قبل قرابة أربع سنوات عقد "المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية" في لندن ندوة بعنوان "العراق سنة 2020"، دعي إليها مفكرون وسياسيون واقتصاديون عراقيون من عرب وأكراد وتركمان، وكذا من الدول العربية والدول المجاورة للعراق، نوقشت في اجتماعاته الأوضاع العراقية الداخلية الراهنة والآتية، مع تصور قد يكون عليه العراق سنة 2020، إذا أطيح النظام العراقي القائم. وتجاهل هذا المركز في اجتماعاته المسألة الآشورية، ولم يدع من شخصياتها أحداً. في الأشهر والأسابيع الأخيرة بدأ بعض الشخصيات المنتمية إلى ما يسمى بالأحزاب المعارضة للنظام العراقي تحركاتهم، بعد إعلان القيادة الأميركية نيتها ضرب العراق، وإطاحة نظامه. اجتمعوا أخيراً ببعض القيادات الأميركية بواشنطن. وهؤلاء، كعادتهم، تجاهلوا أقدم القوميات في العراق، وهي القومية الآشورية. وحاولوا قدر المستطاع، ونجحوا، في إبعاد مسؤولي أحزاب آشورية، أو ممثليهم، عن لائحة الوفد المذكور. وهم الشخصيات المعارضة ينادون بوحدة العراق. ومن الغريب جداً أن يتزامن هذا مع سياسة بعض الصحف العربية، أقول الصحف العربية، الدخول في هذا المسار ومحاولة محو القومية الآشورية في العراق. فبعد محاولات نظام صدام حسين الدؤوبة وهي أثبتت فشلها تعريب هذه القومية، في منتصف السبعينات من القرن الماضي، حين صدرت الأوامر بكتابة "القومية العربية" للآشوريين، في باب "القومية" في الاحصاء السكاني في العراق، بدأ بعض تلك الصحف ليس فقط العربية بمحاولة بث فتنة تقسيم العراق، بالتركيز على اسم "كردستان العراق" بدلاً من تسميته شمال العراق، كما يفعل بعض الاخوة الأكراد، وبخاصة في هذه الظروف الحساسة التي يمر بها العراق، وإنما حاولت هذه الصحف أخيراً تكريد الآشوريين، وتسمية "الحركة الديموقراطية الآشورية" بالحزب الكردي المسيحي. إن ما جاء في صحيفتكم في 31 آب/ أغسطس، ص6 تحت عنوان "اغتيال كاهن وراهبة كاثوليكيين في بغداد: حزب كردي مسيحي لا يستبعد تورط السلطة"، لا يقبل الشك في أنه جزء من محاولة محو القومية الآشورية في العراق، أو غيره من الدول العربية المجاورة. وإذا كان عذر المحرر أنه نقل الخبر كما جاء من "وكالة الأنباء الفرنسية"، فكان من الواجب عليه، على افتراض أن له بعض الزاد السياسي والتاريخي، أن يعلم أنه لا يمكن الخلط بين الكردي وهي تسمية قومية والمسيحية وهي تسمية دينية. وإلى ذلك فإن الاخوة الأكراد ينتمون إلى الإسلام ديناً. وكان عليه أن يعلم أن الآشوريين كلهم مسيحيون. فلو صحت مقولة ان هناك "مسيحيين أكراداً" لصح ان الأكراد بوذيون أو هندوس، وان النروجيين زرادشتيون. وأخيراً ما كان عليه، أياً كان مصدر الخبر، أن ينفي دور الحركة الديموقراطية الآشورية، ويصفها بأنها تدافع عن مسيحيي العراق، على رغم أنها رفعت منذ تأسيسها شعار "عراق ديموقراطي حر"، ودافعت من أجل أهداف وحق كل القوميات في العراق: العربية والكردية والتركمانية والآشورية، وليس أخيراً الأرمنية، في العيش تحت ظل تعددية يعم رخاؤها كل الوطن. وإذا كنا، ككل القوميات الأخرى، عانينا ما عانيناه في ظل الطغمة الحاكمة الآن في بغداد، إلا أننا، كما يبدو في ظل المعتقدات والاطروحات الجديدة من جانب بعض التنظيمات الكردية وغير الكردية، سنظل، إن لم يكن أكثر، نعاني ونجتر معاناتنا، ونترحم على أيام الانتداب يوم كان العراق لكل العراقيين الوافدين إليه من دول المنطقة، منذ أزمنة ماضية، أو الذين بنوا حضارته قبل آلاف السنين. لندن - أوراهم أوديشو آشوري مقيم