اختار الناخبون في جمهورية كرواتيا التغيير والعودة الى الوضع القومي المتشدد الذي كانوا عليه قبل أربع سنوات، فيما وجدت الحكومة الجديدة نفسها في موقف صعب، اذا وفت بوعودها الانتخابية للمواطنين بتطبيق برنامج الاصلاحات الاقتصادية الداخلية الذي يتعارض مع شروط الانضمام الى الاتحاد الأوروبي الذي تسعى كرواتيا اليه حثيثاً. وأظهرت أمس، النتائج الأولية للانتخابات الاشتراعية التي أجريت أول من أمس، تقدّم "الجمعية الديموقراطية الكرواتية" وحلفائها القوميين في النتائج النهائية وحصولهم على 75 مقعداً في البرلمان المؤلف من 140 نائباً، ما يؤهل القوميين لتشكيل حكومة كرواتية جديدة. وأعلن ايفو سانادير رئيس "الجمعية الديموقراطية الكرواتية" التي كان أسسها الرئيس الراحل فرانيو توجمان وحكمت كرواتيا نحو عشر سنوات متواصلة، انه مستعد لتشكيل الحكومة متى طلب الرئيس الكرواتي ستيبي ميسيتش منه ذلك. ومن جانبه، اعترف رئيس الحكومة الحالية ايفيتسا راتشان الذي يتزعم الحزب الاشتراكي الديموقراطي"، بخسارة حزبه للغالبية البرلمانية التي كان يتمتع بها مع حلفائه خلال السنوات الأربع الأخيرة، وأعرب عن استعداده لتهنئة خصومه السياسيين بالفوز. وأجمع المراقبون على ان الناخبين الكروات اقترعوا الى جانب قضاياهم الداخلية المتعلقة بالمشاعر القومية وبرنامج تحسين الوضع المعيشي الصعب الذي يعاني منه غالبية المواطنين، اذ تبلغ البطالة 20 في المئة، اضافة الى المشكلات الناجمة عن الدين الخارجي الذي اصبح يزيد على 20 بليون دولار وصار يمثل عبئاً ثقيلاً لأنه يساوي 70 في المئة من اجمالي الناتج القومي العام للبلاد. المأزق الصعب وسيؤدي وفاء الحكومة الجديدة بوعودها الخاصة بالتشدد القومي وتحسين الاوضاع الاقتصادية الداخلية، الى وقوعها في وضع حرج، لأن ذلك سيجعلها غير قادرة على تلبية متطلبات الانضمام الى الاتحاد الأوروبي في عام 2007 كما هو مقرر. وازاء هذا التناقض الذي سيواجه الحكومة القومية الكرواتية، في الخيار بين حال مواطنيها وطلبات الاتحاد الأوروبي، سيجعل كرواتيا التي كانت في رفاهية متميزة في عهد يوغوسلافيا السابقة، في موقف غير مستقر إما داخلياً كما كانت عليه ايام الحكومة المنتهية ولايتها، او في شأن ترضية المجتمع الدولي وخصوصاً الاتحاد الأوروبي.