بيروت - "الحياة" - أدت "الممارسات الكيدية" الى تسميم مناخ "غسل القلوب" الذي كان قائماً بين رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس الوزراء رفيق الحريري واظهرت ان "التساكن الإلزامي" في السلطة كثير الهشاشة وسريع العطب. وجاءت الانتكاسة الجديدة بعد قرار وزير الاتصالات جان لوي قرداحي السماح بعودة البث الفضائي لتلفزيون الجديد "نيو تي في" ما أثار الحريري ودفعه الى المطالبة بتعامل مماثل مع محطة "ام تي في" التي اغلقها "القضاء" اللبناني بعد ذهابها بعيداً في معارضة لحود والوجود العسكري السوري في لبنان. راجع ص8 وكان قرداحي برّر السماح بعودة البث بكون التدبير الاحترازي انتفى مبرره بعد تعهد صاحب المحطة عدم بث حلقة من برنامج "بلا رقيب" تتناول المملكة العربية السعودية. وكاد قرار قرداحي اعادة البث ان يودي بالحكومة بعد ان لوح الحريري بالاستقالة ولم يصرف النظر عنها إلا بعد تدخل مباشر من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أخذ على عاتقه بمباركة واضحة من دمشق التدخل، ليس فقط لرأب الصدع قبل ان يتفاعل، وإنما لإيجاد مخرج يعيد العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة الى ما كانت عليه قبل التدبير الذي اتخذه قرداحي. وجاء تحرك بري السريع من اعتباره ان تفاهم الرئيسين في اطار "غسل القلوب" يجب ان يبقى اقوى من ان تطيح به مشكلة عابرة. وهو لم يخف لومه لقرداحي على تصرفه من دون العودة الى الحريري لأنه من غير الجائز تجاهله او القفز فوق صلاحياته. ويبدو ان بري لمس في بداية تحركه تجاوباً من لحود لجهة عقد جلسة استثنائية للبحث في المشكلة لكنه عاد ففضل ان تحال على الجلسة العادية لمجلس الوزراء الخميس المقبل. ويراهن بري على حرص الجميع وعلى رأسهم لحود والحريري على عدم ترك المشكلة تتفاعل لأن لا مصلحة للبلد في استمرار تداعياتها في الظروف الراهنة من جهة، وفي ظل استبعاد حصول تغيير وزاري في المدى المنظور مع استعداد المجلس للبدء بمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام الحالي. وتعتقد مصادر مطلعة في بيروت بأن رهان بري على عدم تكبير المشكلة سيفسح في المجال امام مواصلة الجهود على قاعدة تنفيس اجواء الاحتقان تمهيداً لبدء البحث في اسباب المشكلة لتفادي تكرارها لا سيما ان وزراء ونواباً يعتبرون انه لا يجوز ان تطيح ب"غسل القلوب" الذي بات يحتاج الى حماية تتيح تجاوز الثغرات من اجل تعزيز دور المؤسسات لمنع اختزالها من جهة ولضمان التقيد بالدستور وعدم المس بصلاحيات رئيس الحكومة، اضافة الى انه لا مفر من التعايش الإيجابي بين لحود والحريري من خلال الحفاظ على المؤسسات ودورها. وسيكون الموضوع حاضراً في لقاء بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وكتلتيهما النيابيتين اللتين ستبحثان مشروع قانون الموازنة اليوم. وسجل امس، على رغم المواقف السياسية من الموضوع، غياب السجال حوله ما يمهد لطرحه على طاولة مجلس الوزراء الخميس المقبل.