عادت وسائل الإعلام العبرية إلى بث أجواء تفاؤل باحتمال استكمال صفقة تبادل الأسرى المتبلورة بين "حزب الله" وإسرائيل وتنفيذها في غضون أيام. وكرست كبرى الصحف "يديعوت أحرونوت" عدداً من صفحاتها لتؤكد مجدداً ما تصفه بأنه إصرار رئيس الحكومة ارييل شارون على استرداد العقيد في الاحتياط الأسير لدى "حزب الله" تننباوم حياً بداعي أنه يتعرض للتعذيب، فيما قالت أوساط أمنية إسرائيلية إن الغرض من النشر المكثف والحديث عن تدهور صحة تننباوم تهيئة الرأي العام في إسرائيل لقبول الصفقة بصيغتها التي تم تسريبها إلى وسائل الإعلام. كما تراجعت حدة السجال الداخلي والتلاسن، بين مؤيد ومعارض، وسارع وزير الدفاع شاؤول موفاز إلى نفي ما نقل عن معارضته ابرام الصفقة ودفع "ثمن باهظ" لقاء استرداد تننباوم الذي تحوم حول ملابسات اعتقاله شكوك كثيرة تحول المحاكم الإسرائيلية دون نشرها. وتحت عنوان "اجتماع حاسم في برلين في قضية الأسرى"، كتبت "يديعوت أحرونوت" ان المفاوض الإسرائيلي ايلان بيران عاد إلى تل أبيب أمس بعد أن عقد "اجتماعاً حاسماً" مع الوسيط الألماني ارنست اورلاو قدم فيه المقترحات الإسرائيلية النهائية لينقلها إلى "حزب الله". ونقلت عن مسؤول أمني كبير قوله إنه بات واضحاً أنه حان الاوان للبت واستكمال الصفقة في الفترة القريبة، فيما ادعى وزير الخارجية سلفان شالوم في وقت سابق ان الصفقة باتت ممكنة بفعل التغيير في موقف "حزب الله" وتفهمه الاستراتيجية القائلة بوجوب اتباع مبدأ التبادلية في عملية تبادل الأسرى. وكتب المعلق السياسي في الصحيفة شمعون شيفر ان مرد التردد الإسرائيلي في انجاز الصفقة، بالإضافة إلى معارضة رئيسي جهازي الاستخبارات الداخلية شاباك والخارجية موساد، خشية اسرائيلية من أن يتم اعتبار الصفقة مكافأة للأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله "وأن يصبح نموذجاً يحتذى به ومنقذاً للقضية الفلسطينية وأنه الشخصية الوحيدة القادرة على انتزاع ثروات حقيقية من اسرائيل". وأضاف المعلق العسكري اليكس فيشمان ان الافراج عن أسرى فلسطينيين يعزز مكانة نصر الله في الأراضي الفلسطينية ولبنان، ما يعني توسيع رقعة نشاط الحزب في الأراضي الفلسطينية المحتلة ودعم شرعية الكفاح المسلح ضد اسرائيل "وهكذا يكون الافراج عنهم بمثابة تسجيل هدف ذاتي وبوعي تام". وكشف ان اسرائيل حاولت اطلاق الجاسوس الاسرائيلي المعتقل في مصر عزام عزام في صفقة التبادل لأن اطلاقه يوفر تبريراً لاستجابة الحكومة مطالب "حزب الله" المفرطة في هذه الصفقة. وتابع ان انهاء الصفقة ممكن في فترة تراوح بين اسبوع وعشرة أيام. الى ذلك، نفى مسؤول أمني ما ذكرته جمعية أنصار السجين داخل "الخط الأخضر" من أن بين الأسرى الذين سيفرج عنهم 23 أسيراً فلسطينياً من عرب الداخل، وكرر الموقف الاسرائيلي الرافض شمل الأسرى السياسيين من فلسطينيي 1948 ضمن أي اتفاق لتبادل أسرى. من جهة أخرى، كشفت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان الحاخام العسكري الرئيسي العميد يتسرائيل فايس اصدر فتوى قبل اسبوعين في ضوء التقدم في المفاوضات تحظر اطلاق أسرى أحياء في مقابل اعادة جثث ضحايا محتجزين في أيدي العدو. وأضاف: "في صفقة لا نحصل فيها الا على جثث، يجب ألا نعيد إلا الجثث". وعلى رغم اشارة الحاخام الى انه يعترف بقيمة فداء الأسرى، لكنه اعتبر ان من "المحظور تحرير سجناء إذا كان هناك تخوف لأن يعود المحررون للقيام بأعمال ارهابية... فهؤلاء المخربون من شأنهم ان يمسوا بعد تحريرهم بمواطنين آخرين دمهم ليس أقل حمرة من مواطنين آخرين".