علمت "الحياة" من مصدر إيراني مطلع أن تأجيل زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران جاء بناء لطلب سوري، رافضاً الافصاح عن أسباب التأجيل. وتضاربت التكهنات بشأن "إلغاء" الزيارة المقررة ليوم امس الاربعاء، ففيما أكدت مصادر رسمية سورية أن الموعد لم يكن دقيقاً، اكدت مصادر ايرانية ان الموعد كان مقرراً منذ الاسبوع الماضي وان أجندة اللقاءات كانت "منظمة وجاهزة". وحصل هذا التطور في ربع الساعة الأخيرة، ففاجأ الأوساط السياسية والإعلامية في إيران. وأوحت مصادر ايرانية ل "الحياة" بأن التأجيل السوري جاء بعيد محادثات أجراها وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في تركيا، علماً بأن رئيس الوزراء التركي عبدالله غل زار طهران الأحد الماضي، وتسربت معلومات إلى الصحافة الإيرانية بأنه "دعا المسؤولين الإيرانيين إلى التعاون مع الائتلاف الدولي ضد العراق، لأن معارضة الخطة الأميركية القائمة على حتمية ضرب العراق ستكون عديمة الجدوى". وكانت الخارجية الايرانية أكدت الأحد الماضي زيارة الأسد لطهران، وان الملف العراقي في صلب محادثات كانت ستشمل كبار المسؤولين، وعلى رأسهم مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي والرئيس محمد خاتمي. ويتوقع المراقبون مسارعة الجانبين، الإيراني والسوري، إلى احتواء الأجواء التي ظهرت ملبدة بينهما لئلا تتعدى كونها مجرد سحابة صيف، نظراً لحاجة كل طرف إلى الآخر وحساسية الظرف الاقليمي المتعلق بالعراق وتداعيات أي حرب أميركية ضده على ملف الصراع مع إسرائيل. ويصب في هذا الإطار ما أعلنته الخارجية السورية عن "عدم دقة وسائل الإعلام في تحديد موعد الزيارة"، وتأكيدها أن "العلاقات مع إيران ودية وممتازة". وتعارض إيران أي عمل عسكري ضد العراق، لكنها اعلنت إنها لا تقف إلى جانب العراق وفقاً لما أكده كمال خرازي وزير الخارجية الإيراني أمام البرلمان، وفي رده على سؤال متعلق بزيارة قام بها إلى طهران في أيلول سبتمبر الماضي وزير الخارجية العراقي ناجي صبري. وقال خرازي إن إيران "لا تقف إلى جانب العراق، لكنها تحاول من خلال مشاورات مع دول أخرى وممارسة ضغوط على بغداد كي تدفعها إلى التعاون بشكل كامل مع الأممالمتحدة لتجنب حرب مأسوية". واعادت المصادر الايرانية في دمشق سبب تأجيل الزيارة الى وجود "اشكالية بروتوكولية" تتعلق بتحديد توقيتها. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية السورية ان "ما تناقله بعض وسائل الاعلام أخيراً عن موعد رسمي لزيارة الرئيس بشار الأسد الى طهران لم يكن دقيقاً على رغم ان الزيارات بين المسؤولين في سورية وايران قائمة على مختلف المستويات وعلى اعلاها وهذا طبيعي بالنظر الى العلاقات الودية والمتميزة بين البلدين". واكد ان "التنسيق والتشاور قائمان بين البلدين في كل الأمور ذات الاهتمام المشترك والتطورات الاقليمية والدولية". ويذكر أن إيران كانت اقترحت، قبل أكثر من شهرين، عقد قمة تضمها والمملكة العربية السعودية وسورية وتركيا ومصر والأردن، للبحث في إيجاد مخرج سلمي لقضية العراق. وأفادت مصادر عربية مطلعة "الحياة" أن القاهرة أبدت تحفظاً، مفضلة أن يظل البحث في مثل هذا الحل في إطار عربي. وقالت المصادر أن الوزير الشرع جدد طرح الاقتراح الإيراني، بناء على طلب طهران، في المجلس الوزاري العربي الذي عقد في القاهرة الخريف الماضي، لكن القاهرة جددت تحفظها. وأرجىء البحث في الاقتراح أثناء الانتخابات التركية. ونفى وزير الخارجية المصري احمد ماهر، في تصريحات امس، انباء تحدثت عن اجتماع سيعقده وزراء خارجية مصر والسعودية وسورية بمشاركة عدد من وزراء خارجية دول اسلامية. ولم تستبعد المصادر أن تكون الديبلوماسية المصرية تحركت أخيراً للحد من الدور الذي تلعبه طهران في الملف العراقي، خصوصاً أنها كانت الطرف الأساس، مع الأميركيين بالطبع، في المؤتمر الذي عقدته المعارضة العراقية أخيراً في لندن، وسُجل فيه غياب عربي صارخ. وتساءلت عن دور محتمل للقاهرة وربما لعواصم عربية أخرى في التمني على الرئيس الأسد تأجيل زيارته للجمهورية الاسلامية.