أثار نجاح القوات الأميركية أخيراً في القبض على صدام حسين السؤال عن فشلها بالمقابل في العثور على أسامة بن لادن أو الملا عمر. ويجيب مسؤولون أميركيون وباكستانيون وأفغان، اضافة الى خبراء في شؤون الارهاب، عن السؤال بالاشارة الى الفوارق الكبيرة بين الوضعين. ويضع المسؤولون والخبراء على رأس قائمة الفوارق كثافة الوجود العسكري الأميركي في العراق، الذي يفوق 12 ضعفاً وجودهم في المناطق الجبلية على الحدود مع باكستان حيث يتخفّى بن لادن. كما يشيرون الى أن بن لادن اختار مكاناً أفضل بكثير للاختفاء، وانه كما يبدو، عكس صدام حسين، يحتفظ بولاء غالبية مساعديه. واعتبر الخبير في شؤون الارهاب بيتر برغن أن الاميركيين في سعيهم الى القبض على بن لادن "عادوا الى نقطة الصفر. وانطباعي أنهم لا يخصصون ما يكفي من الموارد، وان القضية تبدو كأنها منسية". لكنه قال انهم "قد يستعيدون اهتمامهم بها بعد القبض على صدام حسين". وتحدث روهان غوناراتنا، مؤلف كتاب "داخل القاعدة" عن "الفرق الكبير بين البيئتين. ففي العراق تنقل صدام حسين داخل بيئة مدينية كثيفة السكان، عكس مكان اختفاء زعيم القاعدة". أما بن لادن فيوجد في المناطق الحدودية بين أفغانستانوباكستان، حيث يكاد العثور عليه يكون مهمة مستحيلة، لأن المنطقة تتكون من سلاسل جبال شاهقة تتخللها ممرات لا حصر لها، البعض منها على ارتفاع 15 ألف قدم. كما يبلغ طول الحدود 1500 ميل، وقد أرسلت باكستان أكثر من سبعين ألف جندي للسيطرة عليها، لكن من دون نجاح يذكر. اضافة الى ذلك هي مناطق قبلية ترفض تقليدياً تدخل المركز وتعتبر بن لادن بطلاً اسلامياً لا يمكن تسليمه للأميركيين. لذلك تجد الاستخبارات الأميركية والباكستانية صعوبة في اختراق المنطقة، خصوصاً بعد قتل ضابط استخبارات باكستاني في مقاطعة وزيرستان السنة الماضية، واعدام عدد من السكان المحليين بتهمة التعامل مع الاستخبارات. وقد خبر بن لادن نفسه تلك المناطق منذ كان في العشرينات من عمره، وجعلها مستقره الرئيسي منذ نحو عقد. ويعتقد انه يتنقل فيها بصحبة عدد قليل من المساعدين المخلصين، الذين فشلت كل الجهود لاختراقهم، وهو يتصل بالخارج عن طريق الموفدين متجنباً الهاتف النقال أو البريد الالكتروني الذي يمكن للأميركيين اعتراضه. وفي حال الملا عمر يسود الاعتقاد بأنه في مكان ما في جنوبأفغانستان. ويتهم مسؤولون أفغان الاستخبارات الباكستانية باخفائه واخفاء بن لادن أو على الأقل بعدم بذل جهود جدية للعثور على الاثنين. وينفي الأميركيون التهمة، لكنهم يعتبرون ان جهود باكستان ضد ال "طالبان" تبقى "منطقة رمادية".