قال سياسي بارز ان اقرار الموازنة يتصدر اولويات المجلس النيابي والحكومة حالياً فيما يستمر "تقطيع الوقت" على صعيد العلاقة بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري بأقل قدر من الأضرار ريثما ينتهي المجلس من التصديق على مشروع قانون الموازنة. وأكد السياسي ل"الحياة" ان لا مشكلة في عدم عقد جلسة مجلس الوزراء هذا الاسبوع، بسبب الخلاف على جدول الاعمال اذا كان مردوده السياسي تفادي اي اهتزاز من شأنه ان يصيب العلاقة بين الرئيسين. لافتاً الى ان عدم جاهزية المناخ من اجل تطبيع العلاقة بينهما لا يبرر العودة بها الى الوراء. ورأى ان المقاطعة او القطيعة بين الرئيسين اعتبرت منتهية بمجرد عقد جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي وبالتالي لم يعد من مبرر لاستحضار السجال السابق على خلفية أزمة تلفزيون الجديد "نيو تي في". وأوضح السياسي ان الاتصالات التي اجراها وزراء ونواب بعد عودة البث الفضائي للتلفزيون المذكور انتهت الى تحديد ما للحريري في ذمة الآخرين وما عليه وتحديداً في اعقاب البيان الشهير الذي صدر عن مكتبه الاعلامي وربط فيه بين موضوعي "نيو تي في" و"ام تي في". واعتبر ان الحريري لم يجن ربحاً من البيان في حين حاول خصومه استغلاله من اجل استهداف علاقته بسورية وقد نجح اخيراً في تصحيح الموقف الذي اصابه بضرر موقت، خصوصاً ان القيادة السورية واكبت عن كثب كل التفاصيل المتعلقة بوقف البث الفضائي والتي ادت الى توتر العلاقة بين الرئىسين. وأكد ان تطبيع العلاقة بين الرئىسين امر ضروري لكن شرط ألاّ يتم على قاعدة اعادة الاعتبار الى "غسل القلوب" الذي اصبح مستهدفاً من قوى حليفة وصديقة لهما، وانما يجب ان تؤخذ في الاعتبار ضرورة صوغ قواعد جديدة للتعاون تؤمن الحماية له من جهة ولا توحي بأن استمراريته تقوم على اختزال المؤسسات وإلغاء دور مجلس الوزراء. وقال السياسي ان من السابق لأوانه الدخول في تفاصيل القواعد الجديدة التي يجب ان تسبقها مبادرة لحود والحريري الى تقويم التجربة ومراجعتها لإظهار الأخطاء وتلافي تكرارها. وعزا السبب الى ان رسم حدود جديدة للعلاقة بين الرئىسين لا يتم على عجل بل لا بد من المرور في مرحلة انتقالية تلعب من خلالها دمشق دوراً اساسياً في تنشيط مساعي التهدئة التي يتولاها بري في شكل رئيس، على ان تكون هذه المرحلة بمثابة تحضير لمواجهة الاستحقاق المتمثل بتغيير الحكومة الحالية ومن شروط نجاحه عدم نقل المشكلة الى الحضن السوري تحت عنوان "ان لا مفر من التبديل". وتابع: "ان دمشق تدعم باستمرار مساعي التهدئة للحفاظ على الاستقرار العام في البلد، وتؤيد التفاهم الرئاسي شرط ألاّ يكون على حساب الآخرين واحتمال استخدامهم كوقود في تقوية مواقع النفوذ بل يجب ان ينطلق من كونهم قوة ضاغطة ليس لرأب الصدع فحسب وانما لتفعيل التعاون". واعتبر السياسي ان ادراج التغيير الوزاري في المرتبة الثانية بعد انجاز الموازنة لا يعني ان الوصول اليه سيكون سهلاً، بمجرد احالته بكل تعقيداته على دمشق التي ترفض الدخول في التفاصيل وتفضل ان يقتصر دورها على مباركة الجهود اللبنانية لجهة تحضير الاجواء للعبور بالتغيير الى بر الامان. ولاحظ انه من الصعب التعاطي مع استحقاق التغيير كما حصل في بداية عهد لحود عندما اعتذر الحريري عن عدم قبول تكليفه تأليف الوزارة واستُبدل بالرئيس سليم الحص. وعزا السبب الى تبدل الظروف من زاوية ان ما حدث في الماضي يأخذ في الاعتبار ان العهد كان لا يزال في بدايته وبالتالي لا بد من توفير كل الدعم لرئىس الجمهورية، من دون ان يعني هذا الكلام ان لا حل للمشكلة او لمواجهة التغيير الا بترجيح كفة رئيس على الآخر. وقال ان من المآخذ على الحريري العودة الى استخدام سلاح التهديد بالاستقالة، مؤكداً انه لم يكن من الجائز التلويح بها، لكن هذا لا يعني التصرف منذ الآن وكأن الظروف الراهنة تسمح باخراجه من المعادلة السياسية. وأضاف ان الحريري ليس في وارد العزوف على رغم كل الاجواء الناجمة عن ازمة البث الفضائي. ورأى ان عدم وجود نية لدى الحريري بالعزوف عن مهمة رئاسة الحكومة، لا يلغي الرغبة الدائمة لدى المعارضة وبعض الاوساط النافذة في ابتزازه او استفزازه، عله يندفع الى اتخاذ موقف ليس في محله الآن. وأكد ان دمشق ستتابع جهودها بهدوء لتوفير الاجواء لضمان ولادة طبيعية للحكومة الجديدة بشرط تحصينها بتوافق الرؤساء وعدم التعاطي معها من زاوية لجوء كل منهم الى تحصين موقعه او تحسين شروطه في وجه الآخرين. وفي السياق ذاته قال السياسي ان لا مجال للاستقواء بدمشق في لعبة تكبير الحصص التي تهدد الحفاظ على التوازن السياسي داخل الحكومة، مشيراً الى وضوح الموقف السوري على هذا الصعيد، ويتمثل في رفض التعامل مع التغيير وكأنه امام خيارين محصورين بمن سيكون الاقوى. وأضاف ان دمشق ليست في وارد تصوير لحود وكأنه منكسر او الايحاء بأن هناك نية للقضاء على رئاسة الحكومة، مؤكداً ان هذه المعادلة مرفوضة سلفاً من دمشق التي تقدر للحود دوره، ولا تقلل في المقابل من جهود الحريري في تصديه للأعباء الناجمة عن تنامي خدمة الدين. وتابع ان دمشق لا تنظر في تعاملها مع الرؤساء الى رئيس حليف ورئيس نصف حليف، او الى رئيس يجب ان يكون ضعيفاً وآخر يجب ان يكون قوياً، لافتاً الى ان نظرتها الى الجميع كانت واضحة وستبقى وأن لا مجال لفرض معايير تتنافى ورؤيتها للواقع اللبناني. وأكد ان جميع الرؤساء من وجهة نظر دمشق هم حلفاء، وان حفاظهم على ادوارهم يعود اليهم وان كان سوء التصرف احياناً يوحي وكأن الفرصة متاحة للانقلاب على المعايير. وقال ان دمشق وإن كانت تترك لتوافق الرؤساء حرية القرار في التغيير فهي في المقابل تبدو منزعجة في حال انتقلت اليها المشكلة ومن ثم يطلب منها لاحقاً ايجاد الحل في وقت تكون الساحة اللبنانية تحولت الى حقل من الألغام السياسية. وأكد السياسي ان دمشق تتمنى على الرؤساء ان يسهموا في خلق المناخ المساعد لتغيير الحكومة، باعتبار ان المسؤولية تقع على عاتقهم وانها لن تتدخل الا لتذليل بعض العقبات الاعتراضية. واذا كانت لديها ملاحظات فهي تفضل ان تعلم بها صاحبها وليست في حاجة الى ناطق اعلامي للتحدث باسمها او للضرب بسيفها ليوحي البعض بأنها طرف في لعبة تصفية الحسابات.