أسفرت عمليات البحث عن الطائرة الإثيوبية التي سقطت فجر الاثنين الماضي في البحر بعد دقائق من إقلاعها من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، عن تحديد موقع الصندوق الأسود بعدما تلقت المدمرة الأميركية «يو أس أس راميج» إشارات منه. ووفق معلومات حصلت عليها «الحياة»، فإن فرق البحث التي كانت توزعت العمل وفق مربعات من منطقة الدامور إلى مرفأ بيروت، بدأت تأخذ صوراً صوتية وتبين أن ثمة مكاناً كانت ترتفع فيه الذبذات فاعتبرت أنها متأتية من الصندوق الأسود، وتوجهت كل فرق البحث إلى تلك المنطقة التي حددت مساحتها بنحو 35 ألف متر على مسافة نحو 8 كيلومترات من الشاطئ ويصل عمقها إلى 1500 متر. ويرجّح أن يكون هيكل الطائرة في مكان واحد مع الصندوق الأسود. وأعلنت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني في بيان أن «طاقم المدمرة الأميركية «يو أس أس راميج» العاملة مع القوات البحرية اللبنانية والدولية في عملية التفتيش عن الطائرة الإثيوبية المنكوبة، أفاد منتصف ليل 27 - 28/1/2010 أنه تلقى إشارات بثها الصندوق الأسود العائد للطائرة المذكورة». وأضافت: «تقوم حالياً السفينة المدنية «أوشين ألرت» بمسح أعماق منطقة البث، للعثور على الصندوق الأسود وانتشاله». وهذا ما أكده وزير النقل غازي العريضي موضحاً أن «سفينة «أوشين ألرت» بدأت منذ الصباح مسحاً شاملاً للمنطقة التي تصدر عنها ذبذبات من الصندوق الأسود التابع للطائرة الإثيوبية». وقال: «حتى الآن لم يتم التوصل إلى موقع الطائرة، إنما تم تحديد المساحة الجغرافية التي تصدر منها الذبذبات التي تساعدنا على تحديد موقع الطائرة والصندوق الأسود». وأضاف: «على هذا الأساس تحركت كل السفن والناقلات للعمل على هذه المنطقة بالذات، حيث يجرى مسح شامل للمنطقة بهدف الوصول الى النقطة المحددة التي تستقر فيها الطائرة، وعند تحديد مكان الطائرة بدقة، تستطيع الأجهزة التقنية الموجودة في إحدى السفن تصوير كل المنطقة، وتحديد ما إذا كان الصندوق داخل الطائرة أو خارجها، ومن المتوقع أن تصل شركة «أوشن آلرت» التي تبحث في الأعماق إلى النتيجة المرجوة وربما نحتاج إلى مزيد من الوقت لسبر أغوار هذه المنطقة». وأضاف: «أستطيع أن أقول إننا أمسكنا بالموضوع، واستوعبنا الصدمة منذ اللحظة الأولى، وتعاملنا معها بدقة، وإن العنصر البشري اللبناني أثبت قدرة استثنائية في مواجهة هذا التحدي والدليل أنه خلال الساعات الأولى من الكارثة وعندما جاء الأصدقاء من قبرص للمساعدة مع آلياتهم، أكدوا لنا أن الجيش اللبناني قام بكل ما هو لازم، وأنهم لا يستطيعون أن يفعلوا أكثر من ذلك». وأكد العريضي «أن مشروع القانون المتعلق بتشكيل هيئة لإدارة الأزمات والكوارث سيعاد النقاش حوله في المجلس النيابي لتكون هناك هيئة محددة لديها الإمكانات والخطط لمواجهة حوادث وكوارث كهذه، لأن الأمر أصبح نوعاً من العلم مع التطورات التقنية الموجودة، وعقدت مؤتمرات عدة في هذا الشأن». وأشار الى انه في «شأن التعويضات هناك قانون دولي يرعى هذا الأمر، والمسؤولية تبدأ من الشركة التي لديها عقود تأمين، إنما ذلك يتم بعد الانتهاء من التحقيقات الجارية وتحديد المسؤولية». وأعلنت قيادة فوج إطفاء مدينة بيروت، في بيان، «عثور دورة إنقاذ بحري على قطع من الطائرة الإثيوبية على شاطئ الرملة البيضاء، وتم تسليمها الى غرفة العمليات المستحدثة في القاعدة البحرية للجيش اللبناني». إلى ذلك، وصل فجر امس الى بيروت، المحقق في شركة «بوينغ» الأميركية ريتشارد اندرسون وممثل المكتب الفيدرالي لسلامة الطيران الأميركي دنيس جونز، آتيين من الولاياتالمتحدة للقاء المعنيين والمسؤولين اللبنانيين والاطلاع منهم على مسار التحقيق في سقوط الطائرة وهي من نوع «بوينغ»، كون الولاياتالمتحدة هي المصنع لطائرات «بوينغ»، وذلك بحسب الأصول والأنظمة الدولية المتبعة من قبل المنظمة الدولية للطيران المدني - «إيكاو». كما وصل الى بيروت الرئيس السابق للمكتب الفرنسي للتحقيق في حوادث الطيران بول لوي ارسلانيان، مكلفاً من قبل السلطات الفرنسية المختصة لمواكبة عملية التحقيق الجاري في شأن الطائرة الإثيوبية في لبنان. وسينضم ارسلانيان وهو من أصل لبناني وكان شارك في التحقيق في سقوط الطائرة في كوتونو في عام 2003 والتي ذهب ضحيتها عدد من اللبنانيين، الى الوفد الفرنسي الذي وصل قبل يومين وهو يواكب عملية التحقيق الجاري في هذا الإطار. وعقد في المطار اجتماع عمل ضم أعضاء اللجنة المكلفة التحقيق في حادثة سقوط الطائرة، حضره المدير العام للطيران المدني حمدي شوق وأعضاء لجنة التحقيق والوفود الأميركية والفرنسية والإثيوبية. وجرى عرض ما تم التوصل اليه حتى الآن في مسار التحقيقات الجارية على هذا الصعيد والآلية المتبعة علمياً في مجال متابعة عمل فرق الإنقاذ على انتشال ركاب الطائرة وحطامها والصندوق الأسود. على صعيد آخر، ناقش النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا مع الوفد الرسمي الإثيوبي برئاسة وزير الخارجية سيوم مسفن، الذي حضر الى لبنان إثر كارثة الطائرة الإثيوبية، الإجراءات الواجب اعتمادها من أجل استعادة الجثث لجهة فحوص DNA والبصمات، وتقرر ان يتوجه وفد من المباحث العلمية الى إثيوبيا لأخذ البصمات والعينات من أهالي الضحايا ونقلها الى لبنان لإجراء فحوص ال DNA في إثيوبيا. كذلك بحث الوفد قبل مغادرته بيروت إلى أديس أبابا، مع القاضي ميرزا في الإجراءات الفنية والطبية وتم الاتفاق على ان تجرى التحقيقات بإشراف القاضي ميرزا.