مني حزب الاتحاد الديموقراطي الذي حكم كرواتيا منذ استقلالها عام 1991، بهزيمة كبيرة في الانتخابات البرلمانية التي جرت أول من أمس الاثنين، فيما يتوقع ان تكون لهذه النتائج تأثيرها في الاقتراع العام لاختيار رئيس للجمهورية في 24 كانون الثاني يناير الجاري. بلغت نسبة المشاركين في الانتخابات البرلمانية الكرواتية، ال76 في المئة من الناخبين البالغ عددهم 4 ملايين و160 ألفاً، داخل البلاد وخارجها. وهذه النسبة الأكبر من نوعها التي تشهدها الانتخابات في كرواتيا خلال السنوات العشر الأخيرة، ما يشكل دليلاً على شدة المنافسة بين الفئات السياسية، في مرحلة ما بعد الرئيس الراحل فرانيو توجمان. وأظهرت النتائج التي اعلنت أمس ان تحالف اليسار - الوسط المؤلف من الحزبين الاشتراكي الليبرالي والاشتراكي الديموقراطي، حل في المقدمة، وجاء بعده حزب الاتحاد الديموقراطي الحاكم نتيجة تفوقه في أوساط كروات البوسنة وفي الخارج، في حين حل تكتل الأحزاب الأربعة: الشعبي والفلاحين والليبرالي واسترا الديموقراطي، في المرتبة الثالثة. فوز تجاوز التوقعات وابلغ زعيم الحزب الاشتراكي الديموقراطي ايفيتسا راتشان "الحياة" في مكالمة هاتفية من زغرب، ان نتائج الانتخابات تجاوزت توقعات المعارضة، "ما أكد تطلعات الناخبين نحو التغيير الذي ينبغي ان نعيره الاهتمام الرئيسي في مهمتنا، لإرساء دعائم نظام كرواتي جديد يحظى بتأييد الداخل وقبول الخارج". ورجح أن يتولى هو تشكيل الحكومة الجديدة بينما سيكون رئيس الحزب الليبرالي دراجان بوديشا مرشح التحالف لرئاسة الجمهورية. ولم يستبعد راتشان امكان مشاركة تكتل الأحزاب الأربعة التي جاءت في المرتبة الثالثة في الحكومة "من أجل توسيع القاعدة الشعبية للسلطة الجديدة". وأكد رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي ل"الحياة" ان مهمة الحكومة الجديدة ستكون صعبة في المرحلة الأولى لأنها تخص أموراً كثيرة "في مقدمها معالجة الوضع الاقتصادي، ذلك ان نسبة البطالة تزيد عن 20 في المئة، اضافة الى متطلبات وضع أسس نظام سياسي يقوم على حرية الرأي الواسعة". وأشار راتشان الى أن مشاكل منطقة البلقان والروابط مع الدول الأوروبية "ستكون من مهمات السياسة الجديدة لجمهورية كرواتيا". واعترف وزير الخارجية الكرواتي ماتي غرانيتش ومسؤولون آخرون في حزب الاتحاد الديموقراطي في تصريحات نقلها تلفزيون كرواتيا، بهزيمة حزبهم. وأكدوا "احترامهم رأي الناخبين الذي فرض على الاتحاد الديموقراطي ان يتحول الى موقع المعارضة". ويُتداول على نطاق واسع ان غرانيتش سيكون مرشح الاتحاد الديموقراطي لانتخابات الرئاسة، باعتباره المنافس الأفضل لتحالف اليسار - الوسط الفائز في الانتخابات البرلمانية وذلك لصفات الاعتدال والواقعية التي يحملها منذ سنوات عدة. ترحيب بوسني ورحب المسلمون البوسنيون الذين كانوا يشتكون من الاطماع الكرواتية في أراضي البوسنة - الهرسك، بنتائج الانتخابات في كرواتيا. وقال ميرزا خيريتش مستشار العضو المسلم في هيئة الرئاسة البوسنية علي عزت بيغوفيتش، ان "التغيير الذي حققه الناخبون الكروات يمثل خبراً جيداً بالنسبة للبوسنة - الهرسك، ونتوقع ان يسفر عن تحسن العلاقات البوسنية مع زغرب". وتوقع رئيس حزب المبادرة الديموقراطية لكروات البوسنة كريشمير زوباك المعارض لنهج الاتحاد الديموقراطي في البوسنة ان يكون لنتائج الانتخابات الكرواتية "تأثير ايجابي كبير على مستقبل العلاقات بين البوسنة وكرواتيا وأن يعترف التحالف الذي سيتولى الحكم في زغرب بسيادة الدولة البوسنية وعدم وجود أطماع كرواتية في أراضيها". صمت صربي وفي بلغراد، لزمت وسائل الإعلام الرسمية الصمت تجاه نتائج الانتخابات في كرواتيا. إلا أن مصادر حوالى 100 ألف من صرب كرواتيا لا يزالون يعيشون لاجئين في صربيا اعتبرت النتائج "بمثابة مؤشر الى قرب عودتهم الى ديارهم في كرايينا وسلافونيا الشرقية". وتوقعت مصادر المعارضة في صربيا في تصريحات نقلها تلفزيون بلغراد المستقل ستوديو - ب أن تؤثر نتائج الانتخابات الكرواتية بشكل مباشر، ليس على العلاقات بين كرواتيا وصربيا فحسب، "بل على التطور الداخلي في يوغوسلافيا ايضاً، لأن عملية الديموقراطية في زغرب ستجد انعكاساً لدى الناخبين في صربيا من أجل التغيير في بلغراد".