أكد وزير الاقتصاد والتجارة السوري الدكتور غسان الرفاعي ان سورية تعول كثيراً في هذه المرحلة على الصناعة المصرفية لتحديث الاقتصاد وتوليد النمو، لافتاً إلى ان آفاق التقدم الاقتصادي في سورية رحبة وواعدة ومؤهلة لتحقيق أعلى معدلات النمو الاقتصادي في المنطقة. وقال الرفاعي في افتتاح ندوة التكنولوجيا والصناعة المصرفية "ان سورية اعتمدت على سياسات وتوجهات تهدف إلى تطوير وانفتاح الاقتصاد الوطني، اذ عمدت الدولة إلى إصلاح الإدارات العامة المعنية بالشأن الاقتصادي وطورت التشريعات وخففت شروط التعامل بالنقد الأجنبي وسهلت القيود الجمركية وحسنت الشروط الضريبية بالنسبة للمستثمرين، وحررت القطاع المصرفي وفتحت أبوابه للمستثمرين الذين تتوافر فيهم الشروط الملائمة والسمعة والخبرة الجيدة". وتهدف الندوة، التي افتتحت اول من أمس واستمرت يومين وعقدها مجلس رجال الأعمال السوري - اللبناني وشارك فيها عدد كبير من الخبراء العرب والأجانب، إلى إظهار دور التكنولوجيا في الإدارة المصرفية الحديثة والمشاكل التي تنجم عن استخدامها، إضافة إلى تطوير الثقافة المصرفية في كل من لبنان وسورية. وقال رئيس مجلس رجال الأعمال السوري - اللبناني راتب الشلاح: "ان سوقاً مالية بدأت تظهر معالمها في سورية ولا بد من تشجيعها وتحسين شروط عملها وان تستكمل بإصدار قانون سوق الأوراق المالية الذي اصبح حاجة اقتصادية ملحة في ضوء نمو الشركات المساهمة وتداول أسهمها بالطرق والوسائل النظامية". وتسعى الحكومة السورية منذ إقرار قانون المصارف الخاصة قبل عامين إلى تهيئة الأجواء المناسبة لانطلاقتها، اذ أصدرت قوانين عدة في إطار تطوير العمل المصرفي وجعله اكثر مرونة لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، من بينها إقرار مشروع قانون مكافحة غسل الأموال وتشكيل مجلس النقد والتسليف وخفض أسعار الفائدة الدائنة في المصارف العامة بمقدار واحد في المئة وإلغاء المرسوم رقم 6 الذي كان يفرض عقوبات اقتصادية على حيازة العملات الأجنبية والمعادن الثمينة. وقال رئيس مجلس إدارة "بنك لبنان والمهجر" شادي كرم ان "السوق السورية متعطشة لخدمات وأدوات مصرفية حديثة وان المصارف الموجودة حالياً لا تقدم قروضاً لشراء السيارات أو لتأثيث منزل، وحتى المصرف العقاري لا يزال يطلب تعديل إحداث مرسوم نظامه وعملياته ليستطيع تقديم خدمات جديدة ومتطورة والمصرف المركزي في تعاطيه مع المصارف لا يزال في بدايته". وأضاف: "يوجد فراغ من الناحية القانونية والإجرائية والعملية يجعلنا نتساءل عن كيفية العمل والمخاطر، والمطلوب وضع خطة عامة لجميع المصارف وخصوصاً العامة من خلال إعادة النظر بمراسيم إحداثها وإلغاء التخصصية وإعطاء حرية الصرف ليس بشكل غوغائي ولكن بشكل تجاري يتبع العرض والطلب، وان تقرر السوق موضوع الفائدة". وتأتي أهمية هذه الندوة من انها عقدت مع توقعات ببدء عمل المصارف الخاصة في البلاد مطلع السنة المقبلة للمرة الأولى بعد اكثر من 40 عاماً على تأميم العمليات المصرفية في سورية. وكانت دمشق أعطت في نيسان إبريل الماضي موافقتها على تأسيس ثلاث مؤسسات مصرفية خاصة في إطار الإصلاحات التي يشجعها الرئيس بشار الأسد منذ توليه الحكم عام 2000. والمصارف التي حصلت على الموافقة هي "بنك بلوم" اللبناني بالاشتراك مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي و"البنك الأوروبي للشرق الأوسط" بيمو اللبناني بمشاركة "البنك السعودي - الفرنسي" و"بنك الإسكان" الأردني. ويستطيع الشركاء الأجانب في المصارف امتلاك حصة تصل إلى 49 في المئة فيما يملك المستثمرون السوريون 51 في المئة. كما منحت سورية موافقة مبدئية ل"البنك العربي" الاردني ولمصرف بحريني، لكنها لم تمنحهما بعد الموافقة النهائية. ويشير خبراء مصرفيون إلى ان السماح للمصارف الخاصة بالعمل في سورية ربما يؤدي إلى جذب الودائع السورية في الخارج، التي يقدر حجمها بين 80 و120 بليون دولار، والى تحريك عجلة الاقتصاد.