مال معظم المراقبين في اسرائيل الى الاعتقاد بأن الحكومة الاسرائيلية ستصادق الأحد مبدئياً على صفقة تبادل الأسرى مع "حزب الله"، على رغم الانطباع السائد حالياً ان غالبية الوزراء تعارضها. واشار هؤلاء الى حقيقة ان رئيس الحكومة ارييل شارون يرمي بكل ثقله "لاقناع" عدد من المعارضين تحت غطاء "الواجب الأخلاقي والقيمي" تجاه اسرائيليين وقعوا في أسر "عرب ارهابيين ومتوحشين"، حسبما كتبت صحيفة "يديعوت احرونوت"، لتضيف ان شارون سيضع وزراءه بين خيارين: انقاذ اسرائيلي العقيد في الاحتياط الحنان تننباوم أو اصدار حكم بالاعدام بحقه في حال رفضوا إقرار الصفقة. وعمدت وسائل الاعلام العبرية الى الحديث عن "التخبط" الذي يعيشه شارون وعدد من وزرائه والى "القلوب المنقبضة والمثقلة بالهموم" والى "الخطوة الطيبة التي ستلقى الجحود" وما الى ذلك من تسويغات مسبقة للقرار المتوقع بإقرار الصفقة. ولفت المعلقون الى أن الوزراء "المعارضين"، بل حتى المؤيدين يأخذون في حساباتهم المعارضة الشعبية المتسعة لإتمام الصفقة من دون أن تشمل معلومات عن مصير الملاح الجوي المفقود رون أراد، ما يجعلهم يناورون خشية ان يظهروا امام الرأي العام على انهم تخلوا عن جندي وقع في الاسر أثناء أداء مهمته ودفعوا "ثمناً باهظاً" لقاء استرداد مواطن عادي، بل "محتال ونصاب"، على حد توصيف المفاوض الاسرائيلي ايلان بيران لتننباوم. الى ذلك، اتفق كبار المعلقين على القول ان قرار شارون طرح "مبادئ الصفقة" للتصويت في جلسة الحكومة الوشيكة بعدما ساد الاعتقاد بأن الصفقة لن تتم حيال تراجع اسرائيلي عن تفاهمات تم التوصل اليها عبر الوسطاء الألمان، يعود الى التهديدات التي اطلقها الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله مطلع الاسبوع بأن استمرار المماطلة الاسرائيلية ستضطره الى "البحث عن بدائل أخرى"، فضلاً عن تحذير الماني لتل أبيب بأن الوسطاء أخذوا يفقدون صبرهم إزاء السلوك الاسرائيلي، وقد ينسحبون من دور الوساطة. وتابعوا ان هذه التهديدات فعلت مفعولها، ليرى المعلق العسكري في "هآرتس" زئيف شيف ان خنوع اسرائيل لتهديدات "حزب الله" بتنفيذ عملية عسكرية كبيرة وخطف اسرائيليين، لا بد أن يترك اثاراً سلبية، اذ كيف لاسرائيل ان ترفض اطلاق اسرى فلسطينيين كبادرة حسن نية تجاه رئيس الحكومة الفلسطينية السابق محمود عباس ابو مازن الذي أعلن على الملأ معارضته الارهاب، "فيما الآن تبدو مستعدة لاطلاق هؤلاء الاسرى تجاوباً مع حزب الله الذي يهددها ويدعو للقضاء عليها". ويكتب اليكس فيشمان في "يديعوت احرونوت" انه بعيداً عن التفسيرات "سواء الحقيقية أو المتحايلة" التي سيلجأ اليها الوزراء لتبرير مصادقتهم على الصفقة، فإن التفسير الواقعي لقبول الصفقة يعود الى المخاوف من احتمال قيام "حزب الله" بعمليات خطف جديدة، ليضيف هو ايضاً ان رفض اسرائيل اطلاق أسرى فلسطينيين تلبية لطلب "ابو مازن" يؤكد انها لا تفهم سوى لغة القوة. واعترفت اوساط أمنية رفيعة المستوى ان اسرائيل لن تحصل في الصفقة المتبلورة على أكثر من نصف مبتغاها، وانها ليست سوى "صفقة اللامفر". وأضافت ان قيام الحزب بزرع "عبوات شديدة الانفجار" قرب السياج الحدودي وداخل الاراضي الاسرائيلية هو رسالة تحذير لاسرائيل لما قد يحصل في حال اجهضت صفقة تبادل الاسرى، وزادت انه تم زرع العبوات على نحو يمكن اكتشافها ليكون انذاراً أولياً بأن تهديد "حزب الله" جدي. وتباينت تكهنات الصحف العبرية بمواقف معظم الوزراء وبدا ان اكثر من نصفهم لم يقرر موقفه بعد وانه لن يعلنه قبل انعقاد الحكومة، فيما قاد زعيم حزب المستوطنين مفدال ايفي ايتام جبهة المعارضة، معتبراً ان الصفقة هي "نوع من العمليات الارهابية" وتهديد يعجز المجتمع الاسرائيلي عن مواجه. وأضاف ان قبول شروط "حزب الله" سيعرض كل اسرائيلي في كل مكان في العالم الى خطر الخطف "نظراً للثمن الباهظ الذي ندفعه لقاء اطلاق أسرانا"، محذرا من أن يصبح "حزب الله" قدوة "لتنظيمات ارهابية" اخرى لخطف اسرائيليين من أجل الحصول على ثمن من اسرائيل. ووفقاً للتقارير الصحافية، فإن اسرائيل ولقاء استرداد تننباوم وجثث ثلاثة جنود ستطلق 21 لبنانياً و400 لبناني وعدد من الاردنيين ستعيدهم الى الاردن مباشرة. وقالت ان جدلاً يدور عن اطلاق المعتقل اللبناني سمير قنطار المدان بارتكاب عملية في نهاريا قتل فيها أفراد عائلة هران، وان ثمة توجها لدى المؤسسة الأمنية بابقائه وراء القضبان. وزادت ان هناك قناعة لدى غالبية اعضاء الحكومة بأن الشيخ عبدالكريم عبيد والحاج مصطفى الديراني لم يعودا يشكلان ورقتي مساومة للضغط في قضية رون اراد، وان تل أبيب لا تعارض الافراج عن معتقلين لبنانيين ينطبق عليهم توصيف "اياديهم ملطخة بالدماء"، اذا كانت العمليات التي ارتكبوها وقعت داخل الأراضي اللبنانية أي في اطار مقاومة الاحتلال.