لم يجد رئيس وزراء البريطاني توني بلير فسحة للابتعاد عن مناخ الجدل المتوتر الذي تتعرض له سياسته الداخلية والخارجية، خلال انعقاد المؤتمر السنوي لحزب العمال الحاكم، سوى تلك التي أتاحها له مجلس السفراء العرب الذي دعا الليلة قبل الماضية الى عشاء قال بلير عنه مازحاً انه العشاء الوحيد الذي ينتظره اثناء انعقاد المؤتمرات السنوية للحزب. وخلال تنقله من حفلة استقبال الى اخرى، تجنب بلير ما قُدّم اليه من مأكولات ذلك المساء، لحرصه على تناول المأكولات اللبنانية في وقت لاحق، اما زوجته شيري فقالت بلا تتردد انها "مغرمة" بالتبولة والحمص والفلافل والكبّة، في حين يفضّل زوجها التبولة والشيش طاووق. اجواء الترحيب التي لقيها بلير من جانب عميد السلك الديبلوماسي العربي، سفير دولة الامارات عيسى القرق، وسائر السفراء العرب المعتمدين في بريطانيا ونواب عماليين مؤيدين للقضايا العربية، لم تحل دون خوضه في قضايا شرق اوسطية تستحوذ على اهتمام ناخبيه بعدما وصف ما يجري في العراقوفلسطين بأنه ينعكس مباشرة على الحياة في بريطانيا والعالم وتتأثر به شوارع بريطانيا بشكل واضح. أقرّ بلير امام الحضور العربي والبريطاني بأن العام الماضي كان صعباً وانه شخصياً يريد ان يرقى العراق وشعبه الى اعلى المستويات في المنطقة، وان حكومته ستقوم بكل ما يلزم من اجل ان يحكم العراقيون انفسهم بأنفسهم. ووصف بلير ما يجري في الاراضي الفلسطينية بأنه "محبط للآمال"، معتبراً ان الحل الافضل للجانبين "اقامة دولتين منفصلتين ولا بديل آخر". وعبّر عن حزنه لما يسقط من ضحايا في الجانبين نتيجة ما يجري من تصعيد. وقال بلير ان شوارع بريطانيا تتأثر بشكل مباشر بما يجري في المنطقة "ليس بسبب العراق، وانما بسبب معظم القضايا التي تواجهها المنطقة". وتوقف كثيرون امام المصافحة الحارة بين توني بلير ومفوض فلسطين في فلسطين عفيف صافية، وكذلك الود الواضح بين كريستيل صافية وشيري بلير، كما توقفوا عند المصافحة بين الرئيس الافغاني كرزاي والسفير السعودي في بريطانيا الامير تركي الفيصل. ووصف بلير مشاركة كرزاي في العشاء العربي الى جانبه بأنه "مناسبة جميلة تعكس تقدير افغانستان لما قُدّم اليها من دعم بريطاني". وتعتبر مشاركة كرزاي في مؤتمر حزب العمال السنوي استكمالاً لتقليد سبقه اليه نيلسون مانديلا وبيل كلينتون وآخرون. أروقة المؤتمر وصالات الفنادق المحيطة لم تتوقف عن استضافة المؤتمرات الجانبية التي تعنى، اضافة الى القضايا الداخلية بتفاصيلها المختلفة، بقضايا خارجية تبدأ بكوبا وتنتهي ببورما، لكن الواضح ان قضيتي فلسطينوالعراق كانت في واجهة الاهتمام التي عكسها عدد النشاطات التي ركزت على ذلك خلال الايام التي انعقد خلالها المؤتمر الذي يختتم اعماله اليوم.