طغت الرايات الحمر وقبعات تشي غيفارا على التظاهرة العمالية التي انفرد في تنفيذها الاتحاد الوطني لنقابات العمال، على رغم قرار الاتحاد العمالي العام تعليقها مع الاضراب إثر توصله الى اتفاق مع رئيس الحكومة رفيق الحريري على تحقيق بعض المطالب أقر مجلس الوزراء، ليل أمس، مطلب رفع بدل النقل الى ستة ألاف ليرة. وحملت التظاهرة التي شارك اكثر من الف شخص فيها طابعاً سياسياً، الى جانب طابعها العمالي. واستعان المتظاهرون بأسلوب "نظرائهم" الأرجنتينيين في الاحتجاج على الأزمة المالية والاجتماعية بالقرع على الطناجر، وبراميل الزيت والصواني. وكانت التظاهرة انطلقت بمواكبة من قوى الأمن الداخلي من الكولا باتجاه البربير - البسطة - ساحة رياض الصلح، حيث كان في انتظارها عشرات العناصر من فرقة مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي والجيش الذين اقفلوا الشوارع المؤدية الى السرايا مقر رئيس الحكومة. واستقدمت القوى الأمنية سيارات الإطفاء، لكنها لم تستخدمها لتفريق المتظاهرين الذين اكتفوا بإطلاق الهتافات ضد السلطة والحكومة ورئيسها، وطالبوا في اللافتات التي رفعوها بحماية اليد العاملة اللبنانية وإلغاء الضريبة على القيمة المضافة ورفض الخصخصة وحماية الإنتاج اللبناني ووقف الهجرة. ومن الهتافات التي أطلقوها "جينا نقول يللي عنا لقينا العسكر اكتر منا". وغنوا لزياد الرحباني "اسمع يا رضا" ولفنانين شيوعيين عرب. وغلب العنصر الشبابي على المشاركين في التظاهرة، وابتكر الطلاب اساليب جديدة فحملوا اكياساً صغيرة حوت كسرات من الخبز، وزعوها على المواطنين. واستشهد آخرون بأقوال للرئيس الراحل جمال عبدالناصر في كتابة قصاصات تحدثت عن حرية لقمة العيش وضمانها. وشارك مقعدون بحمل لافتات تطالب بتخصيصهم ب3 في المئة من الوظائف في القطاعين العام والخاص وتعويضهم البطالة بنسبة 75 في المئة من الحد الأدنى للأجر. وضمت التظاهرة اضافة الى الاتحادات الستة المنضوية في الاتحاد المنظّم وروابط الأساتذة الجامعيين والمعلمين في القطاع العام، قوى سياسية تمثّلت بالحزب الشيوعي وحركة الشعب والتنظيم الشعبي الناصري والحزب الديموقراطي الشعبي والتجمع الوطني للإنقاذ والتغيير. وكان رموز هذه الأحزاب في صفوف المتظاهرين وهم: فاروق دحروج وجورج حاوي اللذان واكب كل منهما مجموعته داخل الحزب الشيوعي ونجاح واكيم وأسامة سعد ونزيه حمزة. وإذا كان الحزب التقدمي الاشتراكي الممثل بجبهة التحرر العمالي عزف عن المشاركة رسمياً، فإن عدداً من انصاره شاركوا من دون لافتات خاصة بهم. واستمر تجمع المتظاهرين نحو نصف ساعة ليتفرقوا بعدها بسلام. وكان الاضراب شل بعض فروع الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية ولم يطل قطاعات مهنية. على صعيد آخر، حسم رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن "التأويلات في اطار التحليل والاجتهاد، عن الاتفاق مع الحريري الذي يعطي العمال بعض حقوقهم في مقابل اعفاء المؤسسات العامة والخاصة من متأخرات الاشتراكات للضمان الاجتماعي" .فنقل عن الحريري تأكيداً حاسماً "ان هذا الأمر ليس مطروحاً على جدول اعمال مجلس الوزراء ولا من خارجه".