أعلن رئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" السوداني المعارض ترحيبه بكل الجهود التفاوضية الجارية بين الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" للتوصل الى اتفاق سلام في السودان، لكنه شدد على ان "عزل القوى السياسية الرئيسية عن هذا الشأن الوطني المهم، لن يفضي الى تحقيق السلام". وفي الإطار نفسه، عقدت هيئة قيادة "التجمع" اجتماعاً في القاهرة حذرت خلاله الحكومة السودانية من الاستمرار في استخدام قانون الطوارئ في البلاد. وفي موازاة ذلك، قللت الحكومة من اعتزام "الحركة الشعبية" تقديم شكوى الى الوسطاء في المفاوضات معها احتجاجاً على تهديد الرئيس عمر البشير بفرض السلام عبر "القوة والبندقية". اكد رئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" السوداني المعارض رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي السيد محمد عثمان الميرغني ان "التجمع الوطني" لم يغلق باب الحوار مع النظام الحاكم في السودان، وقال لمناسبة الذكرى السابعة والاربعين لاستقلال السودان التي تحل اليوم ان "التجمع استجاب كل المبادرات المطروحة على الساحة، وظل ينادي بضرورة جلوس كل ابناء الوطن الى طاولة التفاوض بعيداً عن الاستقطاب والتدويل كي يضعوا بأنفسهم حداً للاحتراب، ويتوصلوا الى السلام العادل الذي يصون حقوق الجميع، ويرضي تطلعاتهم ويحقق امانيهم، الا ان النظام لم يستجب هذه النداءات". واشار الميرغني الى "متابعة التجمع عن كثب المفاوضات التي تجري في العاصمة الكينية، وفي عواصم اخرى، بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان، في اطار مبادرة السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف ايغاد، ومع ترحيبنا بكل ما من شأنه ان يحقق السلام والحرية والديموقراطية في السودان، إلا أننا نود ان نؤكد على ان عزل القوى السياسية الرئيسية عن هذا الشأن الوطني المهم لن يفضي الى تحقيق السلام الذي نتطلع اليه جميعاً". وطالب الميرغني باشراك التجمع والقوى السياسية الفاعلة، حتى يتم التوصل الى الاجماع الوطني المطلوب، مشدداً على "ان اي اتفاق لا يعززه اجماع وطني مآله التصدع والانهيار". قانون الطوارئ الى ذلك، عقد أعضاء هيئة القيادة والمكتب التنفيذي ل"التجمع الوطني"، الموجودين في القاهرة اجتماعاً برئاسة نائب رئيس "التجمع" الفريق عبدالرحمن سعيد، أول من أمس، وصرح الناطق الرسمي باسم "التجمع" حاتم السر علي بأن الاجتماع عرض قضايا عدة، من ضمنها خطة التحرك الديبلوماسي للتجمع في المرحلة المقبلة وسبل دفع عملية تحقيق السلام في السودان. وقال إن "الاجتماع حذر نظام الخرطوم من مغبة التمادي في استخدام قانون الطوارئ لتكميم الأفواه ووضع قيود على حرية التعبير في انتهاك صارخ لكل العهود الدولية ومواثيق حقوق الإنسان"، مشيراً إلى "قرارات جهاز أمن النظام حظر صحيفة الوطن وإغلاق الدار التي تصدرها، إضافة إلى تكرار ظاهرة مصادرة الصحف اليومية". وأضاف ان الاجتماع "دان قرارات مجلس الوزراء بتشريد عدد 1200 من موظفي هيئة الإذاعة والتلفزيون"، مؤكداً ان ذلك "انعكاس لتخبط النظام وتبدل اجندته وتسييسه لأجهزة الإعلام القومية لخدمة خطابه السياسي المتناقض والذي يسعى للحفاظ على سدة الحكم". شكوى قرنق على البشير من جهة اخرى، قللت الحكومة السودانية من اعتزام "الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي يتزعمها جون قرنق تقديم شكوى ضدها الى وسطاء "ايغاد" احتجاجاً على تهديد الرئيس عمر البشير بفرض السلام عبر "القوة والبندقية" في حال فشل خيار التفاوض. واعتبرت "الحركة الشعبية" تصريحات البشير وقادته واستمرار حكومته في التعبئة والاستنفار وارسال المقاتلين الى مناطق العمليات خرقاً لاتفاق تمديد الهدنة بين الطرفين الى آذار مارس المقبل، الذي وقعه الطرفان في نيروبي في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. ويدعو الاتفاق الى وقف الحملات الاعلامية والعسكرية، واكدت اعتزامها تقديم شكوى ضد الخرطوم الى "ايغاد" التي ترعى المحادثات بين الطرفين. لكن عضو وفد الحكومة المفاوض الدكتور أمين حسن عمر قال ان "الحركة" تحاول ايجاد مخرج لنفسها من الحرج الذي أصابها بعد رفض زعيمها قرنق لقاء النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه الخميس الماضي في لاغوس، موضحاً انه لا يرى غرابة في حديث البشير الذي حذر فيه من أن "السلام آتٍ بالبندقية اذا فشلت المفاوضات". وتابع: "فشل التفاوض يفتح الباب امام الطرق الأخرى". وذكر وكيل الخارجية مطرف صديق ان الحكومة السودانية لم تتلق ما يفيد عن شكوى "الحركة"، واذا وصلها فسترد عليها وتوضح موقفها. تأجيل المفاوضات؟ الى ذلك، يتوقع ان تتأجل الجولة المقبلة من المحادثات بين الحكومة و"الحركة الشعبية" في بلدة مشاكوس الكينية المقررة في 6 كانون الثاني يناير الجاري، بسبب التحول السياسي في كينيا بتنحي الرئيس السابق دانيال اراب موي وفوز مرشح المعارضة مواي كيباكي في الانتخابات الرئاسية. وقال مستشار الرئيس لشؤون السلام الدكتور غازي صلاح الدين ان حكومته لم تتلق ما يفيد بموعد انعقاد جولة المحادثات الجديدة الذي كان محدداً في السادس من الشهر الجاري، وذلك بسبب الانتخابات الكينية وما يرافقها من اجراءات انتقال السلطة الى كيباكي. موضحاً انه ليس هنالك ما يدعو الى الاعتقاد بأن التحول السلمي في القيادة الكينية سيؤثر سلباً على جهود السلام، مشيراً الى ان حكومته سترسل مبعوثاًَ الى نيروبي بعد الاتفاق على موعد مناسب. ولا تزال الحكومة تدرس اقتراحات عرضتها القيادة الكينية في شأن عقد محادثات منفصلة لحل قضايا المناطق المهمشة الثلاث جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وابيي في 15 كانون الثاني الجاري، وينتظر ان تعقد المحادثات برعاية كينيا وليس "ايغاد"، لكن الوسيط الكيني الجنرال لازاراس سيمبويو هو الذي سيشرف عليها، ويتوقع ان تتأجل المحادثات الى موعد لاحق بسبب تغيير القيادة الكينية. على صعيد آخر، يفتتح الرئيس البشير اليوم أول مطار دولي في مدينة ملكال في جنوب البلاد في حضور وزير الاعلام المصري صفوت الشريف والأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي السوري عبدالله الأحمر. وتنظم الحكومة السودانية اليوم احتفالاً لمناسبة مرور 47 عاماً على استقلال البلاد يشارك فيه يضم الشريف ووزير الشباب والرياضة علي الدين هلال، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب مصطفى الفقي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية ومجلس الشورى محمد بسيوني.