حذرت لندن الرئيس صدام حسين من "عواقب" رفضه عودة المفتشين، فيما حمل صدام بعنف على رئيس الوزراء البريطاني توني بلير متهماً اياه بأنه "ربط مصيره" بإسرائيل. في الوقت ذاته اعتبرت بغداد أن الحوار المتوقع غداً في نيويورك بين الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ووفد عراقي برئاسة وزير الخارجية ناجي صبري الحديثي، يشكل "فرصة ثمينة للمراجعة الشاملة لموضوع العلاقة" بين العراق والمنظمة الدولية، و"تسوية كل المشكلات العالقة". بغداد، لندن - أ ف ب، رويترز - أعلن مصدر في الحكومة البريطانية امس ان العراق سيكون في مقدم المواضيع التي يناقشها نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني مع رئيس الوزراء توني بلير في لندن الاسبوع المقبل. وكان بلير أكد قبل أيام انه سيعقد قمة خاصة مع الرئيس جورج بوش في واشنطن منتصف نيسان ابريل، للبحث في "خطر امتلاك العراق أسلحة دمار شامل". وتزامن تأكيد المصدر البريطاني أولوية الملف العراقي في محادثات تشيني - بلير مع تحذير وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أمس من "عواقب" رفض الرئيس صدام حسين عودة المفتشين الى بغداد. وقال الوزير في مقابلة نشرتها صحيفة "ذي تايمز" ان "التهديد الناجم عن العراق لا يخف، وصدام هو الوحيد بين طغاة العالم الذي يملك القدرة على استخدام أسلحة دمار شامل". وتابع سترو: "لا يمكننا ان نسمح لصدام بأن يشهر باستمرار مسدساً على جبين شعبه وجيرانه والعالم. ان جهوداً ديبلوماسية مكثفة ستتواصل وآمل بأنها ستسمح بالتوصل الى هدفنا القاضي بإزالة الخطر الذي تمثله أسلحة الدمار الشامل العراقية على البشرية ... لولا الضوابط التي فرضناها لكان صدام يمتلك الآن قنبلة نووية". واستدرك: "في حال رفض صدام فتح برنامجه للتسلح لعمليات التفتيش الدولية عليه ان يتحمل العواقب. ان أي قرار لم يتخذ بعد، ولكن لا يحق لأحد، خصوصاً صدام حسين، ان يكون لديه أي شك في تصميمنا" على الرد. يذكر ان بلير حض الأحد الماضي على تحرك دولي في ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل لدى العراق وان "لا يقف العالم متفرجاً كما فعل بالنسبة الى افغانستان" على مدى اكثر من عقد. وحذر وزير الدفاع البريطاني جيف هون الجمعة الماضي من ان بغداد ستواجه هجوماً "اذا واصلت انتاج أسلحة محظورة أو معارضتها عودة المفتشين". صدام و"مصير" بلير الى ذلك، نقلت صحف بغداد امس عن الرئيس العراقي قوله ان بلير "ربط مصيره بالكيان الصهيوني وافترض نفسه عدواً للعرب والعراق، لأنه يريد ان تكون اسرائيل سيدة عليهم". وكتبت صحيفة "بابل" ان رئيس الوزراء البريطاني "يمارس منهج التحريض السافر على العراق، ويصرح بامتلاكه مكونات أسلحة التدمير الشامل على أساس الافتراض وليس بموجب أدلة ثابتة، على خلاف موقف نظرائه الأوروبيين". واتهمت الصحيفة بريطانيا بأنها "دأبت على ممارسة التحريض ضد العراق"، مشيرة الى ان رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر هي التي "قرعت طبول الحرب لدفع ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الى الاسراع في شن العدوان على العراق" عام 1991. ورأت ان موقف بلير "لا يخرج عن التاريخ الاستعماري" لبريطانيا. وكان ناطق عسكري في بغداد أعلن ليل أول من امس ان المقاومات الأرضية العراقية تصدت الاثنين لطائرات اميركية وبريطانية كانت تحلق فوق شمال العراق، في اطار فرض منطقة الحظر الجوي. وفيما تصاعدت الاتهامات المتبادلة بين بغدادولندن، عشية لقاء الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان في نيويورك غداً وفداً عراقياً برئاسة وزير الخارجية ناجي صبري الحديثي، حضت بغداد انان على "عدم استجابة الضغوط الداعية الى جعل الحوار مقتصراً على نقطة واحدة" هي عودة المفتشين الدوليين. جاء ذلك على لسان رئيس لجنة العلاقات العربية والدولية في المجلس الوطني البرلمان سالم الكبيسي الذي قال ان الجولة الجديدة من الحوار تشكل "فرصة ثمينة للمراجعة الشاملة لموضوع العلاقة بين العراق والامم المتحدة وتسوية كل المشكلات العالقة". واضاف في تصريحات الى وكالة "فرانس برس" ان العراق "مستعد لمناقشة كل الأمور مع المنظمة الدولية، بعيداً عن التأثيرات الخارجية أو الشروط المسبقة"، مؤكداً ان بلاده تأمل بمناقشة "كل الأمور وليس مو ضوعاً واحداً محدداً". وتوقع ان تسعى واشنطن الى احباط الحوار بين بغداد وانان "لأنه لا يخدم مصالحها"، معبراً عن أمله ب"ألا يكون هناك مجال لأي تدخل من ادارة الشر الاميركية". ومعروف ان بوش كان صنّف العراق ضمن "دول محور الشر". وشدد الكبيسي على ان بغداد "لا تمتلك أسلحة دمار شامل وليست لديها نية انتاجها أو تطويرها". ولدى مغادرته الى نيويورك مساء أول من امس، عبر الوزير الحديثي عن أمله بأن يكون الحوار مع الأمين العام "جدياً نحو تحقيق ما يستحقه شعب العراق". وأشار خصوصاً الى "رفع الحصار ووقف العدوان ووقف نهب ثروات العراق، وتحقيق ما نصت عليه قرارات مجلس الأمن من رقابة وحظر تسلح في كل انحاء المنطقة" بما في ذلك اسرائيل. ولمحت صحيفة "بابل" الاثنين الى احتمال حصول تغيير في موقف العراق من مسألة عودة المفتشين، مشيرة الى انه "ربما يكون قول آخر" اذا حدد برنامج زمني لعملهم يعقبه رفع الحظر عن العراق. لكن صحيفة "الثورة" كررت امس ان هدف المطالبة بعودة التفتيش هو "التجسس على العراق من داخله وافتعال الأزمات للعدوان عليه وإبقاء ملفات الأسلحة مفتوحة".