الخرطوم - "الحياة" - بدأت أمس في بلدة مشاكوس قرب العاصمة الكينية نيروبي المفاوضات المباشرة بين وفدي الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي يتزعمها الدكتور جون قرنق وسط اجواء من التفاؤل بقرب التوصل الى اتفاق سلام نهائي يضع حداً للحرب الأهلية المندلعة في جنوب السودان منذ العام 1983. فيما توقع الرئيس السوداني عمر حسن البشير في تصريحات صحافية امس، احلال السلام في البلاد منتصف الشهر المقبل. وأمضى المفاوضون من الجانبين الأسبوعين الماضيين في مشاورات جانبية قادها الوسطاء الأفارقة والغربيون بهدف تقريب وجهات النظر حول القضايا التي لم تُحسم في برنامج المفاوضات وأبرزها تقاسم الثروة والسلطة والترتيبات الانتقالية والقضايا الأمنية والضمانات الدولية. وبحسب مسؤولين في وفدي التفاوض، فإن ملامح لاتفاقات اساسية تبلورت خلال فترة المشاورات على معظم البنود المطروحة، وأدت الى رفع سقف التفاؤل بإنجاز اتفاق سلام تاريخي بحلول الرابع عشر من ايلول سبتمبر المقبل، وهو الموعد المحدد لانتهاء هذه الجولة من مفاوضات السلام السودانية. وعلمت "الحياة" ان الخبراء المشاركين بطلب من الوسطاء طرحوا أوراقاً تحمل خلاصات للمشاورات الجانبية وجلسات العمل التي عقدت مع الطرفين كل على حدة، أمام المفاوضين للنقاش حولها. ومع تواتر أنباء عن خلافات على تقاسم الثروة التي يدخل النفط ضمنها، إلا أن رئيس الوفد الحكومي الى المفاوضات أبلغ مستشاريه انه متفائل وان المفاوضات تمضي من دون عقبات حتى الآن. الى ذلك رويترز، نقلت صحيفة "اخبار اليوم" السودانية عن الرئيس البشير قوله امام علماء مسلمين اجتمع معهم الاحد، "بحلول منتصف الشهر المقبل سيشهد السودان التوصل الى اتفاق دائم للسلام". لكنه قال ايضاً انه "لا يزال يتعين تذليل الصعوبات المتعلقة بوقف اطلاق النار والفصل بين قوات الجانبين... كما يتعين على السودان ان يبذل قصارى جهده لاعادة بناء الثقة التي دمرتها الحرب"، وحتى تكفل الخرطوم ان الجنوب لن يقترع بالموافقة على الانفصال في استفتاء يجري في المستقبل. وفي أوساط "الحركة الشعبية" قالت المصادر ان وفدها متفائل بالتوصل الى سلام رغم صعوبة بعض القضايا المطروحة للنقاش، مستندين الى ان الأجواء الإيجابية ستدفع الطرفين نحو تجاوز النقاط الصعبة. وفي العاصمة الكينية نيروبي نشطت اتصالات في اتجاه الترتيب لعقد اجتماع بين الوسطاء الذين يرعون عملية السلام و"التجمع الوطني الديموقراطي السوداني" المعارض الذي يتزعمه محمد عثمان الميرغني الاسبوع المقبل. ويسعى "التجمع الوطني"، وهو تحالف واسع لاحزاب المعارضة السودانية، الى المشاركة في مفاوضات السلام الجارية لضمان تحقيق حل شامل للقضية السودانية وبمشاركة واسعة تضمن استمرار السلام والنظام الديموقراطي القائم على تعددية حزبية في الشمال والجنوب. واجتمعت رموز معروفة بتوجهاتها القومية المستقلة في نيروبي امس وأول من أمس مع وفد رفيع المستوى من "الحركة الشعبية" وبحثت معه مقومات السلام الشامل الذي يتحقق بمشاركة كل القوى السياسية ويضمن التحول الديموقراطي الكامل. وتقود هذه الرموز التي تضم وزير الدفاع السابق عبدالماجد حامد خليل، ورئيس تحرير صحيفة "الأيام" السودانية المستقلة الاستاذ محجوب محمد صالح والدكتور التجاني الكارب والدكتور الطيب حاج عطية، جهوداً حثيثة في نيروبي من خلال تقديم المشورة المستقلة لطرفي التفاوض لضمان نتائج تصب في مصلحة السودان الموحد. وفي الخرطوم رحب حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالاجتماع الذي ترتب له اريتريا بين ممثلين للحكومة السودانية و"التجمع" المعارض، وقال الأمين العام للحزب الحاكم الدكتور ابراهيم أحمد عمر ان الوفد الحكومي مستعد للقاء التجمع وان الترتيبات متروكة للحكومة الاريترية. وكشف ان اتصالاً هاتفياً جرى بينه وبين زعيم "التجمع الوطني" محمد عثمان الميرغني، لكنه رفض الخوض في تفاصيل الاتصال. وردّ الأمين العام للحزب الحاكم على أنباء ترددت عن تحذير اميركي للحكومة السودانية بعقد أي لقاءات أو مفاوضات خارج اطار مبادرة "ايغاد"، بالقول انه "لا أحد يستطيع ان يحدد للحزب الحاكم مع من يتحاور أو مع من يلتقي"، وأضاف: "الحزب وحده هو الذي يحدد ذلك وليس أي جهة أخرى".