الزوار الإيرانيون لا يأتون إلى العراق بهدف زيارة العتبات الشيعية فحسب، إذ تفكر عشرات العائلات الإيرانية بالمجيء إلى بغداد للسؤال عن أبنائها الناشطين في منظمة "مجاهدين خلق" المعارضة للنظام في طهران والتي كانت لسنوات طويلة مقيمة على الأراضي العراقية. ام إيرانية برفقة ولدها قدما إلى مركز هذه المنظمة الايرانية المسلحة في ساحة الأندلس في بغداد لتقصي أخبار ابنها "مالك" المنضم إلى ميليشيات "جيش التحرير" التابع للمنظمة، وفي عينيها دموع ولكن الطريق طويل للوصول إلى منطقة الخالص في محافظة ديالى حيث المقر الرئيسي الوحيد للمجاهدين، وحيث تأمل في ان تراه بعد انقطاع دام 13 عاماً. مصدر في مفوضية الاممالمتحدة العليا للاجئين قال ل"الحياة" ان أحد الجوانب الأساسية لمشكلة "مجاهدين خلق" في العراق هو الجانب الإنساني، وتحديداً مصير آلاف الإيرانيين الذين كانوا لاجئين فيه، مؤكداً ان هذا الملف مجمد حالياً. عناصر المنظمة الإيرانية المعارضة الذين ما زالوا يقيمون داخل العراق يؤكدون انهم موجودون وسط كم من التناقضات، فالأميركيون يصنفون المنظمة على قائمة "الإرهاب العالمي" والأحزاب السياسية العراقية ومنها الأحزاب الشيعية تتبنى مواقف مناهضة للمنظمة على خلفية علاقات تلك الأحزاب الوثيقة مع إيران. محمد سعيدي، مسؤول رفيع في منظمة "مجاهدين خلق" في بغداد كشف ل "الحياة" ان المضايقات التي يتعرض لها عناصر المنظمة تصل إلى حد اتهامهم بالتعاون مع أجهزة صدام حسين في تنفيذ اعمال ارهابية. وقال ان المنظمة قررت اجلاء عناصرها من جميع المدن العراقية ونقلهم الى معسكر في منطقة الخالص بمحافظة ديالى، مشيراً إلى ان هذه الخطوة تتم بالتنسيق مع الأميركيين الذين أبلغونا بأن وجودهم في مكان واحد يسهل الحماية الأمنية لهم. وحول مستقبل وجود "مجاهدين خلق"، اكد سعيدي انه "من غير الواضح ما اذا كان سيسمح للمنظمة بالعمل السياسي والإعلامي داخل العراق بعدما نزعت أسلحتها وحلت قواتها المسلحة". من جهته، أكد مسؤول كردي ل"الحياة" ان مجلس الحكم الانتقالي غير معني بموضوع "مجاهدين خلق" في العراق، وان الملف بكامله بيد الأميركيين، لافتاً إلى ان عناصر المنظمة الإيرانية المعارضة حاولت إجراء اتصالات مع القوى العراقية لكنها لم تفض إلى عقد لقاءات. واضاف: "هناك مخاوف من تحول البلاد إلى ساحة صراع مسلح بين المنظمة وبين الأجهزة الإيرانية". وتقول مصادر ان الأميركيين الذين يتمسكون بالإشراف على ملف "مجاهدين خلق" داخل العراق وبحماية عناصرها ربما يستغلون هذه الورقة لممارسة المزيد من الضغوط السياسية على إيران. إلى ذلك أكد مسؤول في حزب شيعي عراقي ل"الحياة" ان "على مجاهدين خلق ان يفهموا بانه لا يمكن مواصلة حربهم ضد نظام الحكم الحالي في إيران انطلاقاً من الأراضي العراقية كما كان يحدث في السابق"، ملمحاً إلى ان الحكومة الإيرانية قد تعفو عن عناصر المنظمة في سياق سياسة جديدة للتعامل مع ملف المعارضة.