"للخلوي سحر خاص وبريق يضاهي لمعان الذهب حتى كاد يبخسه حقه. ولم تعد مقولة ليس كل ما يلمع ذهباً صالحة لعصر الاتصالات، تقول احدى السيدات فور خروجها من منفذ لبيع الاجهزة الخلوية. وتضيف ان الخلوي اغواها باستبدال مشغولة من مجوهراتها به. ولعل السيدة "تناشد" الشركات العالمية المصنعة للأجهزة الخلوية كي تطرح منتجاتها المرصعة بالذهب والبلاتين في السوق السورية. والحال ان احدى شركات الخلوي طرحت اجهزة ذهبية اللون استجابة لذوق "ميسورات" الحال. واللافت في الآونة الاخيرة الاقبال المتزايد على شبكة الاتصال اللاسلكية على حساب الشبكة الدولية للانترنت، و"هجوم" الجنس اللطيف من السوريات على اقتناء الخلويات. وأفادت دراسة نشرت اخيراً ان النساء يفضلن الحصول على التقنيات الحديثة بدلاً من اقتناء المصوغات الذهبية بنسبة فاقت الخمسين في المئة. وأظهرت نتائجها تقدم الاجهزة النقالة في الثلاث سنوات الاخيرة على وسائط الاتصال الاخرى. وكانت "موجة" مشابهة من اقتناء التقنيات الحديثة، من تلفزيون وأجهزة استقبال المحطات الفضائية وكومبيوترات، اجتاحت الاسواق السورية في العقدين الاخيرين من القرن العشرين. واتسمت موجة الخلوي المتسارعة راهناً، باتساع طيفها الاجتماعي ورقعتها الجغرافية لتغطي معظم الاراضي السورية، حتى تلك التي تعاني من نقص او غياب في الخدمات الاساسية. جهاز لجهاز العروس يتندر أحمد 27 عاماً، مهندس: "اشترطت حماتي عندما تقدمت بطلب يد ابنتها ان تتضمن عدة جهاز العروس جهازاً خلوياً، على ان أتحمل مصاريف الفاتورة طوال فترة الخطوبة... ولم أتردد في قبول الطلب ما دام ذلك يوفر امكان المحادثة مع خطيبتي في اي مكان وزمان ويغني عن شراء ساعة يد ومنبه معاً، اضافة الى استخدام الرسائل القصيرة في الغزل وتبادل الطرف والمداعبة". ويشير كلامه الى قدرة الخلوي على تجاوز مشكلات رقابة الأهل. وهذا ما يبرر تصدره لقمة لائحة الهدايا "المعتبرة" لمناسبة الخطوبة والزواج. والواضح ان الفتيات المقبلات على مرحلة الزواج اكثر استشرافاً للمستقبل من المتزوجات. و"تدللت" هدى على خطيبها ليشتري لها جهازاً خلوياً "بحجة المشاركة في المسابقات الرمضانية التي يتطلب الاشتراك بها إرسال رسائل قصيرة SMS الى البرامج التلفزيونية التي تعرضها... وأشك في انه كان سيعد للمليون قبل إجابة طلبي لو كنا متزوجين". وجدد زكريا 42 عاماً رفضه الموافقة على فكرة بيع قطعة ذهب خاصة بزوجته لشراء خلوي مزود بكاميرا رقمية "وهو ما تحاول زوجتي إقناعي به... لأن سعر هذا الجهاز سيفقد جزءاً من ثمنه لمجرد استخدامه وسيتهاوى سعره الى النصف اذا ما تعرض لأي خدش". واشتكى أزواج من تحملهم نتائج القرارات الشرائية المتسرعة لزوجاتهن، وبخاصة ما يتعلق منها بالاجهزة المحمولة، "اذ يدفع الزوج فاتورة المكالمات في معظم الأحيان، بينما تنصرف الزوجات الى الثرثرة "وطق الحنك" من دون مراعاة لوضع الزوج وتقلب سوق العمل"، وفق قول أحدهن. بلبلة موجات المستخدمون الجدد اكثر تعلقاً بالتقنية الجديدة، كما تقول بعض الدراسات. وهذا ما يبرر سعي الشركتين المشغلتين للخلوي في سورية الى الترويج بكثافة لعروض اسعارها ووضع جداول زمنية للنظر في التسعيرة على فترات متعاقبة لاستهداف زبائن جدد. وعلى رغم ذلك لم ترتق التخفيضات الى مستوى التطلعات المأمولة والحال المادية "المتواضعة" للسوريين. ويتوقع ان يتجاوز عدد مقتني الاجهزة الخلوية من السوريين حاجز ال850 الفاً حالياً. ويقدّر إنفاقهم على تكاليف المحمول بعشرين مليار ليرة سورية 400 مليون دولار سنوياً، وهي قيمة مرتفعة جداً بالنسبة الى الناتج القومي والى مداخيل السوريين. وفي مقابل ذلك، يطالب المستخدمون بإضافة خدمات جديدة الى الشبكة الخلوية وتوسيع تغطية موجاتها لتلبي الطلب المتزايد على الخلوي. "يبدو ان الشركتين المشغلتين تتقاسمان مناطق النفوذ لتكملا بعضهما بعضاً عوضاً من المنافسة، التي توفر خدمات افضل وبجودة أعلى. ويتضح ذلك جلياً بالنسبة الى توزيع أبراج التغطية"، بحسب قول عمر 33 عاماً، بائع ادوات كهربائية. وأوضح انه اضطر الى المتاجرة بالاجهزة الخلوية: "بعد ان لمست رغبة الزبائن في استبدالها بأجهزة كهربائية". ويشاركه الرأي مصطفى 35 عاماً، سائق تاكسي أجرة: "لديّ خطان خليويان كل واحد منهما يتبع لشركة مشغلة بسبب متطلبات التغطية، كي استطيع تلبية رغبات الزبائن". وأبدى استياءه من اصرار زوجته على اقتناء خط خلوي مزود ببطاقة مسبقة الدفع "بحجة انها تضبط نفقات المكالمات... ويذهب معظم دخلي في تسديد فواتير الخلوي"!.