لمّح وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الى احتمال تغير لهجة لندن ازاء بغداد إذا وافق الرئيس صدام حسين على عودة مفتشي الأسلحة "من دون شروط"، في حين حضت روسياالأممالمتحدة على قبول عرض بغداد استئناف المحادثات، للاتفاق على أسس مراقبة التسلح العراقي بالتزامن مع تحقيق المطالب العراقية. لندن، واشنطن، نيويورك - أ ف ب، رويترز - قال الوزير جاك سترو ل"هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي: "اذا قال صدام نعم ووافق على ما يطلبه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من عودة المفتشين من دون شروط وقيود، وتمكينهم من القيام بعملهم، فإن المعطيات ستتغير". وفي تصريحات أبرزت الاختلاف مع الموقف الاميركي، قال سترو: "ما يهم الجميع هو التهديد الذي يمثله صدام حسين من حيث قدرته وسجله الأمني في المنطقة وأمن العالم". وفي حين جعل الرئيس جورج بوش إطاحة صدام في مقدم أولوياته، مؤكداً أن الرئيس العراقي يطور أسلحة للدمار الشامل و"لا بد من وقفه قبل ان يستخدمها ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها او تقديم بعضها الى جماعات ارهابية"، اعتبر سترو ان "العمل العسكري ما زال من الخيارات المحتملة، بسبب التهديد الذي يمثله صدام، ولكن إذا كانت هناك طريقة اخرى للتعامل مع هذا التهديد فإن مسألة العمل العسكري تتراجع". وزاد ان "بريطانيا سيسرها اذا اطيح بصدام، لكن الجزء الأساسي من عملنا هو اعادة مفتشي الاسلحة". وسئل هل هناك أي تحالف دولي سيؤيد العمل العسكري ضد العراق، فتجنب الرد بوضوح، وقال: "الموجود هنا اجماع دولي طاغ ضد ما يفعله صدام وما لم يتمكن من فعله في العراق". وأشار الناطق باسم الشؤون الخارجية لحزب "الأحرار الديموقراطيين" منزيس كامبيل إلى أن تصريحات سترو تعكس وجود "خلاف واضح بين الولاياتالمتحدةوبريطانيا، وتضع بريطانيا في موقف مغاير تماماً لموقف الصقور في ادارة بوش". وأضاف: "لا بد ان تقود الحكومة البريطانية الحملة لاجبار صدام على قبول دخول مفتشي الاسلحة، مع القدرة المطلقة على دخول أي منشأة يرغبون فيها". وكان الرئيس الاميركي أكد أول من أمس أن إدارته ستشاور الكونغرس وحلفاءها قبل أي تدخل ضد العراق، في محاولة لطمأنتهم في هذا الشأن. وقال في ختام اجتماع مع أبرز مستشاريه في مجال الامن القومي، عقد في مزرعته بتكساس ان "تغيير النظام في العراق من مصلحة العالم". واضاف: "انا صبور وسندرس كل الخيارات وكل التقنيات المتوافرة وكل الوسائل الديبلوماسية والاستخباراتية". وشدد على أنه يأخذ "بجدية كل التهديدات وسنستمر في مشاورة اصدقائنا وحلفائنا، وسنشاور أيضاً أعضاء الكونغرس"، مؤكداً أن صدام "لم يقنعه" بأنه لا يسعى إلى الحصول على أسلحة دمار شامل. وتابع بوش: "علينا ان نكون مستعدين لاستخدام جيشنا وكل الوسائل الأخرى التي نملكها لحماية السلام". لكنه أعلن أن مسألة شن هجوم على العراق "لم تبحث" في اجتماعه مع مستشاريه، مديناً "حمى التكهنات" في هذه القضية. في غضون ذلك، أكد وزير الدفاع دونالد رامسفيلد خلال تفقده القوات الاميركية في فورت هود تكساس ان بوش "لم يتخذ أي قرار في شأن تدخل اميركي في العراق"، موضحاً أن الأخير "يفكر في الأمر". وكان رامسفيلد شارك في الاجتماع الذي رأسه بوش بحضور مستشارة الرئيس لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس ورئيس اركان الجيوش الاميركية ريتشارد مايرز والمسؤول عن الدفاع المضاد للصواريخ في وزارة الدفاع الجنرال رونالد كاديش. ولم يحضر الاجتماع وزير الخارجية كولن باول. وفي آستانة، عاصمة كازاخستان، اعلن قائد القيادة المركزية للجيش الاميركي الجنرال تومي فرانكس انه يعمل لوضع "خيارات ذات صدقية لرفعها الى الرئيس" بوش تتعلق بتدخل عسكري في العراق. ولفت إلى أن الولاياتالمتحدة تريد "تغيير النظام" في بغداد، وانه بوصفه قائداً للقوات الأميركية في الخليج سيكون منهمكاً في الاستعدادات لتدخل عسكري محتمل. واضاف: "المهمة التي سأقوم بها في المستقبل هي وضع التحضيرات الضرورية كي نكون متأكدين من أن لأمتنا ... وحلفائها خيارات ذات صدقية يمكن ان ترفع الى الرئيس...". موقف روسي وفي مجلس الامن، دعا المندوب الروسي سيرغي لافروف الأممالمتحدة الى استئناف المحادثات مع العراق في شأن عمليات التفتيش عن الأسلحة، وكذلك المتطلبات الاخرى لرفع العقوبات الدولية عن هذا البلد أو تجميدها. لكن الولاياتالمتحدةوبريطانيا وبمساندة جزئية من المكسيك والنروج عارضتا اصدار رد ايجابي من مجلس الأمن أو من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، على العرض العراقي اجراء محادثات تمهيدية حول عودة المفتشين ومهماتهم. وبعد اثارة المسألة في مشاورات أجراها المجلس ليل أول من أمس، قال لافروف للصحافيين: "هذه خطوة بناءة والباب يجب ألا يغلق. يجب ان نتبادل وجهات النظر في المجلس ونقوي سلطة الأمين العام في مواصلة المحادثات الفنية من أجل تنفيذ كل القرارات". وأفاد ديبلوماسيون أن سورية أعربت أيضاً عن الموقف ذاته. وكان لافروف يشير الى رسالة بعث بها وزير الخارجية العراقي ناجي صبري إلى أنان، مجدداً دعوته خبراء الأممالمتحدة الى مناقشات في شأن عمليات التفتيش. ولم يدرج السفير الأميركي جون نيغروبونتي رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر الرسالة العراقية كبند رسمي في جدول الاعمال. وقال للصحافيين إنها "تكرار لمواقف سابقة تثير كثيراً من الشروط السياسية والأخرى غير المتصلة بالمسألة المعنية، وهي الاستئناف الفوري لعمليات التفتيش من دون شروط بهدف تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل". وأعرب عن اعتقاده بأن الرسالة "جزء من تكتيكات عرقلة من العراق لاستبدال المحادثات بعمليات حقيقية للتفتيش ونزع السلاح".