يطلق القومويون العرب العنان للسانهم ويسمون الرقعة الشاسعة من الخليج الى المحيط ب"الوطن العربي". ويورثون التسمية للأجيال، ولا يلمحون تلميحة صغيرة الى وجود أقوام غيرهم تعيش على يابستها، الى جوار أقوام وأمم أقدم من العرب. وكأن العرب الذين هاجروا منذ آلاف السنين الى تلك البلاد، واستوطنوها، هاجروا الى بلاد لم يكن فيها أحد، بل كانت سائبة، فانقضوا عليها، وحولوها من أراضٍ جرداء قاحلة الى إمارات وممالك ودول عربية زاهرة. وهذا قول ينافي العقل والمنطق. والتمسك بفكر قوموي معند لا يمكن السكوت عليه. ولا بد للقوميات الاخرى من ان تكافح في سبيل ان تخرج الى النور، وتأخذ حقها في العيش كغيرها من الأمم التي تعيش على سطح هذه الأرض. وتسمية دول مثل العراق وسورية ومصر وليبيا والمغرب والجزائر بدول عربية لقول يعني ان لا وجود لقوميات وشعوب أخرى هي، في الأصل، صاحبة الأرض. ولكن الاعتبارات الدولية ومخططات الدول العظمى التي احتلت الشرق، وتقاسمته فيما بينها، أدت الى ضمور قوميات وبزوغ اخرى، واستقلال دول وانهيار اخرى. فالعراق يحتوي قوميات غير العرب. فالكورد والأرمن والتركمان والآشوريون وغيرهم أقوام يعيشون قبل العرب في العراق. وأتت الأمة العربية، وبنت حضارتها على أنقاض حضارات تلك الأمم. أما في سورية فلا وجود رسمياً لأي قومية اخرى، عدا العربية، وكأنهم من سلالة صافية، لم يختلطوا، ولم يتزاوجوا مع أمم أو شعوب اخرى. اما الأمم الاخرى كالكورد والتركمان والشركس والآشوريين فدخلاء عليهم، ولا بد من إطفاء جذورهم. اما في مصر فالأقباط لا وزن لهم في ميزان التمثيل السياسي. والأمازيغ والبربر، في المغرب والجزائر، كُتموا منذ مئات السنين. فأُنسوا لغتهم وتاريخهم وحضارتهم. أعتقد ان المصطلحات الجغرافية وضعها المؤرخون والرحالة والجغرافيون. وهذا المصطلح كوردستان ليس الوحيد الذي نحت اعتماداً على جنس أو عرق. فأغلبية السكان في المنطقة المراد تسميتها يطلق اسمهم على بلدانهم. ومصطلح "الوطن العربي"، على رغم الملايين من الكورد والامازيغ والترك والافارقة والاقباط والآشوريين، مصطلح جزئي. وليس للأكراد أو الأرمن أو الأمازيغ ذنب، اذا حضارة الأمة العربية بنيت على الأوابد. اما مطالبتهم بحقوقهم القومية والسياسية والاجتماعية والثقافية فهي أمور بديهية، ولا يمكن النقاش فيها، فهم أمم كالأمم الاخرى، خلقها الله وجعل لها خصوصية تتميز بها. فلماذا ينزع منها حق وهبه إياها الله عز وجل؟ ولها ان تقرر العيش مع الأمم التي تختلط بها، أو تنفصل عنها، أو تتحد في اتحادات فيديرالية أو غيرها. ولا ذنب لهم إذا ولدوا أكراداً أو أمازيغ أو آشوريين، وليسوا فرساً ولا تركاً ولا عرباً. القامشلي - مسعود عكو [email protected]