هو عقربٌ قرب الوسادة لا يراوغ. لا يفسرُ. واثقٌ من نُبلِ مهنتهِ ويجهلُ قلبنا، لكن يُلاحقنا ويُبدي رأيهُ فينا يُقسمنا على ضرباتهِ ويصوغُ تعريفَ العدالة بيننا. عيناهُ خاليتانِ من مرضِ البصيرةِ، حين تلتفتان، / ترتجلان نظرتهُ الركيكة ثمَّ / ترتجلان حجمَ خُلودنا. هو عقربٌ آتٍ من الخللِ السماويِّ المُحيِّرِ - كيفَ نَعرفُ؟ - أم تُرى هُوَ خوذةٌ تسعى بها ألغازُها لتُقيمَ مملكةَ العقاربِ في قميصِ حَياتِنا مُتشبثٌ بوضوح كتلتهِ، يمس غطاءَ مصباح السريرِ يجسُّ تكتكةَ الثّواني في سكوتِ مُنَبِّهٍ كُنّا ضبطنا عقربيه على تمام السابعة، ويمرُّ في مُستقبلِ اللّذات، يلدغُ ما نَويْنا أن نحققهُ غداً، أو بعد شهرٍ، أو سنة، وسيلدغ النغماتِ وهي تلملمُ الغنماتِ للرّاعي وتسقطُ نايهُ العرقانَ عن شفتيهِ، يلدغُ كفَّ جرأتِنا على أيامِنا، ووقاحةَ استعدادِنا لِلفوزِ، يلدغ دميةَ الدبِّ التي في حضنِ ليلى واعتيادَ الأمِّ أن تصحو على قلقٍ جديدٍ / كي تليقَ بها أُمومتُها، ويلدغ ما على ظهر الفكاهةِ مِن نُدوبٍ لا تراها العينُ، يلدغُ ما على شفةِ المُراهقِ من ذهولِ القُبلةِ الأولى، ويلدغُ ما نخبئُ من سلاحٍ دامعٍ أو مضحكٍ ضِدَّ المخبّأ من مصائرنا، ويلدغ ثنيةَ الكمِّ الذي انحسرَ اللحافُ - الآنَ - عنهُ، وبُقعةً من شمسنا اندفعتْ من الشُّباكِ وانكسرَتْ على حَرْفِ السَّريرِ، وقطة النَّعَس التي استرختْ على آذار شرشفنا، ويلدغُ خطنا الكوفيَّ في إفريز متحفنا، ويلدغُ ما حفظنا أو نسينا من مراثينا، ويلهثُ في انتظار جميع من لم يولدوا هو عقرب في البيتِ قرب وسادة العمر القليلِ، وسادتي، ووسادتكْ. لم يُبقِ أعظمَ من "صباح الخيرِ" معجزةً / تُلامِسُها، على خَدَرٍ، "صباح النورِ" واطمئناننا الغالي / لبكرجِ قهوةٍ يغلي، على مهلٍ، وفنجانينِ، / شُكراً للحياة، أمامنا يومٌ قويٌّ آخر، يوم قليلٌ آخرٌ سنجر كل دقيقةٍ من صُبحهِ ومسائِهِ كالثَّورِ في شبقِ الحراثة، ثمَّ نزرع كوكبَ اللّهِ الصغير بما سنتركُ فيهِ من وردٍ، ومن حُزنٍ فشكراً للحياة، الآن، / من شبرٍ الى شبرٍ نحاوِلها / وشكراً للحياة!