قرر وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي تأجيل زيارته الى روسيا متذرعاً بأسباب "فنية". وتوقعت مصادر مطلعة ان يكون السبب الحقيقي رفض الكرملين ترتيب لقاء خرازي مع الرئيس فلاديمير بوتين في وقت يوجد وفد اميركي برئاسة وكيل وزارة الخارجية جون بولتون في موسكو. ولم يستبعد خبراء روس ان يكون الإيرانيون أبدوا انزعاجهم من نية موسكو تقليص التعاون العسكري مع طهران. وكان مقرراً ان يصل وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي الى موسكو في الساعة العاشرة من مساء اول من امس، ولكن الموعد ارجئ اربع مرات وتحدثت مصادر ديبلوماسية عن "اسباب فنية" قالت ان بينها "عدم الاتفاق على عدد من بنود الأجندة". وعلى الصعيد الرسمي صدرت تصريحات متناقضة، إذ ذكرت وكالة انباء "ايتار تاس" الرسمية ان التأجيل قرار ايراني اتخذ "من دون توضيح الأسباب او تحديد موعد جديد". ونقلت وكالة "انترفاكس" عن السفارة الإيرانية في موسكو أن "الوقت غير مناسب" ثم اعلنت السفارة أن "الزيارة ستتم في اقرب وقت". وجاء في بيان مقتضب لوزارة الخارجية الروسية ان التأجيل تم "باتفاق الطرفين ... وسيحدد موعد جديد عبر القنوات الديبلوماسية"، في حين ان وزارة الخارجية الإيرانية كانت اكثر وضوحاً بتأكيدها ان التأجيل تم بسبب "عدم حدوث تنسيق في شأن برنامج لقاءات خرازي". ونسبت وكالة "فرانس برس" الى مصدر حكومي ايراني قوله ان "مستوى اللقاءات لم يكن مرضياً" لإيران، في تلميح الى أنه لم يتم ترتيب لقاء بين خرازي وبوتين. ولفت خبير في الشؤون الإيرانية تحدثت إليه "الحياة" الى ان خرازي كان مفترضاً ان يصل موسكو مساء الاثنين. وأعلن عن اجتماعه بنظيره الروسي ايغور ايفانوف يوم الأربعاء فيما لم يعلن رسمياً عن اي لقاءات يوم الثلثاء. وتوقع المصدر ان يكون الإيرانيون "وعدوا بلقاء على مستوى رفيع في هذا اليوم ولكن آمالهم خابت" فقرروا الإعراب عن استيائهم بتأجيل الزيارة، وذلك في خطوة مماثلة لما قام به نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز الذي كان غادر موسكو غاضباً، احتجاجاً على رفض الجانب الروسي تنظيم اجتماع بينه وبين بوتين. ولم يستبعد الخبير ان يكون بين اسباب تأجيل الزيارة حرص الإيرانيين على ألا تتزامن مع وجود وكيل وزارة الخارجية الأميركية جون بولتون في موسكو. ويذكر ان بولتون يبحث في إعداد وثائق لقمة بوتين - بوش التي ستعقد في روسيا في ايار مايو المقبل. ولفت الانتباه ان اجتماعاً طارئاً عقد بين السفير الإيراني غلام رضا شافعي ونائب وزير الخارجية الروسي غيورغي محمدوف وهو مسؤول عن ملف العلاقات مع الولاياتالمتحدة. واستخلص المراقبون ان تأجيل زيارة خرازي قد تكون له صلة بالعلاقة داخل "المثلث" الروسي - الأميركي - الإيراني، وتحديداً بطلب واشنطن تقليص او حتى وقف صادرات انواع معينة من الأسلحة الى طهران ووقف التعاون النووي معها. وكان هذان الملفان بين مواضيع عدة تقرر بحثها اثناء زيارة خرازي التي كان يفترض ان تستمر بومين وتناقش خلالها ايضاً مواضيع تتعلق بأفغانستان والعراق والشرق الأوسط والقوقاز وبحر قزوين الى جانب العلاقات الثنائية. ويعيد المراقبون الى الأذهان ان طهران كانت قامت بخطوة مماثلة في اواخر الصيف الماضي حينما قررت تأجيل زيارة وزير الدفاع الأميرال علي شمخاني الى موسكو لتحاشي تزامنها مع وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون في العاصمة الروسية. ويجمع المحللون على ان موسكو ترغب في استرضاء الولاياتالمتحدة التي أدرجت ايران في قائمة "محور الشر". وأشارت صحيفة "فريميا نوفوستي" الى أن واشنطن ربما لم تكن مرتاحة لوصول خرازي في اول زيارة يقوم بها مسؤول رفيع المستوى من دول "المحور" الى روسيا. وتحدث مراقبون عن انزعاج موسكو من إعلان خرازي في وقت سابق ان الرئيس بوتين سوف يزور طهران في النصف الأول من العام الحالي. ويقول خبير روسي ان الاتفاق المبدئي على الزيارة كان تم قبل 11 ايلول سبتمبر. وأضاف ان "تغيرات كثيرة يمكن ان تحصل".