نفذ الاتحاد العمالي العام أمس في بيروت تظاهرته الموعودة احتجاجاً على السياسة الضريبية للحكومة، لكنها لم تكن في الحجم الذي أعطيت تحضيراً الا لناحية التدابير الأمنية. ومع ذلك فان رئىس الاتحاد غسان غصن الذي جال على كل القوى السياسية بمن فيها رئىسا الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري، ما عدا رئىس الحكومة رفيق الحريري، عبّر عن رضاه بهذه المشاركة على رغم ان "الذين عزمناهم دعوناهم لم يأتوا بل أتى من يمثلهم". فرجال الشرطة والجنود كانوا يُعدون بالمئات اضافة الى آلياتهم وسيارات الدفاع المدني والاطفاء، بينما لم يتجاوز عدد المتظاهرين الذين انطلقوا من ساحة البربير في اتجاه السرايا الكبير والمجلس النيابي الألفين، وهم يمثلون قوى سياسية ونقابية لم تعدل عن المشاركة كما فعل كثر في اللحظة الأخيرة ك"حركة التجدد الديموقراطي" برئاسة النائب نسيب لحود ونواب "كتلة قرار بيروت" التي يترأسها رئىس الحكومة رفيق الحريري بعدما ألغت لجنة المال والموازنة النيابية بنوداً ضريبية أرضت الموظفبن والمتقاعدين وكذلك الاساتذة الذين علقوا اضرابهم وشاركوا في التظاهرة رمزياً. تقدم التظاهرة الى جانب قيادة الاتحاد العمالي، نواب حركة "أمل": أيوب حميد وعلي حسن خليل وعلي خريس، و"حزب الله": محمد رعد وعبدالله قصير وعلي عمار، و"الحزب التقدمي الاشتراكي": أكرم شهيب وعلاء الدين ترو، والأمين القطري لحزب "البعث العربي الاشتراكي" عاصم قانصو، ورئىس "التنظيم الشعبي الناصري" اسامة سعد، ورئىس حزب الكتائب اللبنانية كريم بقرادوني ورئىس الحزب "السوري القومي الاجتماعي" جبران عريجي وسواهم. مناصرو هذه الأحزاب رفعوا أعلامها الا "حزب الله"، وكذلك هتف كل منهم لحزبه وزعيمه. فشباب "أمل" راحوا يهتفون ب"الروح بالدم نفديك يا نبيه" بري، و الشيوعيون هتفوا "ايه يللا احزاب السلطة برا". والمفارقة ان من الاحزاب المشاركة في الحكومة والتظاهرة حركة "أمل" و"القومي" و"الاشتراكي". والهتافات كانت تصدر في آن واحد، وبينها هتافات ضدّ الحكومة منها "لنحمل ما عاد فينا الضرايب عم تهرينا" و"يا سنيورة ما لك عنا، ضب ثيابك وارحل عنا" وزير المال فؤاد السنيورة. واللافتات التي رفعت كانت ضدّ مشروع الموازنة والحكومة معاً، ومنها "لا لمشروع الموازنة ولا لسياسات الضرائب" و"أين الخطة الاقتصادية - الاجتماعية والحلول الموعودة؟" و"كفى تجويعاً للشعب يا سنيورة" و"أيها الحكام يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم". وفي ساحة رياض الصلح، حيث تجمع المحتشدون تحدث غصن، موضحاً ان "التظاهرة ليست للاحتجاج على بعض بنود الموازنة المجحفة في حق العمال فحسب، بل على السياسة الضريبية التي تستهدف العمال والفقراء". وقال: "انها من أجل نظام ضريبي عادل وحماية الضمان الاجتماعي والعمال وحقوقهم المكتسبة". وهدد ب"أضرابات عامة مفتوحة وتظاهرات واعتصامات، اذا لم تتراجع الحكومة عن سياستها الضريبية". وأعلن "اللقاء النيابي الطرابلسي" الذي يضم النواب عمر كرامي ومحمد الصفدي ومحمد كبارة وموريس فاضل تأييده لمطالب الناس وحقهم في التظاهر، مطالباً ب"اعادة نظر شاملة بالسياسة الضرائبية لتوزيع هذا العبء على شرائح المجتمع في صورة عادلة". واعتبر ان ذلك "يقتضي قيام حكومة تتمتع بالانسجام وتمتلك رؤية اقتصادية - اجتماعية وتلتزم برنامج اصلاح مالياً وادارياً وتحظى بثقة الناس". في المقابل شن "المنبر الديموقراطي" هجوماً على التظاهرة. وقال في بيان "ان المهزلة المأساة تبلغ درجة قصوى من السخرية المرة، فتحت لافتات الاتحاد العمالي العام، تعانق في شوارع العاصمة القاهرون والمقهورون والمفقرون والمفقَّرون في تظاهرة أشبه بسيرك يموه الحقائق الاجتماعية ويزور الهويات السياسية". ودعا الطبقة العاملة الى "تصويب مسار الاتحاد العمالي".