لم تكن المسألة، طبعاً، غيرة مهنية، عندما قال المطرب هاني شاكر في احدث ظهور تلفزيوني له عبر برنامج "ساعة بقرب الحبيب" انه يشعر بالحزن والرفض معاً حينما تعتبر شاشة CNN ان المغني شعبان عبدالرحيم هو نموذج المطرب العربي، وتقدمه في تحقيق عن طبيعة حياته، وعن ملابسه الغريبة، وألوان احذيته وأحزمته الجلدية والفاقعة، والساعات التي يضعها في معصميه الاثنين كأنها للزينة لا لمعرفة الوقت، وحينما يعتبر عبدالرحيم نفسه متميزاً بمجرّد اجراء التحقيق عنه في CNN ليباهي زملاءه الذين "يغارون" من انتشاره ووصوله الى CNN كما يقول! لا يشعر هاني شاكر بالغيرة، بل بالحزن والرفض. الحزن لأن الدعاية السيئة التي يمثلها شعبان عبدالرحيم للأغنية العربية هي التي اثارت شبكة تلفزيونية عالمية مثل CNN لإجراء تحقيق عنه، لا حضوره المؤثر في الأغنية ولا مستواه الفني الرفيع، ويعتقد هاني شاكر ان وراء التحقيق في المحطة التلفزيونية الإخبارية العالمية عن شعبان عبدالرحيم ايادي ونفوساً مغرضة لا تكتفي بحجب الحقيقة، حقيقة ما يجرى في العالم العربي من غضب تجاه الاحتلال، بل تريد ايضاً ان تكون صورة الفنان العربي مهزوزة في العالم، لا سيما ان شعبان عبدالرحيم كان اطلق منذ سنوات اغنية "انا بكره اسرائيل" التي سرت سريان النار في هشير الجمهور العربي، فكأن التحقيق التلفزيوني عنه، وفي الشكل الذي عرض فيه من الغرائب والعجائب، ويقول للجمهور الأميركي ان الذي "يكره اسرائيل" في اغنيته الشهيرة هو انسان غريب الأطوار، جاهل، والدليل تلك العادات وذلك المظهر اللذين يطل بهما على الجمهور! اما الرفض الذي يشعر به هاني شاكر فمرده الى ان الأغنية الوطنية الحقيقية في العالم العربي لها اصول ابداعية، ولها فروع، ولها امتداد، ولا يجوز ان تُنسب اغنية "بكره اسرائيل الى تلك الأصول. ذلك انها اغنية خفيفة مبنيّة على عاطفة سريعة في تركيب اللحن، وعاطفة وطنية سريعة ايضاً، وعلى فكرة قد تكون عالية المعنى، إلا ان صيغتها الفنية وأداءها الصوتي الساذج يقعان في خانة الارتجال، ونجاح الأغنية لا يعني مطلقاً انها جيدة او متميزة او رائعة او ابداعية، اذ ليس كل ما يلمع في الفن ايضاً - ذهباً! وشعبان عبدالرحيم الذين يرى ان اختياره من بين كل المغنين العرب لتُجري شبكة CNN تحقيقاً عنه انما يدل إلى قوّته الفنّية لا إلى فانتازيا الألوان والأشكال في مظهره وصوته الأجشّ، ما برح يصرّح في المقابلات الإعلامية ان ثمة مغنّين بل فنانين - ممثلين مثلاً - يحسدونه على شهرته فيهاجمونه وينتقدون فنّه - وهو يتعامل مع هذا الواقع بأسلوبين: الأسلوب الأول هو التجاهل، اما الأسلوب الثاني فهو... تأديب هؤلاء بالضرب! ويروي شعبان بعض المواقف بالأسماء والوقائع لبعض الأشخاص الذين أُدبوا عبر مرافقيه وحرّاسه! ينتمي هاني شاكر الى الجيل المخضرم في الأغنية العربية، اي الجيل الذي رافق الكبار لمدة زمنية قد لا تكون طويلة لكنها كافية ليعرف اهميتهم، ثم رافق الجيل الجديد وعاش معه التجربة الفنية. ولهذا فإنه يتصرف تجاه الأغنية العربية بمسؤولية او بمنطق ام الصبيّ. وعلى رغم لجوئه احياناً الى الأغنية الشعبية الإيقاعية لمجاراة الذوق السائد، الا ان وجود هاني شاكر في الأغنية اليوم هو انحياز الى المستوى اللائق في النصوص والألحان والأداء معاً، ومن الطبيعي ان يرفض تصوير الأغنية العربية في الإعلام العالمي على انها "استعراض ألوان" في شكل المغنّي وأسلوبه، ويحزن لانحدار المنطق الى حدود خفيضة، و"يتجرّأ" على تحدّي شعبان عبدالرحيم وحرّاسه بأقسى الكلام النقدي لا الكلام المزاجي، وبأدق الآراء الفنية لا بإطلاق الآراء على عواهنها. ربما لم تسمع شبكة CNN بالمطرب هاني شاكر، ولم تشاهد صورته على فضائية عربية ويبدو ان هاني لا يهتم بذلك... لكن هل كان عليها CNN ان تنبّه شعبان عبدالرحيم الى اهداف تحقيقها التلفزيوني عنه علّه يخفف من غلوائه في توجيه الشتائم الى من حاول تنبيهه الى ذلك!