بدأ العد التنازلي لإعلان اللائحة التنفيذية لقانون المصارف الجديد الذي ينتظر سريانه في غضون أسبوع من اعلان البنك المركزي لها قبل نهاية الشهر الجاري ليرفعها الى مجلس الوزراء تمهيداً لصدور قرار جمهوري بسريانه. واذا كانت المصارف تنتظر اللائحة لإعادة تنظيم أوضاعها هيكلياً فإن قطاع الاعمال وأصحاب الأموال هم الأكثر شغفاً. ويحرك هذا القطاع الى تقصى هذا المحتوى بندين في اللائحة، الاول قاعدة "سرية الحسابات" التي تحدد الى أي مدى سيكون مسموحاً للسلطات المصرفية بفض هذه "السرية" واهدارها والشروط التي تخول لها ذلك، وبطبيعة الحال فإن الاهتمام بهذه القضية مرجعه الى حرص القطاع على تأمين تعاملاته المصرفية وضمان عدم انتهاكها لأن البعض يرى هذه "السرية" منذ صدور قانون التعامل في النقد الاجنبي عام 1992 الذي كفلها بمثابة حصن لتلك الاموال ضد اجراءات الحجز غير القضائي. وكشفت مصادر شاركت في وضع نصوص اللائحة الجديدة ان قاعدة "سرية الحسابات" لن تمسها هذه النصوص بسبب تركيز اللائحة على المواد الواردة في قانون المصارف الموحد على شرح جوانب تنظيمية في تلك المواد ولا توجد في اللائحة اضافة لنصوص او قرارات لم تكن مدرجة في هذا الاصل ومن بينها قاعدة "سرية الحسابات" ما يعني ان اللائحة تجاهلت الخوض في هذه الجزئية. ومع ذلك وكما يؤكد رجل أعمال بارز فإن صدور اللائحة خلواً مما يعزز هذه السرية يمكن أن يفسر في اتجاه الانتقاص منها كذلك ومن ثم فإن مجتمع الاعمال ينبغي ان يساوره القلق في شأن ضمانات السرية حتى حسم هذه القضية بصورة واضحة. والبند الثاني الذي يُنتظر ان يكون محل اهتمام مجتمع الاعمال كذلك هو المتعلق بالحسابات المرتبطة التي اعتبرت سبباً جوهرياً في تفاقم ازمة الديون المتعثرة داخل الجهاز المصرفي بسبب تعدد القروض للمالك الواحد لعدد من الشركات كل باسمه بحيث وجد ان حصيلة ديون بعض رجال الاعمال انطبق عليهم هذا الوضع، فاقت معدل ما هو مسموح باقتراضه من اصل القاعدة الرأسمالية للمصرف وأدى ذلك الى الانهيار المروع عام 2000، والحالة المقابلة لذلك من بين ما تنطبق عليه أزمة الحسابات المرتبطة هي ان تحاول مجموعة من الاقارب الحصول على عدد من القروض التي تفوق القاعدة الرأسمالية للمصرف وهو ما لم يكن تم الانتباه اليه في السابق، لتأتي اللائحة على تنظيمه، حيث تمنع الاقارب الى الدرجة الرابعة من الحصول على قرض بمقتضاه. ويرى مدير القطاع المالي في المصارف الخاصة فريد حسن أن حل مشكلة الحسابات المرتبطة في المصارف سيعمل على اعادة تأهيل قطاع الائتمان، ويمكن الجهاز المصرفي من اطلاق مبادراته الائتمانية التي ساعدت في تنشيط سوق الاستثمارات المحلية خلال الفترة من عام 1994 وحتى عام 1998، حيث يمكن للمصارف قياس مستوى مخاطر النشاط لأي عميل من دون حملها على اداء وتدفقات وحدة ما من وحدات المجموعة التجارية التي يمكن أن تضم وحدات او شركات اقل اهلية للائتمان. وفي ما يتعلق بموقف رجال المال والاعمال من هذا الوضع يلاحظ عمر عبداللطيف عضو مجلس الاعمال المصري الليبي ان فض النزاع بين المصارف والعملاء في شأن الحسابات المرتبطة على المدى القريب يحرم رجال الاعمال من الحصول على تسهيلات هم احوج ما يكونون اليها في هذه المرحلة الا انه على المدى البعيد يجنبه السقوط في مهاوي التعثر التي اجبرت عدداً منهم على الخروج من السوق، لا سيما اذا تحالفت الاوضاع الاقليمية والدولية على تقييد نشاط السوق. وخلافاً للجوانب السابقة فان مجتمع الاعمال يشارك مجتمع المصارف في مصر شغفه بإعادة تنظيم السوق وترتيب اوضاع التمويل، خصوصاً ان التشريع الجديد جاء على انقاض تشريع استمر العمل به نحو 46 عاماً من دون تغيير، على رغم المستجدات على الساحتين المحلية - الاقليمية من جهة والدولية من جهة أخرى.