في أسوأ كارثة جوية، لم يشهد لها لبنان مثيلاً، قضى نحو مئة لبناني من المغتربين في افريقيا في سقوط طائرة كانت تقلهم من كوتونو عاصمة بنين الى بيروت لتمضية عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، وبعضهم أتى من لومي وكوناكري المجاورتين. واتشحت قرى في الجنوب وجبل لبنان والشمال بالسواد وسط اجواء حزن عامة في البلاد التي انصرف اهلها عن الاحتفال بالأعياد الى متابعة أخبار الكارثة على شاشات التلفزيون وعبر الاذاعات. راجع ص5 وتضاربت المعلومات عن اسباب تحطم الطائرة في المطار اثناء الاقلاع، فمن قائل بوجود حمولة زائدة او غير متوازنة التوزيع الى قائل بعدم اهلية الطائرة للخدمة أساساً، لكن مصادر في البعثة اللبنانية التي توجهت إلى بنين برئاسة وزير الخارجية جان عبيد رفضت الدخول في تحديد الاسباب الفنية قبل التحقق من مضمون الصندوقين الاسودين اللذين عثر عليهما بعد ظهر امس. ونفى درويش خازم احد الناجين مدير شركة UTA وجود اي حمولة زائدة، في الوقت الذي بوشرت فيه التحقيقات بمشاركة مديريتي الطيران المدني في غينياوبنين، وفي حضور مهندس من مديرية الطيران المدني اللبناني بصفة مراقب. وطلب القضاء اللبناني من "الانتربول" افادته بمعلومات عن أسباب الحادث وتحديد هوية مالك الطائرة والوضع القانوني له، وقال النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم ان الاجراء هدفه المعرفة هل هناك شبهة في جرم جزائي لاتخاذ الاجراءات القانونية. وفيما لم تعلن ارقام رسمية عن عدد الضحايا من اللبنانيين لتعذر انتشال كل الجثث او التعرف الى بعضها لعدم وجود لائحة بأسماء المسافرين على الطائرة من كوناكري ولومي علمت "الحياة" ان عدد الناجين بلغ 14 لبنانياً اثنان منهم ما زالا في حال الخطر، إضافة الى ثمانية آخرين من جنسيات سورية وفلسطينية وليبية وأفريقية. وأعلن وزير خارجية بنين روغاسيان بياو ان حصيلة الكارثة ارتفعت الى 133 قتيلاً و22 جريحاً. وروى ناجون ل"الحياة" انهم احسوا بارتطام ما، قبل ان تنشطر الطائرة فور اقلاعها وتسقط حطاماً في مياه المحيط الاطلسي قرب مطار كوتونو. وقالوا انهم عادوا سباحة الى الشاطئ. وتملك الطائرة وهي من طراز "بوينغ 727" شركة اتحاد النقل الجوي الافريقي UTA ومسجلة كناقلة وطنية في غينيا وقبلها في سييراليون ويساهم فيها لبنانيون من آل خازم، وكان سبق للبنان ان رفض الترخيص لها لافتقادها، كما قال وزير النقل اللبناني نجيب ميقاتي، الى الشروط الفنية المطلوبة. وهذا الامر نفاه أمس وزير النقل الغيني سيللو ديالو الذي قال: "لم يسأل احد الحكومة اللبنانية اصدار ترخيص يؤكد ان الطائرة مؤهلة للطيران". وفي موازاة اجواء الحزن العارم تحرك المسؤولون اللبنانيون على اعلى المستويات لمواجهة نتائج الكارثة وانقاذ المصابين واعادة جثامين الضحايا الى بيروت، وغادرت بعثة على رأسها وزير الخارجية ضمت طاقماً طبياً وعناصر من فوج مغاوير البحر في طائرة مجهزة طبياً. وقد شارك هؤلاء في عملية الانقاذ والبحث عن أحياء تحت حطام الطائرة وفي انتشال جثث الضحايا بالتعاون مع فرق بنينية لا تملك الا وسائل بدائية وأبناء الجالية اللبنانية في كوتونو والعواصم المجاورة. وأبدى الرئيس الفرنسي جاك شيراك بعد اتصال برئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري استعداد فرنسا لارسال طائرتين احداهما طبية وكذلك قطعة بحرية للمشاركة في البحث عن الجثث. وفعلاً ارسلت وزارة الدفاع الفرنسية طائرة DC8 الى مطار كوتونو مساء امس لنقل جثث الضحايا. وبقي رئيس الجمهورية اميل لحود على اتصال دائم بالبعثة اللبنانية، لمتابعة عمليات الانقاذ. واجتمع عبيد مساء امس مع رئيس بنين ماثيو كيريكو للبحث في اجراءات نقل الجثث والجرحى، وترددت معلومات عن وصول دفعة اولى اليوم.