعلوماتية تسهم في تطور الاقتصاد المحلي في شكل بارز. واستفادت السلطة الفلسطينية من خدمات هذا القطاع، خصوصاً في الوزارات والإدارات العامة، لناحية تطوير العمل الإداري والاقتصادي والتجاري. وكذلك استفادت الشركات الكبيرة والمؤسسات التجارية الصغيرة من البرامج المنتجة محلياً. ولشركات المعلوماتية اسهام لافت في المجال الإعلامي - الإخباري، وهذا جانب مهم جداً في ربط ما يجري من احداث متنوعة بالعالم. وتحرص معظم المواقع العاملة على شبكة الإنترنت على تقديم نشرة اخبارية متنوعة بالحد الذي تسمح فيه امكانات الشركة والعاملين فيها والتقنيات التي يعملون عليها. وساهمت الأحداث الأخيرة واندلاع الانتفاضة الثانية والحصار المكثف في تراجع معدلات النمو الاقتصادي، خصوصاً في قطاع صناعة التكنولوجيا الذي تغرر كثيراً ليهبط معدل النمو من 30 في المئة قبل الانتفاضة الى 10 في المئة بعدها. ولا يزال هذا القطاع في تراجع مستمر ما جعل الشركات الكبرى تفكر في توسيع رقعة انتشارها والانفتاح على الأسواق العربية الأخرى. وعمد اتحاد شركات انظمة المعلومات الفلسطينية "بيتا" الى فتح مكتب اقليمي تمثيلي في مدينة دبي للإنترنت. وساعدت هذه الخطوة الجريئة نوعاً ما في زيادة الصادرات على رغم المنافسة القوية الموجودة في دبي، فحافظت بعض الشركات على استمرارية عملها بتقديم خدماتها في البرمجة وتوفير الخدمات المتعلقة بها. ويشمل عمل هذه الشركات كل تخصصات المعلوماتية إما من خلال حصولها على توكيلات خاصة لشركات عالمية وإما في تطوير البرامج وانظمة الاتصالات والخدمات الاستشارية وخدمات الإنترنت. وتلعب الجغرافيا دوراً مهماً في تحقيق الفائدة للنمو الاقتصادي الفلسطيني لأن وجود الشركات على الأرض الفلسطينية بات مهماً من ناحية القدرة على فهم حاجات السوق الأساسية وتوفير فرص العمل للمختصين بهذه الصناعة. وتشكل الإفادة من العولمة الدافع الأساس لهذه الصناعة التكنولوجية.