تعرضت مدارس العراق وجامعاته الى جملة من التهديدات بالنسف في حال استمرار طلبتها بالمداومة فيها. ملثمون زرعوا الرعب بين مئات الآلاف من العائلات العراقية حينما وزعوا الأسبوع الماضي منشورات تفيد بان كل مدرسة او كلية لا تتوقف عن الدوام ستجد كمية كبيرة من المتفجرات بانتظارها. تربويون واكاديميون رأوا في التهديدات الارهابية التي طاولت المدارس، محاولة للوقوف ضد نهج جديد في التربية والمعرفة يعتمد الانفتاح الحر على العالم، والانتهاء من مرحلة عبادة شخصية صدام التي كانت مقرراتها حاضرة في المناهج التعليمية العراقية. يذكر ان المدارس العراقية كانت دشنت في ايار مايو الماضي عودتها بعد سقوط النظام السابق، بنزع صور صدام حسين من الكتب والمقررات الدراسية، فيما وزعت مع بدء العام الدراسي الجديد كتباً جديدة خلت من صور الرئيس السابق، ووصاياه، وأفكار "البعث". وما ان حل اليوم الاول من "اسبوع الغضب" الذي صادف الأول من الشهر الجاري، دب الرعب بين امهات واباء وقف معظمهم سداً حيال رغبة ابنائهم الذهاب الى المدارس رفضاً لما اعتبروه ابتزازاً تمارسه قوى الظلام. مروة الموسوي الطالبة في كلية الآداب في جامعة بغداد، رفضت مطالب والديها بعدم الذهاب الى الكلية: "غياب الطلبة هروب من حفنة القتلة والإرهابيين". وتعرض عدد من المدارس للتهديد. ومن هذه المدارس متوسطة "الكميت" في منطقة كرادة، التي وصلتها ثلاثة تهديدات بحسب مديرها عباس فاضل الحكيم: "قال مجهول لأحد طلبتنا إن المدرسة سوف تفجر من قبل اتباعه، وفي اليوم التالي تصرف مجهول آخر بالمثل، اما في اليوم الثالث فجاء التهديد من طريق الهاتف وكان المتحدث يتكلم بلهجة توحي بان امر تفجير مدرستنا محسوم، وبأن على كل من في المتوسطة ان يغادرها قبل حدوث ذلك". ويعلق الحكيم بالقول ان "ذلك يهدف الى خلق حال من عدم الاستقرار لتأخير العملية التربوية، واعتقد ان الفضائيات العربية التي يعتمدها المواطن العراقي في معرفة اخبار البلاد اسهمت في بث الرعب، بعدما اذاعته من ان بغداد ستشهد اسبوع المقاومة فأدى ذلك الى تفعيل حال الخوف في الشارع العراقي، لكننا على رغم ذلك واصلنا مهماتنا الادارية في قيادة المسيرة التربوية، وإن كانت نسبة الحضور في اليوم الأول للتهديدات 5 في المئة من عدد الطلبة". ويقول المرشد التربوي في المدرسة سامي حسن الرماحي: "انه مجرد ارباك للطلبة والاساتذة، وهو عمل مقصود من قبل اناس متخصصين ببث الاشاعة، لكنهم لن يبلغوا منالهم فالطلبة مستمرون في الدوام والهيئة التدريسية قامت بدورها في توفير الحماية، وطمأنة اولياء الأمور". ويتمنى الطالب حسن معتصم في متوسطة الكميت "ان يعود زملائي الذين اخافتهم التهديدات"، فيما يشير ضابط في احدى دوريات الحماية في منطقة الكرادة، الملازم مدحت رفعت حسن، ان "واجبنا حماية المدارس وتقوم دوريات تجوال مستمرة حولها، ونحن مستعدون لمواجهة اي ارهابي وان شاء الله لن يحدث اي مكروه". ويؤكد مدير ثانوية الإمام الجواد محمد هادي شعلان العامري عدم تلقيه اي تهديد، "ولكن هناك عناصر تحاول اثارة البلبلة والخوف في نفوس الطلبة ولو وصلنا اي تهديد فلن يردعنا او يثبط عزيمتنا". اما معاونة الثانوية باهرة عبدالغني فتبدو حازمة امرها في التشديد على عدم الاستجابة للتهديدات: "نحن نحاول بناء جيل جديد ولو استجبنا للتهديد فلن يكون امل لنا ولا مستقبل للعراق". تلميذان في الحادية عشرة، من مدرسة النوفل الابتدائية في الكرادة فاجآ مدير المدرسة والزملاء بالوصول وهما في ملابس النوم، وكانت ام كل منهما، منعته من الذهاب الى المدرسة لخوفهما من التهديدات. عمار محمد وباقر عبدالكاظم وجدا في الخروج بملابس النوم، "حيلة بريئة" للتخلص من قرار منع الذهاب الى المدرسة. وأثنت الهيئة التدريسية على اصرار التلميذين، فيما ارسلت من يطمئن عائلتيهما، وسط ضحكات زملاء الصف الخامس الابتدائي على مشهد الاثنين بملابس النوم يحملان الحقائب المدرسية. ويقول الرائد احمد عبد الرحمن من شرطة بغداد: "الإرهاب جديد علينا، والتهديد بالتفجير وتحديداً تفجير المدارس، تطلب منا عملاً كبيراً، نحمد الله ان الأكثرية لم تذعن للتهديد، وعناصر من قوتنا حمت رياض الأطفال والمدارس والجامعات وسنعمل من اجل ان تبقى هذه الأمكنة آمنة".