لندن، بغداد - "الحياة" حشدت الوفود العربية على مستوى وزراء الخارجية جهودها لاقناع الحكومة العراقية بالموافقة على اعادة المفتشين الى العراق كخطوة منفصلة عن مصير العقوبات وغير مرتبطة بشروط الضمانات. وخرج وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع عن النمط التقليدي الذي ميّز كلمات وزراء الخارجية العرب، حتى الآن، اذ ربط بين ملفي العراق واسرائيل لجهة تنفيذ قرارات مجلس الأمن واقتناء اسلحة الدمار الشامل محتجاً على "الإنحياز الأعمى والرؤية المشوهة لحقيقة الوضع في الشرق الأوسط". ولفت امس تصريح للمستشار السابق لشؤون الامن القومي الاميركي برنت سكوكروفت قال فيه ان الرئيس العراقي صدام حسين "مدرج على اللائحة التي اعدها اسامة بن لادن للاشخاص الذين يريد قتلهم". واضاف سكوكروفت، الذي كان ابرز المخططين لحرب الخليج ومن اقرب مستشاري الرئيس السابق جورج بوش الاب، في مقابلة مع شبكة "ان بي سي"، أن صدام "يطرح مشكلة جدية. ولكنه ليس مشكلة بسبب الارهاب". وكانت مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس اعلنت في وقت سابق لشبكة "فوكس" عكس ما قاله سكوكروفت، وقالت إن "من الواضح ان للعراق علاقات مع الارهاب بما في ذلك القاعدة". واشارت الى ان "عناصر من القاعدة شوهدوا في بغداد". وبدا كلامها مشابهاً لمعلومات نشرتها صحيفة "صنداي تلغراف" البريطانية، نقلاً عن مصدر مطلع على ملف ادانة العراق الذي سيعلنه رئيس الوزراء البريطاني يوم الخميس المقبل. وقالت الصحيفة ان اول نسخة غير نهائية للملف تتضمن معلومات مفصلة عن الطريقة التي تدرب بموجبها زعيمان في "القاعدة"، ابو زبير ورافد الفتاح، في معسكرات في العراق وانهما "لا يزالان على علاقة بالنظام العراقي". واضافت ان الملف سيكشف ايضاً ان صدام حسين اعاد بناء ثلاثة مصانع لانتاج اسلحة كيميائية وبيولوجية. ويتضمن اخيراً توضيحات عن البرنامج النووي العراقي وخصوصاً عن نشاطات سرية لمصنع انتاج اليورانيوم في القائم على بعد 256 كلم غرب بغداد. وأعلن وزير خارجية سورية في خطابه امام الجمعية العامة للأم المتحدة "لا نرى اي مبرر لإشعال حرب جديدة في الشرق الأوسط، ونعتقد جازمين بأن ضرب العراق الذي لم يعد يحتل أراضي الغير والسكوت عن استمرار الاحتلال الاسرائيلي لأراضي العربية منذ العام 1967". وقال ان "المخرج الذي تعيشه شعوب المنطقة يكمن في حمل اسرائيل على تنفيذ قرارات مجلس الأمن التي بلغ عددها 28 قراراً في الشهور الاخيرة، اذ لا يعقل ان يطالب العالم العراق باحترام قرارات مجلس الأمن، في حين يساعد البعض اسرائيل على ان تكون دولة فوق القانون الدولي". وجاءت مواقف سورية لتبرز اختلافاً في وجهات النظر العربية نحو الملف العراقي، اذ ان الأكثرية العربية شددت على ضرورة امتثال العراق للقرارات تجنباً لويلات على المنطقة وحرصاً على الأمن والسلم فيها. وطلب وزراء الخارجية العرب من وزير خارجية العراق السيد ناجي صبري نقل "الأجواء" الى القيادة. وقال رئيس الدورة الحالية للقمة العربية وزير خارجية لبنان السيد محمود حمود ان ما طُلب الى الوزير العراقي نقله "اننا نريد للعراق الاستقرار" وان "عودة المفتشين تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن ستساعد على فك هذا التأزم الموجود حول الموضوع العراقي". وزاد ان عودة المفتشين هي "نقطة أولى أو خطوة أولى مقدمة لتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن". وحسب حمود، قال الوزير العراقي أثناء الاجتماع "اننا نريد عودة المفتشين ليعود معهم السلام والأمن وتنتهي معاناة الشعب العراقي". لكن الحكومة العراقية تتمسك بموقفها المطالب بضمانات عدم توجيه ضربة عسكرية للعراق وبالتعرف الى مصير العقوبات بعد ان يلبي العراق مطالب المفتشين. وترفض الولاياتالمتحدة ايضاح الطريق الى تعليق ثم رفع العقوبات، تدعمها في ذلك بريطانيا. وليس معروفاً مدى اصرار روسيا على طرح هذه الزاوية في مداولات مجلس الأمن في شأن مشروع أو مشروعي القرار. وتزايد الكلام في أروقة الأممالمتحدة عن فكرة اميركية لإيفاد قوة حماية دولية لحماية المفتشين عند عودتهم الى العراق. ورفض وزير خارجية بريطانيا جاك سترو في حديث الى "الحياة" نصه ص 17، الاجابة صراحة عما إذا حدث تغيير في السياسة البريطانية نحو النظام في العراق علماً بأن المواقف البريطانية اختلفت في السابق عن المواقف الأميركية الداعية الى اسقاط النظام. وغضب سترو لدى الاصرار على ايضاح الموقف البريطاني الجديد، ورفض الاجابة عن السؤال. واستقبل الأمين العام كوفي انان أمس الأحد وزراء خارجية سورية وايران ومصر والبحرين في اطار بذل مساعيه لحشد الدعم لاقناع الحكومة العراقية بإعادة المفتشين. ومن المتوقع ان يستقبل انان اليوم الاثنين وزير الخارجية العراقي في لقاء له أهمية خاصة. وشملت لقاءات صبري، امس، وزيري خارجية روسيا وفرنسا والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. وتوقع وزير الخارجية الاميركي كولن باول أمس تحركاً سريعاً من المجتمع الدولي لادانة تحدي العراق قرارات مجلس الامن. واعرب عن امله في اتخاذ تدابير جديدة مطلع الاسبوع المقبل. وقال لبرنامج تذيعه محطة "ان.بي.سي" "يجب استكمال العمل في قررات مجلس الامن الجديدة في غضون اسابيع وليس شهوراً". أما رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني فتوقع بعد اجتماعه مع الرئيس جورج بوش هجوماً على العراق مطلع العام المقبل اذا واصلت بغداد منع دخول مفتشي الاسلحة. وكانت هذه اوضح اشارة حتى الان من احد زعماء العالم في شأن الجدول الزمني لاي تحرك ضد بغداد. واستبعد نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان حصول تغيير في موقف الادارة الاميركية من العراق حتى اذا وافق على عودة المفتشين، مضيفاً: "انهم يهدفون الى انهاء النظام، ولكنهم يتظاهرون أمام العالم بأن المسألة مسألة مفتشين وأسلحة دمار شامل مزعومة". وحذر رمضان الولاياتالمتحدة من تعرض مصالحها للخطر اذا ما استمرت في سياستها المعادية للعرب والمسلمين وانحيازها لاسرائيل. وكان نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز أكد ان بلاده مستعدة لقبول حل شامل ومتوازن يحقق مطلب مجلس الأمن بعودة المفتشين ويحفظ سيادة العراق وكرامته ويمنع العدوان عنه. وفيما اعلنت رايس ان الولاياتالمتحدة ستأخذ في الاعتبار انعكاسات الضربة المحتملة ضد العراق على اسرائيل، موضحة أن "من البديهي ان نتشاور بشأن الانعكاسات على اسرائيل اذا قرر الرئيس اعتماد الخيار العسكري"، اكد رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال موشي يعالون ان اسرائيل "على اتم استعداد" للتصدي لهجوم عراقي.