تأجل الى مساء اليوم اعلان نتائج التصويت المغربي بسبب تعقيد النظام الانتخابي، لكن النتائج الأولية غير الرسمية أظهرت تنافساً شديداً بين حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال على المركز الأول الذي يفترض ان يتحكم بتركيبة الحكومة المقبلة. اما الاختراق الواضح فهو الذي حققه حزب العدالة والتنمية الاسلامي، وعلى رغم انه لم يقدم مرشحين إلا في نحو ثلثي الدوائر إلا أنه تهيأ أمس ليكون الحزب الثالث في البرلمان الجديد. وفي الوقت نفسه حافظ التجمع الوطني للاحرار ليبرالي وحزب الحركة الشعبية امازيغ على وجودهما في عدد القوى السياسية البارزة راجع ص 8. ومع ان المعالم الرئيسية للخريطة السياسية لن تتغير بشكل جذري، كما تنبأ بعض التوقعات، إلا أن الدخول القوي للاسلاميين سيؤدي حتماً الى تغيير التحالف الحكومي. وفيما بدا حزب العدالة والتنمية مرشحاً كشريك مؤكد في الحكومة، إلا أن مصادره نفت أن يكون هذا الأمر قد حسم، وقالت ان قيادة الحزب ستناقش هذا الخيار في الوقت المناسب لتتخذ قراراً في شأنه. وكانت وزارة الداخلية المغربية بذلت بذلك جهداً كبيراً للبدء باعلان نتائج أولية ليل الجمعة - السبت، لكنها ما لبثت ان تيقنت من ضرورة التريث واكتفت فجراً بإعلان نسبة غير نهائية للمشاركة في الاقتراع، فوضعتها بين 52 و55 في المئة. وهي نسبة تعتبر ضعيفة ولم تكن متوقعة نظراً الى تأكيدات الأحزاب نفسها ان السلطة وقفت على الحياد ولم تتدخل. ففي الانتخابات السابقة كان التفسير المعطى لعدم اقبال الناخبين على التصويت شعورهم بأن النتائج ستكون مزورة، وإذ انتفى التزوير هذه المرة فإن الاقبال الضعيف عبّر عن خيبة أمل شريحة مهمة من الناخبين حيال حصيلة الحكومة الحالية. وقدم بعض المحللين شرحاً لاسباب صعود حزب العدالة والتنمية بأنه استطاع خصوصاً الاستفادة من عثرات الاشتراكي والاستقلال وسلبياتهما، فضلاً عن انه برهن عن تماسك وتنظيم، ثم ان قاعدته الانتخابية تحركت ولم تخذله على عكس قواعد الاحزاب الاخرى، واعتبر احد المحللين ان هذه الانتخابات تعاطت عملياً مع آخر ما تبقى من الماضي بالنسبة الى مختلف الاتجاهات السياسية". وتوقع ان تشهد الاحزاب التقليدية اليسارية والليبرالية مراجعات داخلية لمواجهة التحدي الذي فاجأها المجتمع به. وقبل اكتمال النتائج في وزارة الداخلية حصلت "الحياة" على ارقام شبه رسمية لتوزع 280 من اصل 325 مقعداً . وجاءت بالنسبة الى الاحزاب البارزة كالآتي: 50 للاتحاد الاشتراكي، 39 للاستقلال، 37 للعدالة والتنمية، 33 للاحرار، 21 للحركة الشعبية، 14 لكل من الاتحاد الدستوري والحركة الوطنية الشعبية. ووفقاً لهذه الارقام غير النهائية حصل حزب المؤتمر الوطني الاتحادي المنشق عن الاشتراكي على مقعد واحد. وقد شكّل سقوط عدد من الوزراء من اتجاهات مختلفة عنصراً لما سمّاه المحللون "تصويتاً عقابياً" للحكومة الحالية. لكن المؤكد ان هذا التوزع الافقي لمقاعد البرلمان سيبقي خيوط اللعبة في يد رأس الدولة الذي سيبدو كمن تحرّر من قيود كثيرة فرضتها عليه اللعبة السياسية التي صيغت في العهد السابق.