سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مجلس الوزراء اللبناني شهد نقاشاً حول توافق الرؤساء ودور المؤسسات وآثار حديث التغيير الحكومي . مسودة تشكيلة ال 18 وزيراً الخالية من الحزبيين جمّدت لكن تفاعلاتها السياسية مستمرة حتى اقرار الموازنة
حديث التغيير الحكومي، وتوافق أركان الحكم أديا الى نقاش مطوّل في مجلس الوزراء الخميس الماضي عن ضرورة عدم "غسل اليد من مجلس الوزراء" بسبب غسل القلوب بين رئىسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري. لكن توافق لحود والحريري مع رئىس المجلس النيابي نبيه بري قبل شهرين على صيغة حكومية جديدة، من 18 وزيراً يغلب عليها اللون غير الحزبي، انتهى الى تأجيل الأمر الى ما بعد إقرار الموازنة. مصادر مطلعة قالت ل"الحياة" ان التطورات المحتملة في المنطقة وإمكان خوض اميركا الحرب ضد العراق في شباط فبراير او آذار مارس المقبلين قد تؤدي الى تأجيل البحث بالتغيير مرة اخرى، خصوصاً اذا كان هناك قلق من ألا يتمكن الرؤساء من التوافق على أسماء الوزراء الجدد في اللحظة الاخيرة. كما ان هوية اي تشكيلة حكومية يفترض ان تأخذ في الاعتبار الوضع الاقليمي. عادت فكرة التغيير الحكومي التي كان اتفق عليها رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري في تشرين الاول اكتوبر الماضي الى الواجهة مجدداً، بعد ان قال الرئىس بري اول من امس ان الباقي من عمر الحكومة شهران، مشيراً بذلك الى ان تغييرها سيتم بعد اقرار موازنة العام 2003، في آخر كانون الثاني يناير المقبل. ومع ان الرؤساء الثلاثة اتفقوا قبل شهرين على مشروع تشكيلة حكومية جديدة تضم 18 وزيراً، على ان ترى النور بعد القمة الفرنكوفونية، ثم عادوا فاتفقوا على تأجيل البحث بالأمر الى ما بعد الموازنة، نظراً الى انهم لم ينجزوا التوافق على بضعة اسماء، ولأنهم تلقوا نصيحة من القيادة السورية بعدم خوض هذه المغامرة في ظل الاستحقاقات المطروحة ولا سيما "باريس -2"، مع ذلك كله فإن الحرارة عادت الى مبدأ التغيير بفعل ما تشهده الحكومة من تناقضات، إضافة الى تصريحات بري. ويبدو ان توافق الرؤساء على التغيير الحكومي عجّل في بروز هذه التناقضات وأهمها: - الخلاف العلني الذي نشب اول من امس بين وزير الاتصالات جان لوي قرداحي والحريري عبر المجلس الأعلى للخصخصة الذي يتولى الأمانة العامة فيه الدكتور غازي يوسف الذي هو من فريق رئىس الحكومة حول خصخصة الخلوي. - تبرّم كل من الرؤساء الثلاثة من عدد من الوزراء المحسوبين عليه سواء طائفياً او سياسياً. وبلغ التبرم والتذمر حد شكوى كل منهم من وزرائه امام الآخر، وخصوصاً الرئىس بري، من وزراء حركة "أمل". ونقل عن بري قوله ان من مبررات انتهاء الحكومة ودورها من دون دور رئيسها عدم مشاركة الوزراء في بعض القرارات تغيير محافظ جبل لبنان عدنان دمياطي وانتظار اعضائها خلال جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي في قاعة المجلس، مدة ساعة ونصف الساعة، حتى انتهاء خلوة لحود والحريري التي تفاهما خلالها على موضوع الخلوي الذي اقره الوزراء كما اتفق عليه الرئيسان، بعد ان شارك قرداحي معهما في جانب من الخلوة لاقناعه باتفاقهما، خصوصاً ان له رأياً مخالفاً في شأنه. الا ان الأهم من العوامل المتعلقة بالتغيير هو ان اتفاق الرؤساء صامد على معظم الامور الاساسية وعلى التشكيلة غير النهائية التي كانوا توصلوا اليها في تشرين الاول الماضي والتي قضت بالاتيان بحكومة متوسطة الحجم بدل الحكومة الثلاثينية الفضفاضة الراهنة. وتشير المعلومات، الى انه عند تجميد البحث في التغيير الى ما بعد الموازنة، وبسبب النصيحة السورية، كان الرؤساء الثلاثة انتهوا الى صيغة متحركة بين مبدأين: حكومة من 18 وزيراً، خالية من الحزبيين، او مطعمة جزئياً بعدد قليل من الحزبيين لظروف استثنائية... لكن عدد وزرائها يعني ان يتمثل كل من طوائف الموارنة والسنّة والشيعة بأربعة وزراء. وتسربت اسماء من هذه التشكيلة للاعلام، لكن مصادر واسعة الاطلاع اشارت الى اللائحة المتحركة كالآتي: 1- السنّة: رفيق الحريري، فؤاد السنيورة، بهيج طبارة ونجيب ميقاتي. 2- الموارنة: سليمان فرنجية، حارث شهاب رئيس الرابطة المارونية وعضو "لقاء قرنة شهوان" المعارض، لكنه على صلة بالرئاسة الأولى، النائب فارس بويز او النائب نادر سكر أو رشاد سلامة، اذا تقرر ان تكون مطعمة بحزبيين واذا تعذر تمثيل الكتائب الذي يبدو ان هناك حرصاً عليه بمقعد ارمني، والنائب سمير عازار الذي اقترحه بري، خصوصاً اذا تعذر تمثيل كتلته النيابية بالكاثوليكي ميشال موسى. 3- الشيعة: فادي مكي المدير العام الحالي لوزارة الاقتصاد ومحمد كركي المدير العام لصندوق الضمان، او ناصر نصرالله مدير عام مشروع الليطاني، النائب ناصر قنديل والدكتور غازي يوسف. وقد يطرح اسم حسن فران او المحامي علي العبدالله او علي حسن الخليل من "أمل" اذا توسع التطعيم الحزبي. 4- الارثوذكس: الياس المر مع امكان تعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء، خصوصاً انه بات عرّاب "غسل القلوب" واستقرار العلاقة بين لحود والحريري، ويتولى متابعتها يومياً، كرم كرم مرشح للادارة العامة لمنظمة الصحة العالمية وقد يستبدل اذا نجح في الحصول على التأييد الدولي لها، بشارة مرهج او جبران تويني... ويحتمل عودة عصام فارس بدلاً منهما اذا تقرر التخلي عن فكرة اسناد نيابة رئاسة الحكومة الى الياس المر، خصوصاً ان اوساطاً عدة ترجح بقاءه وزيراً للداخلية فقط، بسبب الحرص على الاحجام ضمن السلطة في هذه المرحلة. 5- الدروز: وليد جنبلاط واعتبر الرؤساء ان صفته كزعيم درزي تغلب على حزبيته الا ان مصادر جنبلاط تحدثت عن عدم حماسته للوزارة. 6- الكاثوليك: ميشال سماحة أو ميشال موسى. 7- الأرمن أو الاقليات: يحرص الحريري على ابقاء باسل فليحان وزيراً للاقتصاد لأسباب تتعلق بمرحلة ما بعد "باريس -2". وبما ان فليحان من الاقليات فإن الحريري يرى ان هذا المقعد إما للأقليات او للأرمن. اما لحود فرأى ابقاءه للأرمن وتوزير رئيس الكتائب كريم بقرادوني. وقد جمّد البحث في مسودة هذه التشكيلة، لكن تفاعلات فكرة التغيير الحكومي بقيت. وقالت مصادر وزارية ل"الحياة" ان نقاشاً سياسياً طويلاً جرى خلال جلسة مجلس الوزراء لسبل تفعيل أداء الحكم والحكومة بعد اجتماع "باريس -2"، وللتعاون بين أركان الحكم. وذكرت المصادر الوزارية ان الرئيس لحود طلب من الوزراء الادلاء بدلوهم تعليقاً على "باريس -2" ونتائجه وأن بعضهم اكتفى بالحديث عن اهمية الانجاز واتفاق لحود والحريري في تمهيد الطريق لنجاح المؤتمر... الا ان وزير الاعلام غازي العريضي اكتفى بتأييد ما قاله الوزراء وتوسع في الحديث عن الحذر من بعض الثغرات. وركزت مداخلة العريضي على عناوين عدة منها: - ان اتفاق الرئىسين مطلوب ويؤيده الجميع، لكن يجب التنبه الى عدم اعطاء انطباع بأن توافقهما يلغي الوزراء ويتجاهل المؤسسات. كما ان القوة التي يعطيها توافق الرئيسين لكل منهما هي عنصر ثقة لهما يفترض الا يؤدي الى الخوف من طرح الامور على طاولة مجلس الوزراء ومناقشتها ليعرض الجميع آراءهم فيها، تعزيزاً لعمل المؤسسات. - ان وحدة الحكم يفترض ان تنسحب على عدد من القضايا لئلا تقع ثغرات تؤدي الى ارباك هذه الوحدة، ودعا الى ان يسري التوافق على ميادين اخرى ومنها القضائية والامنية التي تشهد اخطاء، كما حصل اخيراً في فتح ملفات قضائية في حق أركان المعارضة، ومثلما جرى في شأن منع الطلاب من التظاهر. وهي اخطاء تستفيد منها المعارضة. - ان وحدة الحكم، وخصوصاً على بعض التدابير المالية والاقتصادية التي تترك انعكاسات اجتماعية على بعض الفئات، من المعلمين الى الجامعة اللبنانية وغيرها من القطاعات، لا تغني عن "قيامنا جميعاً" بفتح حوار مع هذه القطاعات. - ان توافق اركان الحكم الذي ادى الى إشاعة انباء عن انه يشمل تغيير الحكومة قريباً، يترك آثاراً في غير مصلحة تفعيل عمل الوزارات والادارات... فيهمل وزراء وزاراتهم لأن استبدالهم محتمل... وهذا يضعف آلية العمل الحكومي، بينما المطلوب تشجيعهم على أكبر قدر من النشاط، في انتظار ان يحين موعد التغيير الحكومي. وتحدث عدد من الوزراء بعدها في الوجهة نفسها بينهم وزير العمل علي قانصوه وأيده وزير النقل نجيب ميقاتي مؤكدين وجوب عدم إلغاء دور مجلس الوزراء بسبب اتفاق الرئيسين. ووافق لحود والحريري العريضي والوزراء على ما طرحوه، لكن اياً منهم لم يؤكد او ينفي فكرة التغيير الحكومي. هذا النقاش في الجلسة، والأجواء المحيطة بموضوع التغيير الحكومي، دفعا لحود الى التأكيد ان تضامن أركان الحكم لا يعني التفافاً على المؤسسات.