تكمن معاناة ام قصر، الميناء العراقي الوحيد المطل على الخليج، في الغبن الجغرافي الذي وجد فيه نفسه بعد الحرب العالمية الأولى وما رافقها من احتلال بريطاني. ويقول الدكتور جهاد سلطان خالد الباحث في مركز دراسات الخليج في البصرة ان المساحة التي أعطيت للعراق ليطل منها على الخليج لم تتجاوز 65 كم، تمتد من مصب شط العرب إلى الحدود مع الكويت، وهي غير صالحة للملاحة باستثناء خور عبدالله وخور الزبير اللذين اصبحا صالحين بعد عمليات تطهير قام بها العراق. وأضاف انه في عام 1961 بنى العراق على خور عبدالله ميناء أم قصر ليستوعب تزايد الحركة التجارية مع العالم، وبعد ان اصبح ميناء العشار في البصرة غير قادر على الإيفاء بمتطلبات النشاط التجاري الآخذ بالنمو. وأشار الى انه منذ ذلك الحين بدأ الميناء ينمو ويتسع حتى صار يضم 23 رصيفاً كبيراً، ومنذ عام 1991دخل الميناء في صمت قاتل، وعندما أطيح نظام صدام حسين شهدت محافظة البصرة كساداً اقتصادياً وتجارياً بسبب الانحسار الكامل لحركة السفن الوافدة إلى العراق، على رغم عدم وجود أي موانع، إذ تم تنظيف الأرصفة وثم استخراج الألغام وجرى انتشال السفن والزوارق في حين كانت السفن التجارية القادمة إلى العراق، تسلك طرق موانئ المنطقة الأخرى. ويقول عاملون في الميناء: "ان أحد أهم الأسباب هو ان الشركة الأميركية التي تدير الميناء قامت وبصورة مفاجئة ومن دون أي سبب، بزيادة أسعار أجور وعوائد الموانئ أضعافاً مضاعفة، على عكس ما هو معمول به في موانئ مجاورة في الكويت والأردن وتركيا وسورية وايران، وتقوم بتفتيش كامل ودقيق للسفن القادمة إلى العراق، عند مشارف خور عبدالله وخور خفجة ضمن المياه الإقليمية للعراق، لأسباب أمنية ولأيام عدة". وأدت هذه الحال غير الطبيعية، كما يقول عبدالمحسن جواد، أحد عمال الميناء، إلى تذمر التجار وشركات النقل ومالكي السفن، وقاموا بتغيير مسار تجارة العراق إلى موانئ الكويت وتركيا والعقبة، وبشكل خاص الى الكويت، التي قامت من جانبها برفع وإلغاء القيود السابقة كافة فيما يخص أجور وعوائق موانئها والاكتفاء بتشغيل الأيدي العاملة لديها وتقديم أعمال الصيانة والإدامة لهذه السفن وتأمين حاجاتها الغذائية والموارد المائية. ويؤكد العمال في الميناء ان ما يجري لا يخرج عن إطار إلحاق الضرر المادي باليد العاملة العراقية، التي تعاني الآن من بطالة، في أجواء اقتصاد عراقي ينهار ووضع سياسي متدهور.